رغم أننى من المتحمسين لطريقة أوباما، ورغم أننى انتقدت من لا يريدون الاعتراف بأن هناك تغيرا ما ربما يحدث فى السياسات الأمريكية.. ولكن فوزه بجائزة نوبل للسلام أصابنى بصدمة، فالحقيقة أنه على أرض الواقع لم يقدم ما يستحق أن يحصل به على أى جائزة.
فحتى الذين منحوه هذه الجائزة بالإجماع وصفوا اختياره لصحيفة اللوموند الفرنسية بأنه «جرىء» و«متهور». ربما لأنهم يدركون أنها مجرد نوايا، فلجنة نوبل قالت إن حيثيات اختيارها له هى إعلانه التخلى عن الدرع الصاروخى فى بولندا وجمهورية التشيك، بعد أن كان مصدرا لتوتر العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، بالإضافة لدعوة أوباما للحوار مع العالم الإسلامى، ونهجه الجديد بشأن مسألة التغير المناخى، بالإضافة إلى إعادة توجيه السياسة الخارجية الأمريكية، التى تميل اليوم إلى الانفتاح، ولكن كل ذلك ما زال حبرا على ورق.
ومع كامل الاحترام لرأى اللجنة، فالكوارث التى تركتها إدارة جورج بوش المتطرفة ما زال العالم يعانى منها حتى الآن، على سبيل المثال ما زالت الأوضاع سيئة فى أفغانستان والعراق.. ولم يتم التوصل لحلول للكثير من الأماكن الملتهبة فى العالم مثل إيران وكوريا الشمالية.. ناهيك عن أن فظاعة الاحتلال الصهيونى لفلسطين الذى لم تنته انتهاكاته حتى الآن.. ولم يصدر من الإدارة الأمريكية حتى الآن غير التصريحات، أهمها الموقف المناهض للمستوطنات، ولكن هذا كله ما زال فى إطار الكلام وليس الضغوط الحقيقية التى تؤدى إلى نتائج على الأرض، فالمستوطنات لم يتوقف بناؤها، ولديك ما حدث فى المسجد الأقصى، والمحاولات المستميتة من جانب إسرائيل لتخريبه والصمت الأمريكى الغريب.
ما أقصده باختصار أن خطاب أوباما السياسى رغم ايجابياته ورغم حماسى له، لابد أن يكون مرتبطا بإنجازات على أرض الواقع تؤدى إلى اتفاق سلام حقيقى يوصل إلى دولة فلسطينية حقيقية. ولكن ربما أرادت اللجنة تحفيزه للمضى قدما فى تحقيق نواياه، وربما أرادت دعمه فى الحرب الشرسة التى يشنها خصومه ضده داخل الولايات المتحدة، وربما وربما، ولكن فى النهاية أظن أن ما يهمك مثلى هو الأفعال.
هذا لا يعنى على الإطلاق أن نظل منتظرين لما يفعله أوباما وإدارته.. ولكن علينا أن نبادر بالكثير من الخطوات، أهمها ضرورة إنهاء الانقسام الفلسطينى الذى خرب ويخرب التوصل لأى حلول من أى نوع، بل هو أكبر تكأة للإسرائيليين لوقف أى جهود تسوية من أى نوع.
لست متعاطفا مع التصريح الذى أدلى به أوباما مؤكدا أنه لا يستحق الجائزة، وفى ذات الوقت أقدر صعوبة أن يرفضها.. ولكنها فى كل الأحوال أول جائزة يحصل عليها إنسان فى العالم عن نواياه، وليس أفعاله، حسب تعبير بول رينولدز، مراسل الشئون الدولية لموقع هيئة الإذاعة البريطانية B.B.C، ولا يمكننى، وأظن أنه لا يمكنك، التأكيد على أن هذه النوايا سوف ترتبط حتما بالأفعال.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة