جاء المشهد الأخير لمهرجان تورنتو السينمائى فى دورته السادسة والثلاثين وانقسام السينمائيين العرب حول المقاطعة أو المشاركة فى فاعليات المهرجان بعد أن أعلن منظموه عن الاحتفال بمئوية «تل أبيب»، ليؤكد أننا لا نعرف شيئا سوى الانقسام، وأن كل واحد من مثقفينا ومخرجينا فى واد.. ورغم أننى أتفهم إصرار المخرج يسرى نصرالله، والمخرج الجزائرى رشيد بوشارب والفلسطينى إيليا سليمان واللبنانية ديما الحر على الذهاب لعرض أفلامهم والمشاركة وعدم ترك الساحة للإسرائيليين، وأستوعب وأحترم أيضا رفض الكثيرين الذهاب مفضلين سحب أفلامهم فى موقف رافض لمحاولات الكيان الصهيونى تزوير التاريخ وصناعتهم لتاريخ آخر يتماشى مع ادعاءاتهم.
ولكن الذى لا أتفهمه حقا هو لماذا لم يتم التنسيق بين الجبهتين...؟ حيث لم نسمع شيئا من الذين رفضوا الذهاب حتى لو اقتصر الأمر على وقفات احتجاجية أمام القنصليات الكندية فى الدول العربية، مثلما نظمت جماعة السينما الفلسطينية فى رام الله اعتصامها «مؤكدين أن هدف الاعتصام التأكيد على الرفض الفلسطينى والعربى لتجاهل إدارة المهرجان لحقيقة تاريخية وهى أن تل أبيب أقيمت على أنقاض مدينة يافا وبلدة تل الربيع الفسلطينيتين».. أما الذين فضلوا الذهاب والمشاركة مشددين على عدم جدوى الانسحاب فلم نر أن أحدهم أصدر تصريحا أو نظم وقفة احتجاجية هناك فى تورنتو ضد تلك التظاهرة وضد أن يقبل مهرجانا بهذا الحجم دعما من إسرائيل مقابل احتفالية سياسية مغرضة تهدف إلى تحسين صورتها أمام العالم بعد الاجتياح الوحشى لغزة، مؤكدين على إنجازات إسرائيل الثقافية والفنية.
الوحيد الذى ظل على موقفه وصوته مسموع هو المخرج الكندى جون كريس والذى أصر على سحب فيلمه «مستور» احتجاجا على مئوية تل أبيب وعرض المهرجان لأفلام دعائية إسرائيلية» ورغم تراجع النجمة جين فوندا وغيرها عن البيان نظرا للضعوط الصهيونية.. كل هذا لم يحرك ساكنا لدى الذين أصروا على الذهاب أو الذين رفضوا من العرب، حيث التزمت الجبهتين الصمت والذى يبدو أنه بات فضيلة فى كل تفاصيل علاقتنا بالكيان الصهيونى، والكيفية التى نتعامل بها معه.
وأتساءل لماذا لم نتوقف ونسأل أنفسنا عن الإصرار الإسرائيلى على الاحتفال بمئوية تل أبيب هذا العام وفى أكثر من خمس عشرة مدينة عالمية.. وعن فرحهم الزائد بعدم نجاح وزير الثقافة المصرى فاروق حسنى فى تولى رئاسة منظمة اليونسكو المعنية بالحفاظ على التراث والثقافة فى العالم بغض النظر عن انقاسمنا الداخلى عليه- هل يتذكر أحد منا أننا فى هذا العام أيضا نحتفل بالقدس كعاصمة للثقافة العربية.؟ والتى أراها احتفالية مبتورة لم تأخذ حقها من الحكومات العربية ووسائل إعلامها أيضا، حيث لانجد صدى لها سوى فى بعض المهرجانات السينمائية العربية، حيث يقتصر الأمر على عرض بعض الأفلام الفلسطينية وتكريم مخرجيها.
رغم أنه حدث كان على الحكومات العربية والمنظمات الأهلية استغلاله فى التأكيد على هوية القدس العربية، بدلا من أن نترك الآله الدعائية الصهيونية تهمشنا بهذا الشكل.
سؤال أخير.. هل أصبح الصمت أحد فضائلنا؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة