من ظلام الليل يولد الفجر، ومن صخور الظلم تتفجر ينابيع العدل، ومن بين الأشلاء وبحور الدم يخرج النصر، ومن تلال الخزى والذل والهوان تخرج قمم الصمود والعزة، ومن بين نيران الحقد ودانات القهر والغل الدفين يخرج سيول المقاومين، ومن بين أغلال نعاج الأنظمة التى ارتمت فى أحضان الأعداء انفجر بركان الشارع العربى والإسلامى، ومن بين تواطؤ المنظمات العالمية والعربية خرج شرفاء العالم على مختلف معتقداتهم، لرفض واقع غاب فيه الضمير العالمى.
إنه صمود غزة والمقاومة الشريفة بمختلف فصائلها، وعلى رأسها حماس الذى فجر كل ذلك، وأطاح بكل مخططات مجرمى العالم.
إنه الصمود الذى أثبت للعدو الصهيونى، أن ترسانة أسلحته لم ولن تثنى أبناء فلسطين عن مشروعهم التحريرى المقاوم، وأن حماس والفصائل المقاومة الشريفة أظهرت حقيقة الجيش الذى لا يقهر، ويكفى أن مع الساعات الأولى للاجتياح البرى قام رجال المقاومة بالنيل من 30 جنديا ما بين قتيل وجريح، بل وإن صواريخ القسام انهالت على المغتصبات الصهيونية، كما تم أسر جنديين وتدمير دبابة، إنها ملحمة المقاومة التى ستجعل من غزة مقبرة للصهاينة.
إنه الصمود الذى أسقط ورقة التوت عن عورات الأنظمة العربية، التى خذلت مقاومة فلسطين وتنكرت لدماء الأحرار، واكتفت بالفتات من المعونات وبيانات الاستنكار التى ما زادتنا إلا ذلا وعارا، إنه الصمود الذى كشف العملاء من بنى أمتنا، وأظهر للدانى والقاصى حقائق المنظمات العالمية والعربية التى فشلت فى أن تحصل على موقف إدانة للمجازر الصهيونية.
إنه الصمود الذى يفرض علينا الآن فتح المعابر ومد المقاومة الشريفة بالسلاح قبل المعونات والأدوية والطعام، فالمقاومة الباسلة أصبحت فى أمس الحاجة إلى السلاح حتى يتثنى لهم مواجهة هؤلاء المجرمين، فى ظل حرب شرسة من الممكن أن تمتد لأسابيع، ومن العجب كل العجب ما تبثه الفضائيات عن منع النظام المصرى للفرق الطبية المتطوعة القادمة من اليونان، وبعض الدول العربية وقوافل المعونات من المرور من معبر رفح!
إنه الصمود الذى يستوجب على الشارع العربى والإسلامى استمرار هبتهم وضغوطهم على أنظمتهم، من أجل دعم غزة، بل ومطالبتهم لهم بفتح باب الجهاد والتطوع، حتى يستشعر العالم كله بخطيئة التواطؤ الذى استهدف التخلص من شعب بأسره.
إنه الصمود الذى جعل كل الشرفاء يكفرون بماراثونات السلام المزعومة، بداية من كامب ديفيد ومرورا بأوسلو وخارطة الطريق واجتماعات شرم الشيخ المتوالية، فوهم السلام مع عشاق الدم خطيئة لابد أن يعترف بها كل من شارك فى هذه الاتفاقيات التى ما زادتنا إلا غرقا فى دمائنا، وفقدا لعزتنا وكرامتنا.
إنه الصمود الذى يفرض علينا كعرب ومسلمين حكاما ومحكومين أن نرسخ لدينا مفاهيم جديدة حتى نجد لنا مكانا على خريطة العالم الذى لا يعترف إلا بالقوة، ومنها أن التفريط فى المقاومة جريمة، وأن العزة لن تأتى من البيت الأبيض، وأن ترسانات أسلحتنا التى غرقت فى التراب جاء دورها لتصحح الأوضاع.
وعلينا أيضا أن نتعلم دروس التضحية والثبات على المبدأ من الأم الفلسطينية التى تودع شهيدها وهى فى نفس الوقت تجهز ابنها الثانى للشهادة، بل على أنظمتنا أن تعلم أن بنى صهيون أضعف بكثير من الصورة التى رسخها الأمريكان لهم فى ذاكرتهم،وخير دليل على ضعف هؤلاء المجرمين حرب أكتوبر وحربهم مع حزب الله، والملاحم المستمرة مع المقاومة الفلسطينية التى لقنوا فيها الجيش الذى لا يقهر دروسا قاسية لن تنسى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة