إلى كل الذين يخشون تحول مصر إلى دولة دينية متطرفة..
إلى كل الذين يفضلون استمرار الشكل الذى تدار به مصر لمجرد أنه يحول بين المتطرفين وبيننا..
إلى كل الذين يفضلون الأمن المركزى على صعود الإخوان..
إلى جميع القلقين من صعود الإسلام الراديكالى والمزايدة باسم الدين..
وإلى جميع الذين وافقوا على دفع الثمن الغالى بالتغاضى عن نزاهة الانتخابات ومبادئ الديمقراطية فى الانتخابات التشريعية الماضية، حتى لا يدير شئوننا من يجلس على قمة جبل فى تورا بورا..
أقول لكل هؤلاء اطمئنوا
دعوا القلق جانبا وابدأوا الحياة
توقفوا عن الخوف
فقد أصبحت مصر بالفعل دولة دينية متطرفة ..
كيف ذلك ؟ أسمعكم تسألون فى استنكار، وأرد عليكم :
كنتم تدافعون عن الباب الرئيسى لمصر ونسيتم الشبابيك وباب المطبخ والسطوح، وبينما تظنون أنكم نجحتم فى صد الغزاة المتطرفين كان الغزاة يتسللون حتى وقفوا وراء ظهوركم، بل وصعدوا على أكتافكم وبدأوا يسخرون منكم عن طريق رسم الخطط التى تحاربون بها التطرف ونقل القاهرة إلى قندهار!
أسمعكم تقولون: أنت تهذى، لا دليل على كلامك، وأقول: أتمنى لو كنت أهذى وألا يكون هناك دليل على كلامى، لكن الواقع، للأسف الشديد، يؤكد كلامى ولا ينفيه.
كيف ؟
إليكم الواقعة التالية:
كنت على متن طائرة مصر للطيران الرحلة 799 المتجهة إلى مطار شارل ديجول بفرنسا، وقبل الترحيب المعتاد من كابتن الطائرة بالركاب الذين اختاروا السفر على خطوط شركتهم الوطنية، ارتفع صوت فى الإذاعة الداخلية للطائرة مرددا دعاء ركوب الدابة عند السفر، أعترف أن الصوت كان رخيما ينتسب إلى الأصوات التى توقفنا عن سماعها بعدما نسينا المحطات الأرضية للتلفزيون المصرى، لكنى لم أستطع أن أخفى دهشتى وفزعى مما يحدث.
كان الصوت المسجل يردد دعاء ركوب الدابة حزينا أقرب للبكاء، لحظة عبور أحد أفراد طاقم الطائرة جوارى، فسألته: متى تحولت مصر إلى عبادة الأصنام ؟ فاندهش المضيف وقال عفوا.. قلت : إنكم تسبحون بحمد شركة الإيرباص التى أنتجت لكم هذه الطائرة وسخرتها لكم بالتدريب عليها، لماذا تقحمون التدين الظاهرى فى كل شئ دون تفكير ودون وعى حتى أفسدتم علينا الحياة..
من فضلك أوقف هذه المهزلة.
استمع المضيف إلى كلامى ولم يعلق سوى بابتسامة مغتصبة، واستمر الصوت المسجل يدعونا إلى التوبة فى رحلة العودة.
إن العبقرى الذى أوصى صناع القرار فى بلدنا بمواجهة التطرف عن طريق احتكاره وإعادة إنتاجه فى مؤسسات القطاع العام قبل تصفيتها، لابد أنه يمت بصلة ما إلى أيمن الظواهرى، إذا لم تصدقونى، افتحوا التليفزيون المصرى الأرضى أوالفضائى..
هل لاحظتم عدد المتشايخين؟
هل لاحظتم نوعية القضايا التى يثيرونها؟
ألا ترون أن الناس أصبحت عاجزة عن التفكير فى أبسط وأدق أمورها الشخصية واتخاذ قرار بشأنها قبل انتظار رأى الشيخ، الذى قد يكون لصا تائبا أو جاهلا متعالما أو مجرد مواطن ملتح!
ألم تلاحظوا توجه الإعلام الرسمى نحو تديين الحياة بصورة تجعل الناس لاعمل لها سوى انتظار الموت والحساب! لا بأس من تذكر الموت والحساب مع العمل الجاد كأننا نعيش للأبد حسب وصية الحديث الشريف لنا، لكن توجه الإعلام الرسمى نقل الدنيا إلى الآخرة ونقل الحياة إلى الموت ونقل الناس إلى انتظار الحساب وعذاب القبر والثعبان الأقرع.
ناس ينتظرون هذه الأحداث الجلل كيف يعملون ويبدعون ويعيشون ويستمتعون؟ كيف لا يتطرفون ويفجرون ويكفرون بعضهم بعضا فى سباقهم نحو الهروب من الثعبان الأقرع، وعندئذ تصبح وكالة ناسا وتكنولوجيا الفيمتو ثانية والجديد فى أبحاث الزراعة والطب والهندسة من عمل الكفار المشركين، أما المؤمنون فيفكرون فى آخرتهم التى اشتروها بالدنيا، يلبسون البياض الباكستانى أو السواد الصحراوى الوهابى ويصبغون لحاهم بالحناء الأفغانية ويبيعون اللبن والعسل فى الأسواق والسواك والطواقى الصينية أمام الجوامع والجمعيات الشرعية .
ألم أقل لكم، عليكم أن تتوقفوا عن الخوف والقلق من تحول مصر إلى دولة دينية، لأنها تحولت بالفعل أثناء نومكم!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة