لن تتغير جماعة الإخوان، فقد كان رد فعلها على وثيقة مستقبل مصر هو الإصرار على أن تكون البلد ملكهم دون غيرهم، فهم الأعلون لأنهم يملكون وحدهم توكيلا بالتحدث باسم الإسلام، بل وباسم الله عز وجل، ولذلك فالوطن وطنهم وحدهم. فقد رفضت الجماعة أن تكون الدولة المصرية لكل المصريين، وأن تكون كل الحقوق لكل الناس، ورفضت على لسان الدكتور محمد حبيب نائب رئيس الجماعة، أن تكون مصر دولة مدنية تحترم كل الديانات والعقائد، أى أن تكون الدولة حارسة لحريات مواطنيها، أيا كان انتماؤهم السياسى والطبقى والدينى والعقائدى.
هذا الرفض لم يكن مباشرا كعادة الجماعة التى تعلن غير ما تبطن، ولذلك لا يتجهون مباشرة إلى الهدف، وهو السؤال الجوهرى، هل المصريون متساوون فى الحقوق فى وطنهم أم لا؟ ولكنه لف ودار، وطلب الدكتور حبيب من الذين صاغوا الوثيقة أن تكون مرجعية الأمة هى الشريعة الإسلامية بشكل واضح، فالهوية الإسلامية التى تتميز بها مصر والأمة العربية، كما قال، أمر يجب الحفاظ عليه.
ولكن دكتور حبيب والجماعة لم يسألوا أنفسهم: ماذا عن المصريين الذين ليس مرجعيتهم الشريعة الإسلامية، ماذا عن المسيحيين والبهائيين وغيرهم، بل ماذا عن المصريين الذين يعتنقون أديانا غير سماوية، المصريين اللا دينين، هل يرحلون، هل يتركون بلدهم للإخوان؟
ثم ما هى الشريعة الإسلامية بالضبط؟ الحقيقة لن تجد إجابة واحدة فى الأمر، ولذلك طرح الإخوان فى برنامجهم السياسى ضرورة وجود لجنة من علماء دين، تكون سلطتها فوق كل سلطة والشعب، وفوق كل سلطات الدولة، قضائية وتشريعية وتنفيذية. وهذا معناه موت الدولة بمؤسساتها، ويحكمنا مجموعة أفراد يختارهم الإخوان، أى يحكمنا الإخوان مباشرة وإلى الأبد.
هذا هو الهدف الأساسى لهذه الجماعة، فهم يعتبرون مصر بلدهم وحدهم، والحجة السخيفة التى يرددونها هى أن الإسلام دين الأغلبية، ولكن من قال إن الأغلبية من حقها أن تنتهك حقوق الأقليات وتختطف الدولة بكاملها لحسابها؟ من قال إن من حق الإخوان أو غيرهم أن يختطف الدولة المصرية ليفعلوا بها ما يريدون، مستغلين دين الله عز وجل زوراً وبهتاناً؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة