سعادة عم وجيه الذى يعمل غواصا تتضاعف كلما حمل على ظهره أسطوانة الأكسجين وتجول بها فى أعماق البحر الأحمر، مصدر سعادته كان سر شقائه، حيث أصيب بـ "السدة الرئوية" انتقل على إثرها لمستشفى الدمرداش بالقاهرة ليمكث بها 3 أشهر، والسبب احتياجه 6 لترات من الأكسجين كل ثانية لا يقدر على توفيرها دون حصوله على قرار علاج من وزارة الصحة لمنحه أسطوانة أكسجين طبية، أخيرا وبعد معاناة استطاع الحصول على الأسطوانة التى لم يستخدمها سوى يومين والسبب.. عم وجيه مات.
"صالح عنده فشل فى الجهاز التنفسى" قالها الطبيب لعم صالح منذ 30 عاما اغرورقت بعدها عيناه بالدموع، وهو يتذكر رحلته مع المرض من أجل الحصول على أسطوانة الأكسجين "أنا ساكن فى الدور الخامس، تعبئة أسطوانة الأكسجين ذات الحجم الكبير تتكلف 18 جنيها، والسيارة التى تنقلها 10 جنيهات، والعامل الذى يصعد بها السلم يأخذ 10 جنيهات، يعنى 38 جنيها فى الأسطوانة الواحدة" عم صالح لا تكفيه الأسطوانة الواحدة أكثر من يوم أو يوم وربع، وحتى لا يضطر لتغيير الأسطوانة يوميا يحاول الاقتصاد فى استخدام الأكسجين لتمكث معه 3 أيام.
مريم ومنى طفلتان فى عمر الزهور لم تتجاوز الكبرى سنوات عمرها الثامنة، هما وسيلة والدهما للتواصل مع العالم الخارجى، فهو لا يتكلم إلا همسا منذ إصابته بضيق فى التنفس، كانت الزيارة فى بيته، فتحت لنا مريم الصغرى، ابتسامتها تبعث على الأمل، جلست تلعب مع أختها، بينما أحاول قراءة الكلمات على شفاة والدهما الذى يعمل بالمعهد العالى للتمريض.
حكاية موسى مع أسطوانة الأكسجين لم أستطع فهمها، فابتسم مطلقا صوتا من شفتيه جاءت منى على إثره مسرعة لتروى لنا "بابا بيقول: لما كان عنده أسطوانة الأكسجين كان جارنا صبحى يأخد الأنبوبة ويروح سيدنا الحسين يملاها ويجيبها، بابا لما لقى الأسطوانة غالية بقى يروح المستشفى بنفسه يشحن صدره أكسجين ويرجع تانى" ابتسامة موسى وهو ينظر لصغيرته لم تستمر طويلا "مش أنا اللى ادمرت بس، ده أسرتى كلها" قالها موسى معتصرا صدره، مشيرا إلى جهاز تكثيف الهواء الذى أمامه: "لما بيتعطل أشعر إن الموت يقترب منى، خاصة أن إصلاحه يتكلف الكثير من الأموال".
انقطاع الكهرباء أيضا أزمة تهدد حياة موسى "الكهرباء لما بتقطع مابطقش نفسى". تيسير محمد لم تنس وقوفها حتى الواحدة بعد منتصف الليل فى الشارع لانتظار سيارة الإسعاف التى تحمل الأكسجين لوالدتها، الأمر الذى جعلها تؤسس جمعية مرضى فشل الجهاز التنفسى، "وزارة الصحة والإسعاف لا تصرف الأكسجين لكل المرضى، المريض يضطر إلى دفع 150 جنيها كتأمين للإسعاف، وفى حالة تأخير الأسطوانة يدفع المريض جنيها عن كل يوم تأخير". الأسطوانة الكبيرة الفارغة ثمنها 1000 جنيه تتم تعبئتها من أى شركة غازات أو أى مستودع توزيع، وهناك نوعان من الأوكسجين طبى، نقاوة الغاز به تصل إلى97%، وهو الذى يستخدمه المرضى وأحيانا لا يجدون إلا النوع الآخر الخاص باللحام وهو أكسجين درجة نقاوته 68%. جهاز تكثيف الهواء - يوفر عناء الوصول إلى أسطوانة الأكسجين يقدر بـ 8 آلاف جنيه، يوفر 5 لترات / ثانية من الأكسجين، بينما الجهاز الذى يوفر 8 لترات/ ثانية بـ 13 ألف جنيه والـ 10 لترات/ ثانية بـ 16 ألف جنيه.
"مرض فشل الجهاز التنفسى أصبح رابع سبب للوفيات فى العالم"، كما أشارت الدكتورة هدية سعيد مدير رعاية الصدر بمستشفى الدمرداش، وأصبح يصيب مرضى فى عمر الـ 15 عاما، ويعتبر التدخين سببا رئيسيا فى انتشار المرض. "المريض يضطر للخضوع لعلاج مكثف، ولكنه قد لا يستطيع أن يعيش بشكل طبيعى دون الاستعانة بأسطوانة الأكسجين لمدة لا تقل عن 16 ساعة يوميا" المشكلة تكمن فى قرار العلاج على نفقة وزارة الصحة، الذى يستغرق فترة صدوره مدة تتراوح ما بين أسبوعين وشهر حتى يتمكن المريض الحصول على أسطوانة أكسجين، وخلال هذه الفترة لا يستطيع المريض الخروج من المستشفى لأنه لا يستطيع العيش بدون مصدر للأكسجين. "الأكسجين متوفر، لكن الوصول إليه صعب ومرهق" قالتها الدكتورة زينب المطرى استشارى الأمراض الصدرية بصدر العباسية، مشيرة إلى أن التأمين لا يلعب دورا كبيرا فى منح أسطوانات الأكسجين.
لمعلوماتك:
◄ 110 آلاف حالة وفاة سنويا فى العالم بسبب فشل الجهاز التنفسى.
◄ 18 مليار دولار التكلفة السنوية للمرض فى العالم.
الأسطوانة الفارغة ثمنها 1000 جنيه تعبئتها بـ 18جنيهاً
الحياة تحت رحمة أسطوانة الأكسجين
الخميس، 28 أغسطس 2008 03:01 م
مرضى الجهاز التنفسى لا حصر لهم وأعدادهم فى تزايد
كتب السيد خضرى
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة