سعيد شعيب

فليكن

السبت، 16 أغسطس 2008 08:26 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أنا نفسى لم أكن أصدق أن بيتين من الشعر يمكن أن يكونا سندى الوحيد تقريباً، لعبور الأزمة الأخطر فى حياتى، كنت أرددهما كالمجنون جيئة وذهاباً فى شقتى الضيقة شحيحة الضوء، أغلقتها على نفسى أكثر من أسبوعين، لا أرى أحداً، لا أحد يرانى، ولا أريد:
إن التشابه للرمال وأنت للأزرق

إنه البيت الأكثر تأثيراً فى قلبى من القصيدة الشهيرة للشاعر الكبير محمود درويش "احمد العربى".. وكنت أسال نفسى: كيف استطاع هذا الرجل أن يكتب بيتاً عابراً للأحداث والبشر والتفاصيل، ليصل لى أنا فلان الفلانى، الغارق فى أزمته الأخطر، لا عمل، لا مهنة، لا مال، أسرتى الصغيرة انفجرت كالرمال فى الرياح، لا استطعت اللحاق بها ولا الإمساك بها، أسرتى الكبيرة تخلت عنى لأننى الفاشل، عارٍ من كل شىء إلا من نفسى، نظرات اللوم الحانية فى عيون أصدقائى، وكأنهم يقولون ألست صانع كل ذلك؟
والحقيقة أننى كنت بالطبع المسئول، ووجدت التلخيص المذهل والكاشف لكل ذلك فى بيت شعرى:
والتجأت إلى حصار كى أحدد قامتى
فلم يكن الأمر أكثر من كونه حصاراً مؤقتاً مثل "أحمد العربى"، الهدف منه أن أحدد من أكون، وماذا أريد أن أكون، والأهم كيف سأكون.
كان ذلك فى يناير عام 1990، ياه 18 عاماً مرت.. نعم مرت.
كنت قبلها قارئا نهما لدرويش، فقد كان أيقونتنا نحن المبهورين المؤمنين بأفكار اليسار وأحلامه. ولكن كان المزاج العام يميل إلى اختزاله فى "سجل أنا عربى" و"أحن إلى خبز أمى"... ولكن درويش كان عصياً على أن تختزله أى خنادق سياسية، إنه الشاعر العظيم صاحب قصيدة "ريتا والبندقية" عن حبيبته اليهودية الإسرائيلية، فهو ليس ضد ديانة وليس ضد بشر، ولكنه ضد أى احتلال، أى قهر أيا كان من يمارسه، لقد كان درويش إنساناً بالمعنى العميق، مدافعاً عن البشر، عن الجمال، عن الحب ضد أى انتهاك.

ولذلك ستجد كلماته تدافع عن فلسطين وعنى وعنك، ستجدها سنداً تعبر به إلى عالم أكثر عدلاً وجمالاً كان يرسم صورته الراحل العظيم، لتعيش فى قلوبنا.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة