هانى صلاح الدين

تعليمنا إلى أين؟

السبت، 19 يوليو 2008 01:12 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا أدرى إلى متى يستمر فصل النظرية عن التطبيق فى التعليم المصرى، فمؤسساتنا التعليمية، سواء ما قبل الجامعى أو الجامعى، تعانى من فصل تام بين النظريات التى تدرس فى مدارسنا وجامعاتنا وبين التطبيق العملى لها، وذلك بالرغم من أن جميع الخبراء التعليميين يؤكدون على أن النهضة التعليمية تنطلق من أسس ثلاثة، أولها وضع إستراتيجية تعليمية طويلة الأمد لا تتأثر بتغيير الوزراء، وتنبعث من ثوابتنا الوطنية والإسلامية، وثانيها ربط تام بين النظرية والتطبيق العملى لها، وثالثها ارتباط المناهج التعليمية بسوق العمل واحتياجاته.

ولكن للأسف نجد أن الأسس الثلاثة فى مصرنا التائهة بين تخبط الحكومات المختلفة وخضوع الوزارات لأهواء الوزراء قد انهارت، فلا يوجد إستراتيجية طويلة أو حتى قصيرة الأمد، فكل وزير يأتى يهدم ما قبله ويبدأ من أول السطر.

كما نجد أن هناك فصلاً تاماً بين النظرية والتطبيق العملى لها، ويكفى أن نعلم أن التقويم التراكمى الذى طبقته دول العالم المتقدمة، وكان له الفضل فى نهضة الكثير من الدول، ويقوم أصلاً على التطبيق العملى للتدريس، تحول بقدرة الإهمال ونقص الإمكانيات وفشل المسئولين إلى نظام مبتور عمق فصل النظرية عن تطبيقاتها العملية.

أما العنصر الثالث فهو غير موجود بالمرة ولعل تصريحا وزير الصناعة المصرية رشيد محمد رشيد الأخير، والذى أعترف فيه أن التعليم المصرى لا يؤهل الطلاب لسوق العمل (وشهد شاهد من أهلها) خير دليل على تدنى الحال، الذى وصل له التعليم المصرى.

وقد أصبح من الضرورى أن تتغير نظرة أصحاب القرار فى مصر نحو التعليم، فبالرغم من الخطب الرنانة التى نسمعها من كل منهم فى المحافل التعليمية المختلفة عن أهمية النهوض بالتعليم، إلا أننا نجد الواقع يشهد بمدى الإهمال الذى يعانيه التعليم، وأن الحفظ والتلقين هو سيد الموقف فى الفصول الدراسية، بل يعلم معظم الخبراء أن أكثر من 20% من طلاب مرحلة التعليم الأساسى يعانون من أمية القراءة والكتابة.

وعلى الجميع أن تتضافر جهودهم، من أجل إنقاذ التعليم المصرى من كبوته، وكفانا دفناً لرؤوسنا فى الرمال كالنعام، وعلى وزير التعليم الدكتور يسرى الجمل أن يهتم بالتعليم الفنى، خاصة لأنه فعلاً رئة النهضة الفعالة ولعل تجربة مدارس مبارك كول فى التعليم الفنى، والتى تقوم على التطبيق العملى للنظرية، وذلك من خلال تقسيم الأسبوع التعليمى للطلاب، ما بين المدرسة والمصنع بالمناصفة، جعل هؤلاء الطلاب مؤهلين فعلاً لسوق العمل وتتخطفهم أيدى أصحاب المصانع.

إنها تجربة جديرة بالاحترام وخطوة جادة على طريق التميز التعليمى، لكنها نقطة هادئة فى بحر التعليم المصرى المتلاطم الأمواج الفاسد الطرق المسموم فكرياً. ولعل البعض يقول لما نتغافل عن الجهود المبذولة فى تطوير التعليم، فكلنا نشهد المؤتمرات المستمرة التى تعقدها الوزارة بصورة مستمرة، من أجل النهوض وخاصة فى التعليم الفنى.

وأنا لا أنكر ذلك، بل وحضرت العشرات من هذه المؤتمرات، ولكن كلها لم تطلع عن إطار النظرية، فكله تطوير على الورق، لكن واقع المدارس أبعد ما يكون عن الأحلام الوردية، التى تمتلىء بها بطون الأبحاث والدراسات والتجارب المقدمة لهذه المؤتمرات.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة