لا يختلف العقلاء من بنى البشر على قيمة الحب، وضرورة وجوده فى المجتمعات الإنسانية، فهو للبشر كالروح التى تسرى فى الجسد، إذا فقدناه فقدنا الحياة, بل هو كالماء، ومن غيره تتحول الحياة لصحراء جرداء بلا مشاعر أو أحاسيس. إنه الخلطة الربانية التى أسكنها قلب الإنسان ليحيا مندمجاً ومنسجماً مع بنى جلدته، وهو الطاقة التى تدفع الإنسان لفعل الخيرات، ويجعل الإنسان يترفع عن أنانيته ويحوله من آخذ إلى معطاء ومن صلب إلى سهل لين، إنه السر الذى يسرى فى حياتنا ليضيئها.
ومما لا شك فيه أن الحب عاطفة سامية عززتها الشرائع السماوية وعمقت معانيها فى النفس الإنسانية وجعلت له أطراً شرعية يرشد من خلالها حتى يرتفع هذا المعنى النبيل عن النزوات، إنه الحب الذى أحله الله ليكون ميثاقاً غليظاً وحبلاً متيناً يربط به قلب الرجل والمرأة بزواج شرعى علنى، ليرتقى بعلاقة المرأة بالرجل إلى أعلى عليين، ويسمو بهما إلى سماء الحب الطاهر الذى أسس له نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فى الحياة الزوجية، ولنا فيه أسوة حسنة، فقد جهر بحبه لزوجاته رضوان الله عليهن وعاش أسمى معانى الحب الذى عرفها التاريخ مع السيدة خديجة وعائشة، بل وصل الأمر بهذا الحب إلى أن اللحظات الأخيرة لنبينا فى هذه الدنيا كانت فى حجر أُمنا السيدة عائشة، معلنين للبشرية أن الإسلام جاء ليرسخ المعانى الحقيقية للحب التى ترتكز على الطهارة وسمو المشاعر.
وما سبق ما هو إلا مقدمة عن معانى الحب الحقيقية، لكى أدخل من بوابتها إلى قصة الزميلة الصحفية دينا عبد العليم، والتى أثارت الكثير من الجدل بعد نشرها على صفحات جريدتى التى أفتخر بالانتساب إليها اليوم السابع.
ولابد أن أعترف أن ما نشر أصابنى بالدهشة، ولكن لابد أن نخلص إلى مجموعة من الحقائق لابد من التأكيد عليها ومنها:
◄أن العقيدة شىء أساسى فى حياتنا، من خلالها نعلم ما هو الحلال وما هو الحرام ونرشد تعاملاتنا مع واقعنا بمبادئ هذه التشريعات السماوية، فلا يحل لنا تحت دعوى الحرية الشخصية أو المعانى النبيلة كالحب أن نستحل المحرمات ونلبس الباطل ثوب الحق، لذا نجد أن الإسلام جاء ليجعل هناك إطاراً واحداً يتم فيه تبادل مشاعر الحب بين الرجل والمرأة، وهو الزواج، وما دون ذلك فهو عبث يخرج عن قيمنا وهويتنا الإسلامية والعربية.
◄أن الدعوات التى ينطلق بها البعض بفتح باب الحب على مصراعيه بين الشباب والفتيات بدون مراعاة الاختلافات العقائدية، ما هى إلا دعوات باطلة خطيرة تشعل نيران الفتنة الطائفية فى مجتمعنا المصرى.
◄أن الحياء شيمة العرب سواء المسلمين منهم أو المسيحيين، فقد تعودنا منذ نعومة أظافرنا على أن حياء البنات يضرب به المثل، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم علمنا أن الحياء شعبة من الإيمان، لذا أطالب فتياتنا اليوم بتعزيز هذه القيمة العظيمة.
◄أخطر ما فى الأمر تلك الفتاوى التى يصفها البعض بالتنويرية مثل فتوى الكاتب جمال البنا، الذى تعودنا منه الخروج علينا بكل ما هو مخالف لإجماع علماء الأمة، حول جواز زواج المسلمة من مسيحى، وهذه الفتوى لا تفرق كثيراً عن فتوى جواز تبادل القبلات بين الفتيات والشباب فى الحدائق العامة وفتوى جواز التدخين فى نهار رمضان، وغيرها من الفتاوى التى ليس لها أى سند شرعى صحيح، لكنها فتاوى لبلبلة الرأى العام وخلط الباطل بالحق.
◄أن اللعب بقيم وثوابت المجتمع أمر لا يتحمله أبناء هذا الشعب، ويعد درباً من اللعب بالنار التى من الممكن أن تحرق صحابها قيمياً وأخلاقياً، وتعزله عن أبناء مجتمعه.
◄وأخيراً جميل أن يسمح بعضنا لبعض فى جو ديمقراطى بالاختلاف، انطلاقاً من أن الاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة