هانى صلاح الدين

لطختنا دماء غزة

الأحد، 28 ديسمبر 2008 04:17 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أشلاء، دماء، شهداء، عويل ثكالى، بكاء أطفال، جثث تخرج من تحت الأنقاض، انفجارات هائلة تطيح بما تبقى من أمن المحاصرين، آلة حربية غاشمة تعشق سفك دماء الأبرياء، هذه هى بعض ملامح الصورة القاتمة للواقع المأسوى الذى يعيشه أخواننا الفلسطينيون بغزة، صورة تكررت كثيراً لشعب تعود على تجرع الموت تحت سمع وبصر بنى أمته، لكن الصورة هذه المرة لم ترسم ملامحها الطائرات الصهيونية فقط، بل شارك فيها أنظمة عربية، وعلى رأسها النظام المصرى، الذى أعطى الضوء الأخضر لإسرائيل، خلال زيارة ليفنى لمصر الأيام الماضية لتمرير هذه الجريمة، فقد خُطط لذلك بليل فى الغرف المغلقة، (ولا يحيط المكر السيئ إلا بأهله)، ودعونى أسوق لكم بعض الأدلة على هذا المخطط، الذى راح ضحيته أكثر من 225 شهيداً وأكثر من 500 مصاب، منهم 150 ينتظرون شرف الشهادة، ذلك وحتى نكشف للجميع الحقائق ولا نكون كالنعام الذى يدفن رأسه فى تراب الذل والعار.

ـ ومن أهم ما يدل على أن النظام المصرى كانت متورطاً فى هذا المخطط الجهنمى، وعلى علم مسبق بهذه المجزرة البشعة ما نشرته الصحف الإسرائيلية صبيحة يوم الاعتداء على غزة. حيث أكدت يديعوت أحرونوت، أن قوات الشرطة المصرية أقامت نقاط تفتيش على الطرق المؤدية إلى الحدود لمنع تدفق أى فلسطينيين إلى داخل سيناء فى حالة تنفيذ الجيش الإسرائيلى لعمليته العسكرية ضد غزة. وألمحت صحيفتا جيروزاليم بوست ويديعوت أحرونوت إلى أن الإجراء الذى اتخذته القوات المصرية على طول الحدود مع غزة، وفى ساعات متأخرة من مساء الجمعة، كان يوحى بأنها كانت على علم بالقصف الجوى التى نفذته إسرائيل، وقد أكد ذلك شهود عيان من أبناء محافظة سيناء.

ـ أن التهديدات التى أطلقتها ليفنى أثناء رحلتها لمصر وعدم اعتراض مصر عليها ثم قيام إسرائيل بعملياتها القذرة ضد إخواننا فى غزة بعد ساعات، من انتهاء هذه الرحلة المشئومة، دليل واضح أن النظام المصرى بارك هذه الضربة من أجل إركاع حركة حماس.

ـ أن الإجراءات المصرية الأمنية التى اتخذتها على الحدود مع رفح الفلسطينية على مدار أيام الخميس والجمعة، ثم تراجع القوات المصرية لـ300 متر للخلف، دليل واضح على أن الغارة الإسرائيلية دبر لها بمباركة من النظام المصرى.

ـ أن حالة التوتر التى شابت العلاقة بين النظام المصرى وحركة حماس خلال الشهور الستة الماضية بسبب عدم قبول حماس لما طرحه الوسيط المصرى من حلول لتسوية الخلافات مع حركة فتح أو تمديد الهدنة ومحاولة حماس إيجاد وسيط أكثر إنصافا لقضيتهم بداية من التقارب السعودى الحمساوى ومروراً بالوساطة القطرية والمحاولات التركية، دفع كل ذلك النظام المصرى إلى تمرير هذا العدوان، الذى لن تنساه له ذاكرة الأمة.

ـ بل جاء المؤتمر الصحفى الذى عقده وزير الخارجية المصرى يوم السبت، والذى حاول فيه نفى علم مصر المسبق بالمجزرة ليؤكد، أن مصر بالفعل على علم كامل بها، حيث أشار أبو الغيط إلى أن مصر حذرت أكثر من مرة حماس من حدوث مثل هذه الكارثة، وأرجع ذلك لقراءة الواقع السياسى!

ـ كما أن النظام المصرى قام على مدار الشهور الماضية أيضا بحملة اعتقالات واسعة استهدفت كل من يحاول فك الحصار عن غزة، سواء بالقوافل الإغاثية أو المظاهرات الاحتجاجية، وذلك تخوفاً من التحام مزعوم بين الإخوان المسلمين وحركة حماس انطلاقا من إيعاز صهيونى أرعب النظام المصرى من احتمالية وجود هذا الالتحام، ولذلك وجدنا مجموعة من القضايا التى يكون فيها الاتهام الأول محاولة إيجاد تنظيم سياسى إخوانى لدعم حماس وما قضية د.جمال عبد السلام ود.عبد الحى الفرماوى عنا ببعيد.

هذه بعض الأدلة التى تؤكد تلطخ أيادى النظام المصرى بدماء أبرياء غزة. لكن الآن يجب على كل القوى السياسية والوطنية بمصر أن تتحد من أجل تصحيح الأوضاع وكسر الحصار الظالم على قطاع غزة ليعلم اليهود أن الشعب المصرى على قلب رجل واحد ضد إجرامهم، وأن الموقف الرسمى لا يمت للشارع المصرى، الذى انتفض بجميع محافظات مصر لنصرة إخواننا فى غزة بصلة.

أصبح من العار علينا أن تغلق حدودنا ومعابرنا أمام إخواننا فى غزة، كما لابد من طرد سفير هذا الكيان الغاصب فوراً وقطع كل الأشكال الدبلوماسية والتطبيعية مع من تلذذوا بإراقة دماء الشهداء. كما ادعوا جامعة الدول العربية وأعضائها لتفعيل اتفاقية الدفاع المشترك وتجيش الجيوش لرد هذا العدوان، أليس هذا عدوانا عسكريا يستوجب رداً عسكرياً، ولا أدرى لماذا يتم استبعاد الخيار العسكرى دوما فى حين أن الرد العسكرى كان أسرع من البرق عندما اجتاحت القوات العراقية الكويت.

كما أننى لا أرى أى جدوى من مؤتمر القمة العربى الطارئ، الذى سيعقد بالدوحة، فلن يزيد دوره عن مسكن للشعوب العربية ومحاولة لامتصاص غضبها وحفظاً لماء الوجه للأنظمة، ولن تزيد حصيلته عن مجموعة من الاستنكارات والتهديد والوعيد، الذى لن يزيد حجمه عن حجم بمب الأطفال.

كما أرى أن الحل يكمن فى سلاح المقاومة وعلينا أن نشد على يد هؤلاء المقاومين، فقد أثبتت الأيام أن الماراثونات السياسية لا تجدى، وأن الهدنة مع المحتل عبث وأن دعوات السلام مع الصهاينة جريمة يرتكبها العملاء فى حق فلسطين، كما لابد من توحيد الصف الفلسطينى والخروج من متاهة الاختلاف الداخلى.

أنها لحظات فارقة فى تاريخ أمتنا تحتاج لمواقف الحسم التى تثأر لشهدائنا وتطفأ نار قلوبنا









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة