تذكرت ما قالته لى الحاجة كريمة "هو أحنا صغيرين عشان حد يسوقنا"، فهى من قيادات الإضراب الشهير لموظفى الضرائب العقارية أمام مجلس الوزراء، وكانت مسئولة عن إطعام المضربين الذين وصل عددهم 5 آلاف بنى آدم لمدة 11 يوما. وهذه الجملة هى سر نجاحاهم الذين يحتفلون به هذه الأيام. فى البداية تجاهلهم وزير المالية الدكتور يوسف بطرس غالى، وبعدها قال تصريحه الشهير "محدش هيلوى دراعى"، وبعد قليل "اتلوى دراعه" وتفاوض ووصلوا إلى اتفاق على مراحل ينتهى عام 2009، حيث تزيد مرتباتهم 11 ضعفا ويتساوون أخيرا بموظفى الضرائب العامة.
فلماذا نجح هذا الإضراب؟
1-لأن مطالبهم عادلة، ولأنهم كانوا مرنين فى التفاوض، أى وافقوا مثلا على أن تزيد مرتباتهم ثلاثة أضعاف ونصف الضعف تقريبا فى العام الأول مقابل أن تزيد حصيلة عملهم.
2-لم يخرجوا عن الهدف، ورفضوا تماما أن يركب أحلامهم أى تيار سياسى، رغم أن فيهم من هو منتمى مثلا لحزب الكرامة، أقصد صديقنا المناضل الشهير كمال أبو عيطة، لكن الرجل لم يخلط الأمور ببعضها البعض.
3-كانت هناك ديمقراطية حقيقية فى اتخاذ القرارات، فلا فرق بين رجل أو امرأة ولا بين مسيحى أو مسلم أو مدير وغفير، وهو ما جعل هناك تماسك حقيقى.
4-كسبوا بذكاء كل من كانوا حولهم، سكان الشارع الذى اعتصموا فيه، فيتوقفون عن الهتاف بعد الثالثة ظهرا، وهذا جعل بعض السكان يمدونهم بالطعام، ويساعدونهم فى قضاء حاجتهم. وكسبوا أيضا تعاطف الشرطة، فلم يتعاملوا معهم على أرضية أنهم أعداء، فهم يد السلطة الباطشة، بل أداروا معهم حوارا محترما، وهو ما أدى إلى تعاطف قيادات الشرطة وحمايتهم للمضربين.
5- كانت شعاراتهم محترمة، وليس فيها أية إساءة لأحد بما فيها شخص الرئيس وابنه جمال مبارك، فليس هدفهم الشتيمة، وأذكر عندما قال الرئيس فى خطاب لهم "إذا كان لهم حق يخدوه"، ردوا عليه بشعار يشكرونه فيه.
6- لم يكن هدفهم إزلال الخصم، بل على العكس الوصول معه لنقطة توازن كما فعلوا مع وزير المالية، وحافظوا على كرامته ولم يسيئوا إليه طوال الإضراب وبعده.
7-ولأنهم كذلك الآن يقيمون الأفراح ويطورون النقابة المستقلة التى أسسوها بعيدا عن السيطرة الحكومية لتحقيق مزيد من العدل.
مبروك للموظفين الذين تعلمت منهم الكثير.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة