تحيرنى أنظمة الحكم التى بنت شرعيتها على أنها العدو اللدود لإسرائيل، ومن ورائها أمريكا، فى حين أنها لم تطلق رصاصة واحدة، ولم يتم ضبطها متلبسة بمساندة جادة وحقيقية للشعب الفلسطينى، وأقصى ما تفعله هو أن تدفع "شوية دولارات" لشراء ولاء قادة هذا التنظيم الفلسطينى أو ذاك، والهدف أن يكون فى يديها ورقة للتفاوض وموطئ قدم فى معادلات المنطقة.
ورغم ذلك فهذه الأنظمة هى الأعلى صوتاً والأكثر ضجيجاً، ومنها النظام الليبى، فقد زايد رئيس وفده فى اجتماعات "البرلمان الشبابى العربى الأول"، معتبراً مشاركة الجامعة فى اجتماعات "الاتحاد من أجل المتوسط"، إهانة للدول العربية، ووصف مواقف بعض الدول العربية، حسبما نشر الزميل خليفة جاب الله فى المصرى اليوم، بـ"الهزيلة وتشوبها الشكوك" لأن هذا الاتحاد يضم إسرائيل.
والقضية هنا ليست صحة الموقف الليبى، ولا صحة الموقف المناهض له، والذى يرى أن هذا الاتحاد منتدى دولى لا يجب أن نتركه لإسرائيل، بحجة أن هذا كما قال رئيس الوفد الليبى "تطبيع مجانى مع إسرائيل. فهذا أمر يحتمل النقاش والأخذ والرد، وقد يتفق الناس فيه أو لا يتفقون، فهذا ليس موضوعنا الآن، فما يدعو للتأمل فعلاً، هو من أين أتى الرجل ونظام الحكم الذى يمثله بكل الثقة التى تجعلنا نصدق أنه العدو اللدود لإسرائيل، وأنه الذى يقف "زنهار" ضد التطبيع مع إسرائيل، حتى يزايد بها فى الجامعة العربية ويزايد بها على شعبه المسكين.
لن تجد إجابة، سوى ظاهرة صوتية كلها كلام فى كلام، ومع ذلك يقول رئيس الوفد, ليبيا موجودة بقوة فى المحافل الدولية والعربية، وموقفها الوحدوى معروف بمساندتها جميع القضايا العربية .. وإذا كان بالفعل صحيحاً، فليقولوا لنا ما قدموه من دم ورصاص ومال، وأين ذهب .. وإذا كان هذا النظام طوال الوقت ضد إسرائيل، فليقل لنا رجاله كيف ومتى وأين؟
ولعلنا نتذكر الخطب النارية التى كان يطلقها العقيد القذافى ورجاله لسنوات وسنوات ضد الولايات المتحدة الأمريكية .. ولعلنا نرى الآن "الصمت النارى"، بل يمكن أن نقول المدح النارى للولايات المتحدة الأمريكية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة