أسعدنى، وأظن أنه أسعد الكثيرين، احتفاء مختلف وسائل الإعلام، بنصر أكتوبر المجيد رغم اختلاف توجهاتها. وأسعدنى أكثر أن وسائل الإعلام الحكومية خففت التركيز على الرئيس حسنى مبارك أحد القادة العسكريين العظام، صاحب الضربة الجوية الأولى، وكأنه هو وحده صانع النصر، ولم يكن هناك الرئيس السادات وقادة وضباط وجنود آخرين. فالحقيقة أنه نفاق رخيص لا يليق بالرئيس، ولا يليق ببلد خاض بكامله هذه الحرب المجيدة ودفع الثمن غاليا وانتصر فيها. فمجلة الإذاعة والتليفزيون التى تصدر عن وزارة الإعلام ويرأس تحريرها الزميل ياسر رزق، على سبيل المثال، احتفلت باللواء حسنى مبارك قائد القوات الجوية واحتفلت أيضا بقادة آخرين، منهم المشير أحمد إسماعيل وزير الحربية وقتها وغيره من القادة والضباط والجنود.
وإذا وضعنا هذا بجوار احتفاء معظم وسائل الإعلام، يمكننا القول إن هذا ربما يكون مؤشراً على أن الكثير من الصحفيين والكثير من القوى السياسية أدركوا أخيرا أن الخلاف السياسى مع الرئيس السادات، لا يمنع أبدا أن نصر أكتوبر هو انتصار للدولة المصرية، لا يقلل من قيمته أبدا انتقادات لمعاهدة كامب ديفيد أو تصور بعض القوى وخاصة اليسار أنه كان يستطيع تحرير سيناء كاملة بالسلاح وليس بالمفاوضات. كل هذه اختلاف رؤى وتقديرات من أجل ما يتصوره كل طرف بأنه كان الأفضل للبلد.. ولكن لابد من الاعتراف بأن ما فعله السادات ورجاله كان انتصارا للدولة المصرية علينا أن ندعمه ونحميه ونطوره.
بهذا المعنى فهناك فارق بين الخصومة السياسية وبين الدفاع عن المكاسب التى حققتها الدولة المصرية.. فالرئيس جمال عبد الناصر بنى السد العالى الذى مهد الأرض لحركة كبيرة فى التصنيع والزراعة.. والخلاف السياسى معه، لا يعنى أن نهيل التراب على هذا الإنجاز، بل على العكس علينا الاحتفاء به، لأن الدولة المصرية استفادت وما زالت تستفيد من الإنجازات الإيجابية لفترة حكمه. وهو ما ينطبق على كل الرؤساء والزعماء الذين حكموا أو شاركوا فى حكم مصر. فالدولة المصرية ليست ملكاً لأى نظام حكم، ولا ملكاً لأى رئيس.. ولكنها ملك لكل المصريين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة