بصراحة أنا لا أريد الجنة ولكنى أريد الحرية.
لا أقصد بالطبع جنة الله، ولكن أقصد الجنة التى يعدنا بها الإخوان والشيوعيون وغيرهم من القوى السياسية فى حالة توليهم السلطة.
فلا أظن أننى أو غيرى سيمشى كالأعمى وراء من يؤكد لنا أنه سيذهب بنا إلى الجنة التى يتصورها، ولن نستطيع أن نصدق أى إنسان أيا كانت قامته فى أنه سيحول مصر إلى جنة، فليس هناك ما يضمن لى ولك أن ما سيحققه – فى حالة توليه السلطة- سيكون فعلا جنة من وجهة نظرنا.. فقد يكون الجحيم بعينه.
ولذلك نريد من كل القوى السياسية أن تدافع عن الحرية، ولا تحولها فقط إلى أداة للسطو على السلطة، وبعدها تبدأ المذبحة، فالإخوان وعموم التيار الإسلامى سيعتبرون من يختلف معهم كافرا ولابد من قتله، والشيوعيون وعموم اليسار سيعتبرون من يختلف معهم عدوا للكادحين وعميلا للبرجوازية والإمبريالية، وغيرهم وغيرهم. فالاختلاف جريمة يجب قتل من يجرؤ عليه.
وإذا كان المثل يقول "اللى اتلسع من الشربة ينفخ فى الزبادى" فقد أحرقتنا نار المستبدين من كل التيارات بما فيها السلطة الحاكمة، الذين يرفعون شعارات براقة نظريا، ولكن فى الممارسة كانوا أكثر بشاعة وفظاعة من أعدائنا.. فقد كانوا يتصورون أنهم يفهمون مصلحة هذا الشعب أكثر من الشعب نفسه، وأنهم لابد أن يجبروه بالقمع والإرهاب على أن يقبل ما يتصورون أنه فى صالحه.. وكانت النتيجة خراباً.. خراب البشر والبلاد.
ولكل ذلك ومن أجل ذلك فأنا - وأظن أن معى كثيرين- لا نريد أى جنة من أى شخص أيا كان، ولكننا نريد الحرية، حرية أن ننتخب من نريد وقتما نريد، حرية أن نزيح من لا يعجبنا برنامجه السياسى من على رقابنا. نريد بلدا تستطيع أغلبيتها الفقيرة أن تستعيد آدميتها بالحرية.. بلدا لا تقهر فيه الأغلبية الأقلية.. بلدا أنام -أنا وأنت- ونحن آمنين على حريتنا فى الاختلاف مع الأغلبية دون سجن أو ترهيب أو قتل، بلدا يدير صراعاته الطبقية والسياسية بشكل سلمى.. بلدا ينتصر لحق الإنسان فى العدل والحرية، فالجنة التى أريدها - وأتمنى أن يوافقنى القارئ الكريم- هى ضمانات راسخة للحرية، حتى لا يطيح بها أى عابر سبيل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة