<< تحية كاظم: لم يكن يحب الخروج معي لمكان
<< جمال عبد الناصر يستغرب من موقف شقيقات تحية مع شقيقهم المريض ويرفض تركه
<< تحية كاظم عن زواجها من الرئيس الراحل: كان لى الحق فى رفض من لا أريده ولكن ليس لى الحق فى أن أتزوج من أريده وكنت أريد جمال عبدالناصر
<< شقيق تحية لأخواته: جمال عبدالناصر أكثر واحد إنسان قابلته فى حياتى وأنا أحبه أكثر منكم
"ارفع رأسك يا أخي فقد مضى عهد الاستعباد"، واحدة من أهم المقولات المأثورة للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والذي لقب بـ"رائد القومية العربية"، تكشف أبعاد كثيرة عن شخصية رجل لا يعرف الاستسلام ويرفض العبودية ويكره الاستعمار، 55 عاما على وفاته، إلا أن عباراته الرنانة التي كان يطلقها في خطاباته لا زالت ترن في أذن المصريين، كثير منهم لم يعاصره إلا أنه سمع عن حب الشعب له من أبائه وأجداده، تحول كبير شهدته مصر في عهده بعدما تحولت من النظام الملكى للجمهوري، وأصبحت القاهرة مركز للقرار في المنطقة العربية والإفريقية وتتزعم حركات التحرر حول العالم.
خلال حوار سابق لنا مع الفنانة فردوس عبد الحميد، والتي أدت دور تحية كاظم زوجة الرئيس الراحل، أكدت أنها كانت حريصة على معرفة جمال عبد الناصر عن قرب، تلك الشخصية التي وصفتها بأنها قوية للغاية لدرجة أنها عندما كانت طفلة ورأته بالصدفة لم تستطع أن تنظر في عينه، قائلة " وأذكر وأنا فى الخامسة من عمرى، وكان الرئيس الراحل يمر من شبرا بصحبة أحد الضيوف الدوليين فى سيارة مكشوفة، وكنت مع والدتى وسط المحتشدين لتحية الرئيس، عينى جت فى عينه فوجهت وجهى للأرض من شدة هيبة الرئيس،"، إلا أنها خلال قيامها بأداء دور زوجته في فيلم "ناصر 56"، استطاعت أن تتعرف على عبد الناصر الإنسان وليس فقط الرئيس والزعيم.
مراحل كثيرة من الحياة ذكرتها تحية كاظم عن حبيب العمر زوجها، خلال مذكراتها التي حملت عنوان " ذكريات معه"، اخترنا منها بعض الفصول التي تكشف الكثير من شخصية هذا الزعيم ليست فقط القائد والسياسي والرئيس، بل أيضا جمال الإنسان، كما حمل عنوان أحد فصول مذكرات زوجته.
سلطنا الضوء على بعض الفصول التي تكشف إلى حد كبير شخصية الزعيم الراحل، الذي لم يستطع أي زعيم في العالم أن يملى عليه شروطه إلا أن شقيق زوجته الكبير هو الوحيد الذي قبل شروطه كما تذكر تحية كاظم في مذكراتها، ذلك المناضل الذي كان يخرج في مظاهرات ضد الاحتلال البريطاني خلال مرحلة الثانوية، إلى أنه كان دائم التردد على السينما والمسرح مع خطيبته وكان نجيب الريحاني أقرب الممثلين إلى قلبه خلال فترة الأربعينيات.
خلال مذكراتها تكشف تحية كاظم كيف تعرفت على الرئيس الراحل، قائلة إن عائلتها على صداقة قديمة مع عائلته، وكان يحضر- أي جمال عبد الناصر - مع عمه وزوجته التى كانت صديقة لوالدتها ، ويقابل شقيقها الثانى، وأحيانا كان يراها ويسلم عليها، متابعة :" فعندما أراد أن يتزوج أرسل عمه وزوجته ليخطبانى ، وكان وقتها برتبة يوزباشى ، فقال أخى - وكان بعد وفاة أبى يعد نفسه ولى أمرى - إن شقيقتى التى تكبرنى لم تتزوج بعد، وكان هذا رأى جمال أيضا ، وقال : إنه لا يريد أن يتزوج الآن الا بعد زواج شقيقتى إنشاء الله يتم الزواج ، وبعد حوالى سنة تزوجت شقيقتى ".

الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وزوجته تحية
رفض شقيق تحية زواجها من عبدالناصر
فقدان جمال عبد الناصر لوالدته من صغره، جعله ينظر إلى تحية كاظم ويرى فيها حنان الأم الذي لم يراه منذ طفولته، بجانب الحبيبة التي تمنى أن يعيش معها طوال حياته، إلا أن شقيقها كاد أن يفشل هذا الزواج حسبما تؤكد في مذكراتها قائلة :" بعدها لم يوافق أخى على زواجى، لقد كانت تقاليد العائلة فى نظرى أن لى الحق فى رفض من لا أريده ولكن ليس لى الحق فى أن أتزوج من أريده ، وكنت فى قرارة نفسى أريد أن أتزوج اليوزباشى جمال عبد الناصر" .
وتضيف :"بعد شهور قليله توفيت والدتى فأصبحت أعيش مع أخى وحيدة اذ كان أخى الثانى فى الخارج، وكان أخى يتولى ادارة ما تركه أبى الذى كان على جانب من الثراء، وكان أخى مثقفا اذ كان من خريجى كلية التجارة أى يحمل بكالوريوس، ويشتغل فى التجارة والأعمال المالية والصفقات فى البورصة، وكان شديد فى البيت محافظ لأقصى حد لكنه فى الخارج كانت له حياته الخاصة ، فمكثت مع أخى بضعة شهور وأنا وحيده تزورنى شقيقاتى من وقت لآخر ، وفى يوم زارتنا شقيقتى وقالت إن عم اليوزباشى جمال عبد الناصر وزوجته زاروها وسألوا عنى، وقالوا لها إن جمال يريد الزواج من تحية ، وطلبوا أن تبلغ أخى، فرحب أخى وقال إننا أصدقاء قدماء وأكثر من أقارب، وحدد ميعادا لمقابلتهم ، وكان يوم 14 يناير سنة 1944 .
الرئيس الراحل جمال عبد الناصر
أول مقابلة وحفل بسيط
المقابلة الأولى بين جمال عبد الناصر وتحية، كانت مع شقيقها الأكبر خلال جلسة تحديد الخطوبة، فقبل ذلك كان مجرد إلقاء السلام بينهما، وهو ما تؤكده قائلة :"قابلت جمال مع أخى، وتم تحديد الخطوبة ولبس الدبل والمهر وكل مقدمات الزواج بعد أسبوع، وطبعا كان الحديث بعد أن جلست فى الصالون فترة وخرجت، وفى يوم 21 يناير سنة 1944 أقام أخى حفلة عشاء، ودعونا أقاربى ، وحضر والده وطبعا عمه وزوجته، وألبسنى الدبلة وقال لى إنه كتب التاريخ يوم 14 يناير وكان يقصد أول يوم أتى لزيارتى ، ثم أضاف أنه عندما زارنا لم يحضر لرؤيتى هل أعجبه أم لا - كما كانت العادة فى ذلك الوقت - هذا ما فهمته من كلامه معى .

جمال عبدالناصر
شروط شقيق تحية على جمال
كما ذكرنا في البداية أن الشخص الوحيد الذي قبل جمال عبد الناصر شورطه كان شقيق زوجته، وهو ما تؤكده خلال مذكراتها قائلة :"قال له أخى : إن عقد القران يكون يوم الزفاف بعد أعداد المسكن، وإنه يحضر مرة فى الأسبوع بحضور شقيقتى أكبرنا أو بحضوره هو ، وطبعا كان وجود أخى فى البيت قليل فكانت شقيقتى تحِضر قبل وصوله، وقبل جمال كل ما أملاه عليه أخى ، وقد أبدى رغبة فى الخروج معى طبعا بصحبة شقيقتى وزوجها فلم يمانع أخى ".
تكشف تحية كاظم في مذكراتها أبرز الأماكن التي كان يحب الرئيس الراحل التردد عليها خلال خروجه مع خطيبته، حيث لاحظت أنه لا يحب الخروج ليذهبان لمكان مجرد قاعدة أو المشى فى مكان ، بل كان يفضل السينما وأحيانا المسرح وكان الريحانى، ، متابعة :"كنت لم أرى إلا القليل فكل شئ كان بالنسبة لى جديد، أى لا يضيع وقتا هباء بدون عمل شئ، وكل الخروج كان بالتاكسى، والمكان الذى نذهب إليه السينما أو المسرح يكون بنوار أو لوج ، وكنا نتناول العشاء فى بيتنا بعد رجوعنا".
زفاف جمال وتحية وبكاء عبد الحميد كاظم
تتذكر تحية كاظم يوم زفافها على الرئيس الراحل، حيث تقول :"بعد خمسة أشهر ونصف تم زفافى لليوزباشى جمال عبد الناصر وكان يوم 29 يونيه سنة 1944 ، وأقام لى أخى حفلة زفاف بعد عقد القران مباشرة خرجت مع جمال للذهاب للمصور " أرمان "، وكان حجز ميعاد من قبل ، وكانت أول مرة أخرج معه بدون شقيقتى وزوجها، ملأنا عربة بأكاليل الورد لتظهر فى الصورة، وقد نشرت الصورة بعد رحيلة فى السجل بالصور لجمال عبد الناصر الذى قدمه الأهرام ، ورجعنا البيت لنقضى السهرة، وفى الساعة الواحده صباحا انصرف المدعوون وانتهى حفل الزفاف، وكنا جالسين فى الصالون - هو وأنا – فدخل شقيقى ونظر فى ساعته وقال: الساعة الآن الواحدة فالتبقوا ساعة أخرى أى حتى الساعة الثانية ، ولم يكن يوجد أحد حتى أقاربى روحوا ، وكان بادى عليه التأثر فقال له جمال : سنبقى معك حتى تقول لنا روحوا ".
وتتابع :" وفى الساعة الثانية صباحا قام أخى وبكى، وسلم على وقبلنى وقال: فلتذهبا أما أنا فانحدرت من عيناى دمعة صغيرة تأثر لها جمال، وأذكر فى مرة وكنا جالسين على السفرة وقت الغداء وكل أولادنا موجودين وجاءت ذكرى أخى فقال الرئيس لأولاده وهو يضحك "الوحيد فى العالم الذى أملى على شروط وقبلتها هو عبد الحميد كاظم "وضحكنا كلنا .

مرض الشقيق ووقوف جمال بجانبه
وخلال حديث تحية كاظم عن جمال الإنسان، تكشف عن موقف لم تنساه رغم مرور سنوات عليه وكان فى عام 1946 حسبتما تؤكد في مذكراتها قائلة :"فى آخر هذا العام مرض عبد الحميد شقيقى بصدره " درن " ، ومكث فى البيت راقدا فى السرير ، وأخى الثانى كان يسكن فى بيت آخر بعد رجوعه من الخارج يعنى كل بمفرده، وكنت فى حملى الثانى وكانت زياراتنا له قليله، وبعد مرضه كان جمال يزوره كثيرا ويجلس معه ، وكان يقول لى كثيرا عند رجوعه البيت بالحرف : أنا عديت على أخوك ، فكنت أسأله عنه، وطبعا كان يطمئننى ويقول : مكثت معه نتحدث، على عكس أقاربى.. قلت زيارتهم له، وعندما يزورونه يكون بتحفظ يعنى من باب الحجرة، وكان جمال يقول : ازاى واحد يخاف من مريض يعديه بالمرض ! أنا عمرى ما خفت ولا فكرت فى عدوى من مريض ، إنه شئ غير انسانى .
وتتحدث باستضافة عن دخول شقيقها المستشفى وعدم ترك جمال عبد الناصر له، :"دخل أخى المستشفى وأجريت له جراحة فى رئته ، وعندما خرج من المستشفى وفى نفس اليوم زاره جمال فى المساء وبقى معه حتى الثالثة صباحا - وكنت قربت على الوضع -وعندما رجع للبيت قال لى : أنا من وقت ما خرجت وأنا جالس مع عبد الحميد اذ وجدت شقيقاتك عنده ، وكان تعبان يتنفس بصعوبة، ووجدت أخواتك يروّحوا واحدة بعد الأخرى وأخوك فى حالة صعبة فقلت : كيف أتركه وهو لا يستطيع التنفس بسهولة وشقيقاته ذهبوا .. سوف أبقى معه . وكان يطلب منى أن أذهب فقلت له: إنى باقى معك ، وقبل الثالثة صباحا قال لى : أنا الآن أتنفس بسهولة وأشعر براحة، وطلب منى أن أروح وقال : سأتناول كوب لبن .. فقلت له : سأظل معك حتى تتناولها وكان جمال مندهش من شقيقاته وكيف أنهم تركوه بعد أن تحسنت حالة أخى وخرج من المستشفى زار شقيقاتى وقال لهم : أكثر واحد فى الدنيا أحبه وأقدره هو جمال عبد الناصر ، إنه أكثر واحد انسان قابلته فى حياتى وأنا أحبه أكثر منكم ".
زيارة ثروت عكاشة لمنزل جمال
صداقة جمال عبد الناصر بزملائه من الضباط الأحرار لم تكن وليدة الثورة فقط، بل سبقها بسنوات، ومن أبرز أصدقائه ثروت عكاشة، والتي تتحدث تحية كاظم عن أول زيارة له لمنزل الرئيس الراحل، قائلة :"زارنا ضابط وزوجته بعد تحديد ميعاد فقابلتهم مع جمال فى الصالون ، وكنت فى آخر أيام الحمل الثانى ، وسألوا عن الاسم الذى اخترناه اذا كان المولود ولد إنشاء الله ، فرد جمال قائلا "خالد" وهذا الضابط هو ثروت عكاشة، وبعد أيام قليلة ولدت ابنتنا منى ".
تجربة مسدسات فاضية
وتضيف :"استمر الحال حضور الزوار فى كل الأوقات، وفى غيابه يسألون عنه، وخروجه ورجوعه البيت لمقابلة الزوار أو مع زائر يجلس معه فى الصالون، بالإضافة إلى مذاكرته لكلية أركان حرب، فى يوم كانت تزورنى شقيقتى وزوجها ، وكنا جالسين فى الصالة ، وكان أغلب وقت وجود جمال فى البيت يكون موجود ضيوف فى الصالون ، وسمعنا تكتكة فقال زوج أختى : هذا صوت تجربة مسدسات فاضية أى غير معمرة، فتداركت بسرعة وتذكرت خرامة الأوراق وقلت على الفور : إنها خرامة الأوراق وهو يرتب دوسيهات خاصة بالكلية ، والحقيقة أنها كانت مسدسات".
زيارة عزيز المصرى لعبد الناصر
عزيز المصري، هو رائد من رواد الحركة القومية العربية وحركات التحرر الوطنية المصرية، الشخصية السياسية التي ذكرت رقية السادات في كتابها "ابنته"، أن أبيها كان حريص على التردد لمنزله، وكان يصطحبها معه، كان أيضا جمال عبد الناصر من أقرب الناس إليه، وهو ما تتطرق تحية كاظم قولها :" فى يوم كنت فى حجرتى وكنت أحاول أن تنام منى البيبى، والنور مطفأ وباب الحجرة مفتوح على الصالة ، فخبط الباب وفتح المراسله فوجدت رجل كبير السن دخل الصالة ووقف قرب الباب، وكان جمال فى الخارج فقال له المراسله : إن حضرة اليوزباشى غير موجود ، فلم يذكر الزائر اسمه وانصرف، ورأيته وأنا فى حجرتى وعرفته، وعندما حضر جمال أخبرته أنه عزيز المصرى فقال : أنت متأكدة ؟ قلت له: نعم ، أنا أعرف أنه مغامر وكتب عنه فى الجرائد ونشرت صورة قبل زواجنا بمدة قصيرة".
وتتابع :" خرج جمال على الفور وعندما رجع قال : لقد ذهبت لعزيز المصرى وأخبرته إنك عرفتيه، وقال لى : نعم حضرت ولم أذكر اسمى ، ولا زلت للآن لم أفهم شيئا إلا أنى أعرف أن وجود مسدسات مختلفة الأحجام - أكثر من واحد - وحضور عزيز المصرى شئ محظور ، ويجب أن لا يعلمه أحد غيرى .
حرب فلسطين
حرب فلسطين، ورغم ما بها من مشاهد قاسية، خاصة أن الرئيس الراحل تعرض للإصابة فيها وحوصر في الفالوجا، إلا أن هذه الفترة تكشف الرومانسية التي جمعت جمال عبد الناصر بزوجته من خلال الرسائل المتبادلة بينهما، حيث تقول :" اليوزباشى جمال عبد الناصر فى كلية أركان حرب يقضى مدة الدراسة ، والوقت شهر مايو سنة 1948 ، قال : سنتخرج من الكلية خلال أيام بعد أن قُدمَ موعد التخرج أسبوع، والبدلة الرسمية سيكون عليها شارة حمراء - وهى شارة أركان حرب توضع تحت الشارة العسكرية -أرجو تجهيزها، فخيطها بنفسى وكنت فى غاية السعادة" .
بكاء تحية وعبدالناصر يخفى معدات إسعافات الجروح
وتضيف :" تخرج من الكلية وأصبح اليوزباشى أركان حرب جمال عبد الناصر، هنأته بحب واعزاز ، وبعد يومين قال لى : جهزى كل ملابسى لأنى سأسافر إلى فلسطين فى خلال يومين لمحاربة اليهود، فكانت مفاجأه لى وبكيت وحزنت جدا، قال : لما تبكين ؟ فقلت له : كيف لا أبكى ؟ وكنت عندما يخرج أظل أبكى، وبعد تجهيز الشنط لمحته يضع أربطة ومعدات إسعافات للجروح وكان يخفيها حتى لا أراها ".
وتطرقت تحية كاظم إلى تفاصيل مشاركة زوجها في الحرب والرسائل المتبادلة بينهما، قائلة :"بدأت الحرب يوم 15 مايو سنة 1948، وفى يوم 16 مايو الساعة السابعة صباحا غادر جمال البيت وأنا أبكى وعندما خرج من الباب، وكان ينزل السلالم مسرعا وقفت أبكى وأنظر له وهو ينزل السلالم، وكان سبقه المراسله، وعربة جيب منتظرة على الباب، وحضر أشقائه لتوديعه قبل سفره، وكنت مع ابنتى هدى سنتان وخمسة أشهر، ومنى سنة وأربعة أشهر، وكانت الشغالة قد سافرت إلى بلدها منذ أسبوعين، وكان جمال قبل سفره قال لى : يجب أن تكونى حذره فى اختيار الشغالة، والأحسن أن تكون يعرفها أخواتك ، وكانت تزورنى زوجة أحد الضباط، وكانت طلبت زيارتى بعد مولد هدى لتهنئنى وتسكن قريبة من منزلنا، وزوجها هو حمدى عاشور بقي فى القاهرة ولم يسافر الى فلسطين ، فكان يرسل لى المراسله الخاص بهم لشراء ما يلزمنى كل يوم".
وتقول خلال مذكراتها :"رجعوا أشقائه إلى الإسكندرية إذ كانوا لا زالوا فى الجامعة وفى وقت الامتحانات ، وحضر والده لزيارتنا وبقى معى مدة حوالى شهر ، وبعد ذلك كان يحضر أحد أشقائه أو اثنين منهم إذ كان وقت الإجازة، ولم يهمن أى شئ وكان الذى يشغلنى الحرب وأخبار جمال ، وكنت أتلهف على استلام خطاب منه وأفرح جدا عند استلامى الخطاب، وبعد ما أقرأه أقول فى نفسى: من يدرى ماذا حصل بعد كتابته الخطاب وأقلق ومن جديد وأجلس وحدى أحيانا أبكى ".
خطابات عبدالناصر لزوجته
وتكشف عن تفاصيل خطاب أرسله لها زوجها في 18 مايو أي بعد سفره بيومين، حيث يقول فيه :" أرجو أن تكونى بخير مع الأنجال العزيزات أما أنا فكل شئ يدعو للاطمئنان"، بينما في بتاريخ 22 مايو يقول :" أنا فى أحسن حال ولا يشغلنى سوى راحتكم والاطمئنان عليكم وأرجو أن أراكم قريبا فى أحسن حال "، وكذلك فى خطاب بتاريخ 24 مايو يقول :" أكتب إليك الآن ولا يشغلنى أى شئ سوى راحتكم وأرجو أن تكون شقيقتك قد أحضرت لك شغالة أوصيك على هدى ومنى والمحافظة الشديدة عليهما"، بجانب خطاب بتاريخ 9 يونيو قال فيه :"إن شاء الله نجتمع قريبا فى أحسن حال بعد النصر بإذن الله ".
خطابات جمال عبد الناصر لزوجته تحية
ويظهر في تواريخ الخطابات أنه لم يكن يمر سوى أيام قليلة إلا ويكتب جمال عبد الناصر خطابا لزوجته، مما يكشف حجم تعلقه بها حتى وهو في ميدان المعركة، خاصة أن فحوى الخطابات كلها تؤكد تكشف أمنه لا يشغله سوى راحتها رغم ما يشهده من أهوال في المعركة، وأصوات المدافع والرصاص لم يشغله عن التفكير في أسرته، وتقول تحية كاظم :"طلب منى فى خطاب أن أذهب عند أخى وحدد وقت ليكلمنى بالتلفون، ذهبت بمفردى وتركت هدى ومنى مع شقيقه وانتظرته حتى تكلم وسأل عن هدى ومنى وطمأننى ، وقال إنه سيكلمنى فى الأسبوع المقبل فى نفس الميعاد ، وذهبت وكلمنى وقال لى : سأكلمك كل أسبوع ، ذهبت - كما قال - وانتظرت على التلفون لكنه لم يتكلم ، ثم قال لى فى خطاب إنه لم يجد فرصة ليكلمنى لأنهم لا يمكثون فى مكان، وقال : سأكلمك وحدد ميعاد، ذهبت وانتظرت ولم يتكلم أيضا هذه المرة".
خطابات جمال عبد الناصر لزوجته
خطابات جمال عبدالناصر لزوجته تكشف حنينه لمنزله واشتياقه بأن يعود لهم سريعا، حيث قال فى خطاب لها خلال الحرب : "لم أكلمك نظرا لانشغالى"، بينما فى خطاب بتاريخ 23 يوليو قال لها " وحشنى منزلنا جدا وإنشاء الله سأحضر قريبا وبالمناسبة دى يوم 20 رمضان سأحصل على رتبة صاغ "، وتقول زوجته خلال مذكراتها:" فى خطاب آخر قال إنه سيأخذ اجازة لمدة ثلاثة أيام كانت فرحتى عظيمة، حضر وكان مضى على سفره ثلاثة أشهر ونصف" .
خطابات الرئيس الراحل لزوجته