من إنفلونزا الطيور فى إسبانيا إلى فيروسات البعوض فى جنوب القارة.. أوبئة صامتة تتحول إلى ورقة سياسية تهدد استقرار أوروبا وترفع أسعار الغذاء.. والاحتجاجات الشعبية تمثل ضغطا على الحكومات والاتحاد الأوروبى

الإثنين، 29 سبتمبر 2025 06:00 ص
من إنفلونزا الطيور فى إسبانيا إلى فيروسات البعوض فى جنوب القارة.. أوبئة صامتة تتحول إلى ورقة سياسية تهدد استقرار أوروبا وترفع أسعار الغذاء.. والاحتجاجات الشعبية تمثل ضغطا على الحكومات والاتحاد الأوروبى أنفلونزا الطيور

فاطمة شوقى

لم تعد الأوبئة في أوروبا مجرد قضية صحية، بل تحولت إلى عامل سياسي واقتصادي يضغط على الحكومات ويعيد تشكيل العلاقات بين الدول داخل الاتحاد الأوروبي وخارجه، من إنفلونزا الطيور في إسبانيا إلى انتشار فيروس غرب النيل والشيكونجونيا في جنوب القارة، وتتعامل الحكومات الأوروبية مع تحديات تتجاوز حدود المستشفيات لتصل إلى قاعات البرلمانات ومفاوضات بروكسل. في عام 2025، تبدو هذه الأزمات اختبارًا حقيقيًا لقدرة أوروبا على الموازنة بين الصحة والسياسة والاستقرار الاجتماعي.

إنفلونزا الطيور فى إسبانيا.. أزمة محلية بتداعيات أوروبية

واجهت إسبانيا خلال الصيف واحدة من أعنف موجات إنفلونزا الطيور منذ سنوات مع ذبح أكثر من 857 ألف طائر وظهور 46 بؤرة مؤكدة، هذه الكارثة ضربت قطاع الدواجن وأدت إلى ارتفاع أسعار البيض بنسبة تجاوزت 30 % فى بعض الأسواق.

وسياسيًا، وجدت حكومة مدريد نفسها تحت ضغط المزارعين والنقابات الزراعية التى طالبت بتعويضات عاجلة، وفي بروكسل، برز النقاش حول آليات الدعم المشترك للأعضاء المتضررين من الأوبئة، مما أثار جدلًا بين الدول الشمالية التي تطالب بالانضباط المالي وتلك الجنوبية التي ترى في التضامن أولوية.

فيروسات البعوض.. وجه جديد للتغير المناخى والسياسة

بالتوازي مع أزمة الطيور، سجلت دول مثل إيطاليا واليونان وفرنسا ارتفاعًا غير مسبوق في حالات فيروس غرب النيل والشيكونجونيا، وهما مرضان ينقلهما البعوض الذي استفاد من ارتفاع درجات الحرارة وانتشاره في بيئات جديدة.
وربطت الأحزاب الخضراء هذه الأوبئة مباشرة بالتغير المناخي، داعية إلى سياسات بيئية أكثر صرامة.

أما الأحزاب اليمينية الشعبوية، فقد استخدمت الأزمة لتقليل أهمية الأجندة البيئية، واعتبرت الحديث عن المناخ ذريعة لتبرير "فشل الحكومات" في حماية الصحة العامة.

الاقتصاد والأوبئة: تهديد مباشر للثقة بالاتحاد الأوروبي

انعكست الأزمات الوبائية بسرعة على أسعار الغذاء والطاقة، وزادت من معدلات التضخم التي يعاني منها الاتحاد الأوروبي منذ أزمة الحرب في أوكرانيا، في فرنسا وإيطاليا، خرجت احتجاجات متفرقة للمزارعين والعمال بسبب ارتفاع الأسعار، بينما طالبت النقابات العمالية بزيادة الأجور لمواجهة موجة الغلاء.

وكانت النتيجة سياسية بامتياز، أحزاب المعارضة استغلت الموقف لاتهام الحكومات بالعجز، فيما ارتفعت الأصوات المشككة في قدرة الاتحاد الأوروبي على حماية مواطنيه.

الأبعاد الاجتماعية والأمنية.. الاحتجاجات في الشوارع

لم تتوقف تداعيات الأوبئة عند الاقتصاد والسياسة فقط، بل امتدت إلى الشارع الأوروبي، ففي إسبانيا وفرنسا، نظمت احتجاجات مرتبطة بارتفاع أسعار الغذاء، بينما شهدت إيطاليا مظاهرات في المناطق المتضررة من فيروسات البعوض.
هذه التحركات باتت تُقلق الحكومات، إذ تخشى من أن تتحول الأزمة الصحية إلى أزمة ثقة شعبية تضعف شرعيتها وتفتح الطريق أمام التيارات المتطرفة لاستغلال الغضب الشعبي.

العلاقات الدولية: بين العزلة والانفتاح

وأثرت الأوبئة أيضًا على علاقات أوروبا مع العالم الخارجي، فعلى سبيل المثال بعض الدول خارج الاتحاد، مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، لوحت بفرض قيود على استيراد الدواجن الأوروبية لحماية أسواقها.

في المقابل، عززت المفوضية الأوروبية تعاونها مع منظمة الصحة العالمية وشركاء آسيويين لتطوير أنظمة إنذار مبكر للأوبئة، و هذا التناقض بين الميل إلى الانغلاق لحماية الداخل والانفتاح للتعاون الدولي يعكس الانقسام السياسي داخل أوروبا نفسها.

مع اقتراب الانتخابات في دول مثل فرنسا وألمانيا، تحولت الأوبئة إلى موضوع انتخابي حساس، والحكومات الحالية تروج لإجراءاتها الوقائية كدليل على كفاءتها، بينما تصر المعارضة على تصوير الاستجابة بأنها بطيئة وغير كافية.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب