ذوبان متسارع يهدد أوروبا والقطب الشمالى.. تقارير علمية تكشف فقدان خطير للأنهار الجليدية فى السويد والنرويج وسويسرا.. وتحذيرات من اختفائها بنهاية القرن وما يترتب عليه من أزمة مياه عذبة واضطراب مناخى عالمى

الخميس، 25 سبتمبر 2025 03:00 ص
ذوبان متسارع يهدد أوروبا والقطب الشمالى.. تقارير علمية تكشف فقدان خطير للأنهار الجليدية فى السويد والنرويج وسويسرا.. وتحذيرات من اختفائها بنهاية القرن وما يترتب عليه من أزمة مياه عذبة واضطراب مناخى عالمى القطب الشمالي - أرشيفية

كتبت فاطمة شوقى

مازال التغير المناخى يواصل قرع ناقوس الخطر عبر مظاهره الكارثية التى تتوزع بين الأعاصير والفيضانات وموجات الجفاف وحرائق الغابات، إلا أن أخطر نتائجه يظهر بوضوح فى وتيرة ذوبان الأنهار الجليدية حول العالم. فمع كل صيف جديد، تسجل مناطق مختلفة فى أوروبا والعالم خسائر غير مسبوقة فى كتل الجليد التى تشكل شريانًا أساسيا للحياة والمناخ.

 

وفى شمال أوروبا، تكشف بيانات معهد "كوبرنيكوس" التابع للاتحاد الأوروبى كان الأشد حرارة فى تاريخ القارة، ونتيجة لذلك، شهدت الأنهار الجليدية فى السويد والنرويج معدل ذوبان مقلق بلغ 1.8 متر، وهو رقم يفوق المتوسطات التاريخية بشكل خطير، ويؤكد علماء الجليد أن استمرار هذا الاتجاه قد يؤدى إلى اختفاء العديد من الأنهار الجليدية فى العقود المقبلة.


ويحذر الخبير السويدى إريك هوس من أن فقدان هذه القمم الجليدية الصغيرة سيكون بمثابة كارثة بيئية واقتصادية، إذ تعتمد عليها المجتمعات المحلية فى الزراعة وتوليد الطاقة وإمدادات مياه الشرب. أما البروفيسورة نينا كيرشنر، فرأت أن تساقط الثلوج الكثيف هذا العام لم يكن سوى "شعور زائف بالأمان"، مؤكدة أن الاتجاه طويل الأمد يقود إلى انحسار متسارع للجليد.

 

ولا تقتصر المخاطر على شمال أوروبا، فجبال الألب تواجه بدورها تحديًا أشد قسوة. فقدت الأنهار الجليدية السويسرية نحو 40% من حجمها منذ عام 2000، بحسب بيانات اللجنة السويسرية لعلوم الطبيعة (SCNAT). والأخطر أن الفترة ما بين عامى 2022 و2023 وحدها شهدت اختفاء 10% من الجليد المتبقى، فى خسارة غير مسبوقة.

 

ويبرز هنا نهر "أليتش" الجليدى، الأكبر فى جبال الألب بطول 20 كيلومترًا ووزن 10 مليارات طن. هذا النهر الذى يجتذب أكثر من مليون زائر سنويًا بات مهددًا بالزوال خلال 75 عامًا إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. مدير مراقبة الأنهار الجليدية فى سويسرا، ماتياس هوس، أبدى قلقًا بالغًا قائلًا: "ذوبان الجليد يتقدم بوتيرة أسرع من أى وقت مضى، وآمل أن نتمكن من الحفاظ على بعض ما تبقى".

 

تتجاوز تداعيات ذوبان الأنهار الجليدية حدود المناطق الجبلية، إذ تؤثر بشكل مباشر على النظم البيئية والمناخ العالمي. فوفقًا للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، يشكل الجليد والثلوج نحو 70% من موارد المياه العذبة على كوكب الأرض. وهى موارد حيوية لإنتاج الطاقة، والزراعة، والصناعة، وإمدادات مياه الشرب. ومع تراجعها، يزداد الخطر على الأمن المائى لملايين البشر، خصوصًا فى المناطق التى تعتمد على تدفقات الأنهار الجليدية.

 

وشهد القطب الشمالى فى سبتمبر 2025 تراجعا ملحوظا فى مساحة الجليد البحرى، حيث وصل الحد الأدنى السنوى إلى 4.60 مليون كيلو مربع، ليحتل المرتبة العاشرة ضمن أدنى المساحات المسجلة منذ بدء المراقبة بالاقمار الصناعية عام 1981، وهذا الرقم يعادل المستويات الدنيا المسجلة فى عامى 2008 و2010.

 

ووفقا لصحيفة إنفوباى الأرجنتينية فإنه على الرغم من أن العام الحالى لم يشهد تحطيم رقم قياسى جديد، إلا أن الاتجاه العام يظل مقلقًا، إذ إن آخر 19 عاما كانت الأكثر انخفاضا فى الغطاء الجليدى مقارنة بالفترات السابقة ويشير العلماء إلى أن القطب الشمالى يزداد سخونة بوتيرة أسرع بكثير من باقى الكواكب، مما يؤدى إلى ذوبان الجليد فى مساحته أو فى سمكه، حسبما أعلن مرصد الأرض التابع لوكالة ناسا.

 

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الظاهرة تعزى بالأساس إلى الاحتباس الحرارى الناتج عن النشاط البشرى وارتفاع انبعاثات الغازات المسببة لتغير المناخ، إلى جانب عوامل أخرى مثل أنماط الرياح التى تجلب هواء أكثر دفئا، والعواصف التى تكسر الجليد والأمواج البحرية التى تسرع الذوبان، كما تساهم عملية الأطلنطة أى تدفق مياه دافئة من المحيط الأطلسى إلى القطب فى تأخير إعادة تجمد الجليد.

 

ووفقا للخبراء فإن تداعيات هذا التراجع تتجاوز المنطقة القطبية، إذ تؤثر على "المناخ العالمي" من خلال تقليل انعكاس أشعة الشمس (ظاهرة الألبيدو)، ما يزيد من امتصاص الحرارة ويغذى الاحترار العالمي. كما ينعكس ذلك على الحياة البرية مثل الدببة القطبية والفقمات والفظ، فضلًا عن المجتمعات المحلية التى تعتمد على الجليد فى أنشطتها التقليدية.

 

كذلك يشكل الذوبان السريع تهديدًا للتنوع البيولوجى العالمي. فالنظم البيئية الهشة التى بنيت عبر آلاف السنين حول هذه الأنهار معرضة الآن للانهيار. ومع اختفاء الجليد، تختفى معه الموائل الطبيعية للعديد من الكائنات، ما يخل بالتوازن البيئى ويدفع بعض الأنواع نحو الانقراض.

 

ويؤكد خبراء المناخ أن هذه الظاهرة ليست مجرد جزء من الدورة الطبيعية للمناخ، بل نتيجة مباشرة لارتفاع درجات الحرارة بمعدل غير مسبوق بفعل الأنشطة البشرية. ففى سويسرا مثلًا، تجاوزت درجات الحرارة فى الصيف مستويات ما قبل الثورة الصناعية بـ 3.3 درجات مئوية، وهو فارق يكفى لإحداث خسائر قياسية.

 

التقارير الأممية حذرت مؤخرًا من أن استمرار الاتجاه الحالى قد يؤدى إلى اختفاء أربعة من كل خمسة أنهار جليدية فى السويد بحلول عام 2100. أما فى سويسرا، فإن أكثر من 75% من الحجم الحالى للجليد مهدد بالذوبان إذا لم يتم تحقيق خفض جذرى للانبعاثات.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب