هنا صامدون رغم الدمار العظيم.. أهالى غزة يتحدون التهجير برفض خيم الإيواء والإصرار على العيش وسط ركام منازلهم.. سكان القطاع: نعيش على الأنقاض ولن نترك أرضنا.. والقاهرة أبرز عاصمة تصدت للمخططات الصهيونية

الخميس، 13 فبراير 2025 12:00 ص
هنا صامدون رغم الدمار العظيم.. أهالى غزة يتحدون التهجير برفض خيم الإيواء والإصرار على العيش وسط ركام منازلهم.. سكان القطاع: نعيش على الأنقاض ولن نترك أرضنا.. والقاهرة أبرز عاصمة تصدت للمخططات الصهيونية غزة
كتب : أحمد جمال الدين - أحمد عرفة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

 رئيس لجنة حصر الأضرار: أكثر من 45 مليون طن مخلفات تختلط بجثث الشهداء.. وإزالتها فقط تتكلف 1.2 مليار دولار
 

"هنا باقون كأننا عشرون مستحيل هنا على صدوركم.. باقون كالجدار"، هذه الأسطر من قصيدة الشاعر الفلسطينى «توفيق زياد»، خير تعبير عن حال أهالى غزة هذه الأيام، كترنيمة ودعوى للصمود فى مواجهة مؤامرات إسرائيل وتصريحات ترامب، التى تهدف إلى إخراجهم من أرضهم، وتمكين المحتل الغاصب الصهيونى منها، أو كما قال الشاعر الفلسطينى محمود درويش: صامدون هنا قرب هذا الدمار العظيم.

 التهجير محاولات قديمة بدأت مع الصراع العربى الصهيونى جميعها فاشلة

 فى رحلة تاريخية هدفها البحث والتقصى، غاصت «اليوم السابع» فى الوثائق القديمة حول التهجير، ليتضح أن مشروع التهجير لم يكن وليد اليوم، وإنما له جذور تاريخية واستعمارية منذ زرع الكيان الصهيونى فى المنطقة العربية عبر احتلال فلسطين، وهى المشاريع التى تنتهى عادة بالفشل الكامل فى ظل تمسك أهالى وشعب فلسطين بأرضه على النحو التالى:

ماك جى.. فى عام 1949 توجه ماك جى، مستشار وزير الخارجية الأمريكى لشؤون الشرق الأوسط، إلى بيروت، لشرح خطته لإعادة 100 ألف لاجئ فلسطينى إلى الأراضى المحتلة، مع توطين باقى الفلسطينيين فى عدد من البلدان، وتعتبر هذه الخطة من أقدم مشاريع التهجير التى فشلت سريعا.

مشروع مفوض «الأونروا»..  بعدها جاءت المبادرة من المفوض العام الأسبق لوكالة غوث، وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، جون بلاندفورد، الذى تقدم فى عام 1951 بمشروع لدمج اللاجئين الفلسطينيين فى الدول العربية، وشملت مبادرة بلاندفورد تخصيص ميزانية قوامها 250 مليون دولار لدمج اللاجئين فى الدول العربية.

أهالى غزة يتحدون التهجير  (4)

فكرة توطين النازحين خارج بلادهم بدأت عام 1949.. الهدف مصر والأردن وسوريا

خطط الخمسينيات

شهد عام 1953 طرح «خطة سيناء»، من جانب فرنسا وبريطانيا وإسرائيل، التى دعمتها واشنطن، وتشمل «تهجير فلسطينيين» لتلك البقعة المصرية.

فى عام 1955 قدم وزير الخارجية الأمريكى، جون فوستر دالاس، مقترحا بإعادة بعضهم إلى فلسطين بشرط إمكان ذلك، وقيام إسرائيل بتعويض البعض الآخر، وتوطين العدد المتبقى فى البلدان العربية فى أراض مستصلحة عن طريق مشاريع تمولها الولايات المتحدة، فيما قوبل المشروع برفض دول عربية أبرزها مصر وسوريا.

كان هناك مشروع عام 1955، اقترحته إسرائيل بدعم بريطانى أمريكى لتوطين اللاجئين الفلسطينيين فى شمال سيناء، لكنه واجه رفضًا مصريًا حازمًا، بقيادة جمال عبدالناصر، ومعارضة فلسطينية شديدة.

ألقى الرئيس الأمريكى جون كينيدى، خلال المؤتمر القومى للمسيحيين واليهود، خطابا سنة 1957، اقترح عودة من يرغب من الفلسطينيين ليعيش فى ظل الحكومة الإسرائيلية باسم «الصداقة الوفية»، وتعويض من لا يرغب منهم فى العودة، وتوطين اللاجئين الآخرين عبر القيام بمشروعات اقتصادية فى المنطقة.

أجرى عضو الكونجرس الأمريكى، هيوبرت همفرى، دراسة توثيقية سنة 1957 من خلال جولة فى الشرق الأوسط، زار فيها عددا من مخيمات اللاجئين، مؤكدا على أن حق العودة يجب ترسيخه ومساواته بحق التعويض، حيث دعت إلى مهام ومشاريع لتسهيل إعادة توطين اللاجئين فى بعض الدول العربية المحيطة بإسرائيل، وإعادة التوطين والتعويض، ووضع برنامج للتنمية الاقتصادية هو السبيل الواقعى لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين.

المحاولات فشلت بسبب رفض الدول العربية وتمسك الفلسطينيين بأرضهم

قدم الأمين العام للأمم المتحدة، داج همرشولد، ورقة إلى الجمعية العامة حملت رقم «أ/4121» اقترح فيها توطين الفلسطينيين فى الأماكن التى كانوا قد وجدوا فيها بالدول العربية المضيفة.

أهالى غزة يتحدون التهجير  (3)

مشروع 1962

قدم جوزيف جونسون، رئيس مؤسسة «كارنجى» للسلام العالمى سنة 1962، مشروعا بتوصية من لجنة التوفيق الدولية، التابعة للأمم المتحدة بشأن اللاجئين الفلسطينيين، اقترح فيه إعطاء كل أسرة من اللاجئين فرصة الاختيار بين العودة أو التعويض، مع اعتبار قيمة التعويضات الكبيرة التى ستتلقاها كبديل إذا اختارت البقاء حيث هى.


يستفيد اللاجئون الذين لم يكن لهم ممتلكات فى فلسطين من تعويض مالى مقطوع، لمساعدتهم على الاندماج فى المجتمعات التى يختارون الاستقرار فيها، وحينها رفضت إسرائيل، على لسان وزيرة خارجيتها جولدا مائير، مشروع جونسون لاستحالة عودة اللاجئين، لأن الحل على حسب قولها هو فى توطينهم جميعا فى البلدان المضيفة.

التوطين فى الأردن وأيلول الأسود.. طرح العسكرى الإسرائيلى، إيجال ألون، على مجلس وزراء الاحتلال، خطة لفرض تسوية إقليمية تهدف ترحيل فلسطينيين إلى الأردن ومصر، ولم تر النور، وحينها برزت محاولات توطين الفلسطينيين فى الأردن خلال الستينيات والسبعينيات، التى تسببت فى تصاعد التوتر بين الفصائل الفلسطينية والنظام الأردنى، وانتهت بأحداث سبتمبر/ أيلول الأسود عام 1970.

وفى عام 1970، تبنى قائد المنطقة الجنوبية بالجيش الإسرائيلى، أرئيل شارون، خطة لتفريغ قطاع غزة من سكانه، ونقل المئات منهم لسيناء ومدينة العريش، اللتين كانتا تحت الاحتلال الإسرائيلى وقتها، ولم تنجح فى الاستمرار.

وفى 30 أكتوبر 2023، كشفت وثائق بريطانية نشرتها «BBC»، أن محاولات إسرائيل لتمرير سيناريو تهجير الفلسطينيين إلى الأراضى المصرية ليس وليد اليوم، وإنما يعود إلى عام 1971، أى قبل حرب السادس من أكتوبر المجيدة بعامين.

وبحسب الوثائق التى نشرتها هيئة الإذاعة البريطانية، فإن الخطة السرية التى وضعتها إسرائيل قبل 52 عامًا كانت تهدف إلى ترحيل آلاف الفلسطينيين من سكان قطاع غزة إلى شمال سيناء، حيث كان القطاع مصدر إزعاج أمنى لإسرائيل، وباتت مخيمات اللاجئين ‏بؤر مقاومة للاحتلال فى تلك الفترة.

وفى 1993، طرح الدبلوماسى الكندى مارك بيرون، خلال رئاسته الاجتماع الخامس لمجموعة عمل اللاجئين، رؤية بلاده لحل أزمة اللاجئين مقترحا منح الهوية لمن لا هوية لهم، وتوطين الفلسطينيين فى دول اللجوء الحالية، بحيث يتمتعون بالحقوق الاقتصادية والمدنية كاملة.

وفى سنة 2000، طرح الرئيس الأمريكى الأسبق، بيل كلينتون، فكرة توطين الفلسطينيين بالخارج فى أماكن إقامتهم، وتضمن الاقتراح توطينهم فى دولة فلسطينية جديدة، أو فى الأراضى التى ستنقل من إسرائيل إلى الفلسطينيين، أو الدول المضيفة لهم، أو توطين قسم آخر فى دولة ثالثة تقبل بذلك.

كما قدم القائد العسكرى الإسرائيلى، جيورا أيلاند، مشروعا يتضمن تقديم مصر تنازلات عن أراض فى سيناء لصالح دولة فلسطينية مقترحة، مقابل امتيازات لمصر، وفشل المشروع.

وفى 2004، تكرر المشروع على يد الرئيس السابق للجامعة العبرية بالقدس، يوشع بن آريه، ولم يخرج من حيز النقاش للتنفيذ أيضا.

وفى 2006، قدمت إلينا روز لشتاين، عضو مجلس النواب الأمريكى حينها، مشروعا للكونجرس فى محاولة لصناعة قرار يدعو الرئيس الأمريكى حينها جورج بوش إلى مطالبة الدول العربية باستيعاب الفلسطينيين المقيمين على أرضها، وحل وكالة الأونروا، ومعالجة قضايا اللاجئين الفلسطينيين بواسطة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.

ومع بدء ولاية «ترامب» الأولى، تمت إعادة نفس المشروع تحت مسمى جديد وهى صفقة القرن، وهو المشروع الذى تصدت له بقوة الدول العربية، مؤكدة أن فلسطين والقدس خط أحمر، ومع عودته مجددا للبيت الأبيض بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية، أعاد ترامب نفس الطرح بإخلاء قطاع غزة من سكانه، وتوفير وطن بديل لهم فى مصر والأردن،  وهو المشروع الذى أعلنت فيه الدول العربية «مصر والممكلة العربية السعودية والأردن» رفضهم له، مؤكدين أن الأرض ملك لأصحابها.

 

مصر تتصدى للتهجير

من جانبه، قال عاهد فروانة، خبير فى الشأن الإسرائيلى وأحد سكان قطاع غزة: «إن موضوع التهجير فى صلب الحركة الصهوينة من قبل النكبة وفى 1948 من خلال العصابات الصهيونية، وبعدها عملت إسرائيل على تنفيذ التهجير الثانى، وشمل حوالى 900 ألف فلسطينى إلى الضفة والقطاع والدول المجاورة أو شتات العالم، وهذا موضوع حاضر فى الحركة الصهيونية.

وأضاف «فروانة»: «وفى عام  1954 و55 كان هناك محاولات لتهجير قطاع غزة لسيناء، ويومها أفشل الوطنيون الفلسطينيون هذا المشروع، وحينما حدث احتلال 1967، كان هناك مخطط للتهجير بشكل متواصل».

وأوضح «فروانة»: خلال الـ17 عاما الماضية منذ الانقسام الفلسطينى بين غزة والضفة، عمل الكيان الصهيونى على عزل قطاع غزة بالكامل، لما يمثله من ثقل ديمجرافى، لأن به أكثر من 2 مليون فلسطينى، وبالتالى يقللون من الخطر الديموجرافى عليهم.
وتابع «فروانة»: «مع بدء أحداث الـ7 من أكتوبر 2023 عادت المخططات القديمة من جديد بعد فشل سياسة العزل، وهو مخطط تهجير غزة، ونتنياهو خلال هذه الحرب دفع السكان لجنوب غزة علهم يتجهون لسيناء، ولكن نظرا للموقف المصرى القوى ووعى الشعب الفلسطينى، فشل موضوع التهجير القسرى، فبدأ التهجير الطوعى من خلال الخطة البديلة، مما جعل قطاع غزة منطقة غير صالحة للحياة.

 

التهجير.. نغمة معتادة

وبدوره قال الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية: «ملف التهجير القسرى للفلسطينيين موضوع قديم، تتم إعادة تجديده كل فترة، ففى عام 1953 كانت خطة سيناء قد طرحتها إسرائيل، وطرحت عمليات ترحيل للفلسطينيين وفشلت الخطة، وبعد ذلك كان هناك خطة 1956 و1959».

وفى 1966 كان هناك مخططات إسرائيلية يعاد تقديمها تمثلت فى تبادل أراض أو تقسيم أراض أو طرد السكان الأصليين وتهجير الفلسطينيين خارج حدودهم.

وتابع «فهمى»: كان وراء هذه الشخصيات مجموعة جنرالات إسرائيليين وهم «برليف يهوشع بن درع، وايتان»، وآخرهم خطة جيورا ايلاند الذى طرح خطة الجنرالات فى شمال غزة، وشارون كان له خطة شهيرة فى السبعينيات، وحينها كان ضابطا صغيرا فى الجيش برتبة رائد، وكان هدف هذه الخطط الترحيل والتهجير، وإخراج الفلسطينيين من أرضيهم، وقيام إسرائيل الكبرى، وكان الحديث حينها عن أن إسرائيل صغيرة ولا بد أن تكبر وهو ذات الحديث الذى يتردد الآن على لسان ترامب أن حدود إسرائيل صغيرة، ويجب أن تتوسع وينضم لها مناطق مجاورة، مثل 235 كيلو فى الجولان والأغوار والباقورة فى الأردن.

وأكد «فهمى» أن هذه الأفكار يعاد تدويرها الآن لكن لن يكون لها أى وجود ولبد من أخذ الموضوع بجدية، خاصة أن هذه المشروعات الشيطانية تتحدى القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى، ولا بد من نقل المعركة إلى الرأى العام الدولى لمواجهة مثل هذه المخططات.

 

أهالى غزة يتحدون التهجير  (5)

 

سكان غزة: نعيش على الأنقاض ولن نترك أرضنا

تأكيدات «ترامب» رئيس الولايات المتحدة باستخدام كل الوسائل، لتنفيذ خطته، لم تنل من عزيمة الشعب الفلسطينيى، ولم تزده إلا تمسكا بأرضه وجذوره كالأشجار المعمرة، كما أكد عدد من سكان قطاع غزة  خلال تواصلهم مع «اليوم السابع».

وقال «جمال إبراهيم» من سكان شمال القطاع من وسط ركام منزله، الذى كان مكونا من أربعة طوابق فى مدينة جباليا شمال قطاع غزة: «الاحتلال مارس بحق الفلسطينى كل أشكال الإبادة فى محاولة لتحقيق أهدافه كالتهجير والتشريد والسيطرة على الأرض، لكنه اليوم فشل أمام صمود الناس وتمسكهم بأرضهم».

وأضاف «إبراهيم»: منذ بدء الحرب الدموية على غزة، قدم الشعب الفلسطينى كوكبة من شهداء العائلة، ورفضنا أن نخرج من شمال قطاع غزة لأنها أرضنا ولم نقبل بالتهجير القسرى.

وتابع «إبراهيم»: نؤكد للعالم أننا لن نقبل مشاريع التصفية للقضية الفلسطينية ولن نرحل، بل نتمسك بحقوقنا فى الحرية والعودة وتقرير المصير، وهذا مكفول دوليا لشعبنا الفلسطينى، وسنعمل على ترميم منازلنا وتعمير أرضنا مجددا، مؤكدا أن ذلك يعد أكبر رسالة بأن الشعب الفسطينى صامد فى أرضه، ولن يرحل أبدا مهما بلغت التضحيات، وهذا الأمر يجب أن يفهمه الاحتلال والعالم كله.

من جانبه، قال «عاهد الرئيس» من سكان خان يونس: «أهل غزة مستعدون لعمل المعجزات من أجل البقاء فى بيوتهم وأرضهم، رغم الدمار الذى ألحقه الاحتلال فى قطاع غزة»، مشددا على أن إقدام بعض الأهالى على وضع شوادر أو قماش على الأنقاض أفضل من العيش فى مخيمات النزوح، التى يعد العيش فيها أمرا صعبا للغاية.

وقال «أمجد الشوا»: «هناك فلسطينيون عادوا يتفقدون ما تبقى من منازلهم والعيش فيها، برغم تدمير أغلبها، ولكنهم بذلك يعبرون عن تمسكهم بوطنهم وأرضهم، ولن نقبل بمشروعات ترامب وغيره، ولن ترهبنا استخدام لغة القوة أو التهديد بها، فالوطن غال علينا جميعا حتى فى ظل الظروف الصعبة التى نتعايش معها، فالاحتلال دمر البنية التحتية بشكل كامل، سواء فى مواسير المياه أو شبكات الصرف الصحى أو الطرق، بجانب تدمير دور العبادة والمؤسسات التعليميمة والمنشآت الصحية، ولكن كل ذلك يهون فى سبيل العودة مجددا إلى أرضنا ومنازلنا».

بدوره، قال «جمال ذيب» أحد سكان قطاع غزة: «بدأنا بعد العودة فى ترميم منازلنا باستخدام الحجارة، والعيش فيها حتى ولو وسط الأنقاض والركام، فهى أرضنا ولن نتخلى عنها».

وهو ما يؤكد عليه «محمد ياسين» بقوله: «منذ بدء اتفاق سريان وقف إطلاق النار وعودة السكان والأهالى إلى قطاع غزة مرة أخرى، ونحن نعمل كوحدة واحدة فى رفع الركام وإجراء محاولات لترميم أجزاء من المنازل المهدمة بفعل العدوان الصهيونى لاستيعاب السكان، واستئناف حياتنا مرة أخرى، ورغم أن المتاح من مواد البناء بسيط للغاية، لكننا عازمون على إتمام تلك المهمة والبقاء داخل قطاع غزة، وعدم التفريط فى أرضنا وعدم الانصياع لتهديدات «ترامب» أو قوات الاحتلال الصهيونى».

تكلفة إعمار غزة

أما المهندس بهجت جبارين، رئيس لجنة حصر الأضرار على غزة، ومدير الرقابة والتفتيش فى سلطة البيئة الفلسطينية، فقال: «اللجنة تعمل على حصر الأضرار بشكل تقديرى، نظرا لعدم إمكانية حصرها بشكل دقيق فى الوقت الحالى بسبب العديد من الصعوبات، منها النقص فى القوى البشرية أو العناصر اللوجستية بمعنى العجز الواضح  فى أعداد  الطواقم  المؤهلة لتلك العملية فى القطاع، وافتقاد بعض الوسائل والأدوات التى تمكنا من ذلك».    لذلك يتم الاعتماد فى الوقت الحالى على تقارير المؤسسات الدولية، والبلديات والمؤسسات العاملة فى غزة، واللجنة أعدت تقريرا أوليا للحرب من خلال الصور الجوية.

وأوضح رئيس لجنة حصر الأضرار على غزة، خلال حديثه لـ«اليوم السابع»: «هناك أكثر من 800 ألف طن من المواد المختلطة بمادة الأسبستوس، وهو ما يتطلب تحديد التكاليف المالية لعملية الإزالة بشكل كامل، وإعادة التدوير وحسابات دقيقة للتكلفة المالية».

واستطرد «جبارين»: لجنة الإعمار التابعة لوزارة الأشغال العامة قدمت خطة للحكومة الفلسطينية من أجل إعادة الإعمار، فيما يتعلق بالبنية التحتية والطرق والإغاثة وإغاثة اللاجئين وإعادة التسكين، لحين بناء قطاع غزة من جديد، وتقديم الخدمات التى لها علاقة بالأغذية والعلاج».

ملامح خطة إعمار غزة.. وعن ملامح تلك الخطة وما تتضمنه، كشف رئيس لجنة إعادة الأعمار: إن الخطة مرحلية لمدة ثلاث أشهر، تم إعدادها من خلال برنامج الأمم المتحدة للبيئة اليونيب مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائى UNDP، وتم عرضها على سلطة البيئة، وتستهدف عمل دراسات وتقديرات وآليات، وكل ما له علاقة بإزالة الردم والهدم فى غزة، فيوجد أكثر من 45 مليون طن من مخلفات الردم التى تختلط بجثث الشهداء، والمتفجرات، والقنابل غير المنفجرة، وتهدف الخطة إلى إزالة المخلفات بشكل كامل، وستنفذ من خلال عطاءات وشركات دولية لتنفيذها خلال مرحلة الـ3 أشهر.

واستكمل رئيس لجنة حصر الأضرار: «الموازنة المرصودة من قبل برنامج الأمم المتحدة للبيئة من أجل مرحلة مؤقتة لعمل الدراسات الكاملة والشاملة والدقيقة لآلية تحديد أماكن الجثث وعملية دفنها، والتعامل مع الجثث حسب الأصول الدينية والأخلاقية وإزالة المتفجرات والألغام وكل ما له علاقة بالمواد الخطيرة وتحديد العمليات التى لها علاقة بإعادة استخدام مخلفات الهدم، سواء فى عملية البنية التحتية أو استخدامها كأرصفة أو استخدامها لرصف الطرق بعد فصل كل المواد الخطيرة، بالإضافة لتحديد أماكن التجميع ودفن المواد الخطيرة».

وأكمل «جبارين»: «بحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائى عن غزة، فإن هناك 42 مليون طن من الأنقاض تتكلف إزالتها فقط 1.2 مليار دولار، وتكلفة نقل الركام وحدها تبلغ حوالى 700 مليون دولار، وتتطلب العملية سنوات عديدة، لذلك فمن المتوقع أن تصل تكلفة إعادة الإعمار إلى 40 مليار دولار، بحسب التقرير الأممى، وهناك 500 هكتار تلزم لدفن الأنقاض والركام، الذى لا يمكن إعادة تدويره والذى يتضمن مواد خطرة».

 أعضاء بالحزب الجمهورى الأمريكى لـ«اليوم السابع»: لا توجد استراتيجية عملية لتنفيذ مقترحات ترامب بنقل سكان غزة
 

إيرينا تسوكرمان: غير واقعية وتمثل تطهيرا عرقيا وانتهاكا للقانون الدولى.. الفكرة تشكل تهديدا للاستقرار الإقليمى.

إحسان الخطيب: مقترح ترامب مرفوض من كل دول العالم إلا اليمين اليهودى المتطرف.. الرئيس الأمريكى يكرر نفس الفكرة التى فعلها مع كندا

شرحبيل الزعيم: دعوات ترامب ضوء أخضر لإسرائيل لارتكاب المزيد من جرائم الحرب

أكد الدكتور إحسان الخطيب، عضو الحزب الجمهورى الأمريكى، أن تصريحات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بشأن غزة ونقل سكان القطاع إلى الدول المجاورة لا تعد تهجيرا قسريا، لأن اللغة واضحة هى لغة عرض فقط، وهو يقول يتم البناء ويعودون إذا أرادوا ذلك.مقترح غير مدروس

وقال عضو الحزب الجمهورى الأمريكى، فى تصريحات خاصة لـ«اليوم السابع»، إن مقترح الرئيس الأمريكى عن تهجير سكان غزة غير مدروس ولا أحد يؤيده، كما أنه عرض مرفوض من كل دول العالم إلا اليمين اليهودى المتطرف، لذلك هو اقتراح غير عملى وغير واقعى، ولا أعتقد أن ترامب جاد فى عرضه.

وقال إحسان الخطيب، إن ترامب يريد من خلال هذا المقترح أن تمتلك الولايات المتحدة الأمريكية غزة دون صرف مال هناك ودون وجود عسكرى أمريكى مع خروج فلسطينى طوعى وحق عودة، متابعا: «كيف يحدث ذلك! هل هذا كلام منطقى! هو شىء غير واقعى».

أهالى غزة يتحدون التهجير  (1)

دغدغة مشاعر اليمين اليهودى

وأشار عضو الحزب الجمهورى الأمريكى، إلى أن هدف الرئيس الأمريكى من هذا المقترح هو دغدغة مشاعر اليمين اليهودى، وإعطاء انطباع أن ترامب معهم ويحاول أن يساعدهم، مؤكدا أن الحديث الجاد يدور حول وقف إطلاق نار دائم فى غزة وعملية سلام، وهذا ما يحدث خلف الأبواب المغلقة، حتى أن المسؤولين فى البيت الأبيض صعقوا من مقترحه، عندما سمعوا ما يقوله عن غزة، وأهم حلفاء ترامب السيناتور جراهام يقول إنها فكرة غير عملية.

وبشأن توقيت إطلاق دونالد ترامب مقترحه عن نقل سكان غزة الآن قال «الخطيب»، إن الرئيس الأمريكى يكرر نفس الفكرة التى فعلها مع كندا بحيث تكون الولاية الواحد والخمسين وهى سياسة Shock and awe، بتقديم سقف عال وبعدها الكلام الجاد للوصول إلى حل معقول، وهو ما ظهر بعد ذلك فى تراجعه وتأكده أنه ليس فى عجلة من أمره.

وحول توقعاته بإمكانية تراجع ترامب عن مقترحه قال عضو الحزب الجمهورى الأمريكى، إن ترامب سيقول لليمين اليهودى حاولت أن أحقق مقترحاتى ولكن العالم ضد الاقتراح، سيقول «حاولت أن أجد حلا جديدا وخارج الصندوق بشأن أزمة غزة ولكن الكل ضده».

أهالى غزة يتحدون التهجير  (2)

ترامب يضغط على نتنياهو لإيقاف الحرب

كما جدد «الخطيب» تأكيده بأن الكلام الجاد الذى يحدث خلف الأبواب المغلقة هو الضغط على رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو لإنهاء الحرب، هذا هو الواقع وما يسعى له الرئيس الأمريكى، مشيرا إلى أن نتنياهو يحاول ممارسة المناورة من أجل منع وقف الحرب واستمرار القتال فى القطاع، ولكن سيفشل وهو ما زال يناور ويراوغ ويكذب حتى الآن.

وعلق عضو الحزب الجمهورى الأمريكى، على الهبة الدولية التى حدثت منذ تصريحات ترامب عن غزة، موضحا أن هذا رد فعل عالمى طبيعى لفكرة فى الحقيقة غير عملية وغير عقلانية، متابعا: «على سبيل المثال عندما ننظر للموقف الألمانى فهو موقف ممتاز عوض به دعمه الإبادة فى غزة، فالعالم مع بقاء الفلسطينيين على أرضهم».

وأشار إحسان الخطيب، إلى أن أى حل حقيقى وعادل للقضية الفلسطينية يتطلب العمل على إعادة البناء وإعمار غزة، بجانب العمل على حل الدولتين، واحترام القانون الدولى والرأى العام العالمى، ودعم تقارير المنظمات الدولية عن الأوضاع الكارثية فى غزة، فالكل مع الموقف العربى، ومصر ليست وحدها.

تطهير عرقى

فيما أكدت إيرينا تسوكرمان، عضو الحزب الجمهورى، أن تصريحات ترامب عن نقل سكان غزة إلى عدة دول وسيطرة الولايات المتحدة على القطاع تمثل تهجيرا قسريا وتطهيرا عرقيا، خاصة أن العديد من خبراء القانون ومنظمات حقوق الإنسان وأعضاء المجتمع الدولى أعربوا عن قلقهم من أن اقتراح دونالد ترامب بشأن التهجير القسرى للفلسطينيين من غزة يمكن اعتباره تطهيرا عرقيا.

وأضافت عضو الحزب الجمهورى الأمريكى، فى تصريحات خاصة لـ«اليوم السابع»، أن مصطلح التطهير العرقى يستخدم لوصف الإزالة القسرية لمجموعة عرقية أو دينية من منطقة بقصد تغيير التركيبة الديموغرافية، وغالبا ما يكون مصحوبا بالعنف أو الإكراه.

إيرينا تسوكرمان عضو الحزب الجمهوري
إيرينا تسوكرمان عضو الحزب الجمهوري

وأشارت «تسوكرمان»، إلى أن مقترحات ترامب بشأن نقل سكان غزة أثارت العديد من الاتهامات ضده لعدة أسباب، أولها أن تصريحاته تتضمن التهجير القسرى كعنصر أساسى، حيث يقترح ترامب نقل السكان الفلسطينيين فى غزة إلى دول مجاورة، مع إعادة تطوير المنطقة وتحويلها إلى منطقة أكثر ازدهارا اقتصاديا، وهذا الاقتراح يؤدى إلى إزالة السكان قسرا من غزة وهو ما يمثل اتهامات بالتطهير العرقى، حيث يمكن أن يؤدى ذلك إلى التهجير الدائم للسكان بالكامل على أساس عرقهم.

وأوضحت أن خبراء حقوق الإنسان يرون أن مثل هذا الاقتراح من شأنه أن يشكل انتهاكا للقانون الدولى، وخاصة القوانين الدولية التى تحظر النقل القسرى للسكان وتدعم حق اللاجئين والنازحين فى العودة إلى ديارهم، حيث تحظر اتفاقيات جنيف وقرارات الأمم المتحدة المختلفة صراحة الإجراءات التى من شأنها أن تؤدى إلى التهجير القسرى للمدنيين كشكل من أشكال التلاعب العرقى.

أهالى غزة يتحدون التهجير

ولفتت «تسوكرمان»، إلى أن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى أعربا بشكل عام عن معارضتهما للمقترحات التى تقوض حقوق الفلسطينيين وتقرير المصير، كما أدانت منظمات حقوق الإنسان المختلفة هذه الفكرة، لأن هذه المقترحات تؤدى إلى تصعيد الأزمة الإنسانية وتؤدى إلى المزيد من عدم الاستقرار الإقليمى.

وقالت عضو الحزب الجمهورى الأمريكى، إن تصريحات ترامب حول تهجير سكان غزة غالبا ما تتم مقارنتها بحالات التطهير العرقى السابقة، مثل تهجير البوسنيين فى التسعينيات أو معاملة الروهينجا فى ميانمار، حيث تضمنت هذه الحالات إعادة توطين قسرى للأقليات العرقية أو الدينية، ما أدى إلى معاناة هائلة وموت وتدمير المجتمعات.

موقف زعماء المنطقة العربية

وأشارت تسوكرمان إلى أن موقف زعماء المنطقة العربية وعلى رأسهم مصر والأردن ضد تهجير الفلسطينيين، قوى، حيث رفضت الدول العربية، بما فى ذلك مصر والأردن ودول أخرى، بشدة أى شكل من أشكال التهجير الفلسطينى، لأنهم ينظرون إلى مثل هذه المقترحات على أنها لا تنتهك القانون الدولى فحسب، بل إنها تشكل أيضا تهديدا محتملا للاستقرار الإقليمى، وكذلك ندد الزعماء الفلسطينيون، مثل محمود عباس وقيادة حماس، بالفكرة باعتبارها جزءا من الجهود الرامية إلى محو القضية الفلسطينية والدفع نحو التهجير الدائم للمستوطنات.

وأكدت عضو الحزب الجمهورى الأمريكى، أن اقتراح ترامب قد يؤدى بالفعل إلى تفاقم التوترات القائمة فى المنطقة، ما يتسبب فى مزيد من زعزعة الاستقرار بالشرق الأوسط، لافتة إلى أنه من المرجح أن يؤدى تهجير الفلسطينيين إلى شعور أكبر بالظلم والاستياء، ما قد يؤدى إلى المزيد من المقاومة والانتقام العنيف.

وقالت إن مسؤولى ترامب حاولوا التوضيح بأن أى خطة من هذا القبيل ستكون مبنية على التعاون الطوعى، وستكون مؤقتة بطبيعتها، موضحة أن الواقع يؤكد أن هذه «الخطة» على الأرجح ليست أكثر من مجرد رد فعل عاطفى ورغبوى من جانب الرئيس ترامب ردا على الاستكشاف الإسرائيلى للموضوع وزيارة نتنياهو وفرصة لتسجيل نقاط سياسية مع القاعدة الإسرائيلية من خلال الظهور بمظهر من يكسر هوس الخطاب الشعبى بحل الدولتين أو الدبلوماسية المطولة أكثر من كونها اقتراحا حقيقيا يتضمن أى خطوات نحو التنفيذ.

لا استراتيجية عملية لتنفيذ مقترحات ترامب

وتابعت عضو الحزب الجمهورى الأمريكى: «من خلال نظرة سريعة على التعامل مع هذه القضية تظهر أنه لا توجد استراتيجية عملية نحو التنفيذ، خاصة أن حماس لا تزال موجودة، وأن احتمالات نزع السلاح من شأنها أن تجعل بعض عناصر هذا الاقتراح على الأقل وظيفية، مفقودة تماما، وليس المقصود بالضرورة أن يحدث هذا المقترح على العكس، ترامب يسعى لتوليد النقاش من أجل مصلحته الخاصة، وتعطيل الخطاب، وتحويل الانتباه عن المشاكل والعقبات البنيوية المستمرة، وحشد الدعم لزعامة ترامب فى حين يتصدى للانتقادات الموجهة إلى دوره فى الإصلاحات المحلية».
توقيعات عزل ترامب

وحول التوقيعات التى بدأ نائب أمريكى ينتمى للحزب الديمقراطى جمعها لعزل ترامب، قالت إن هذه الفكرة غير قابلة للتنفيذ، لأنها لا تحظى بأى دعم، واصفة صاحب هذه الفكرة بأنه شخص متطرف معروف لا يؤخذ على محمل الجد، وهذا الجهد يظهر ضعف الديمقراطيين اليوم.

وردا على سؤال حول نظرتها للمظاهرات والاحتجاجات التى انطلقت ضد ترامب، قالت عضو الحزب الجمهورى الأمريكى، إن معارضى ترامب أضعف كثيراً مما كانوا عليه فى ولايته الأولى، إن فوزه بالتصويت الشعبى يمنحه تفويضا أوسع، ويفتقر معارضوه إلى استراتيجية سياسية أو اتصالية متماسكة لمواجهة سياساته بفاعلية.

وفى ذات السياق، أكد شرحبيل الزعيم، وزير العدل الفسطينى، أن تهديدات ترامب تعتبر تحريضا على التطهير العرقى والتهجير القسرى وانتهاكا واضحا للقانون الدولى، كما تعتبر تحريضا للسلطة القائمة بالاحتلال «إسرائيل» لارتكاب المزيد من جرائم الحرب.

وشدد الزعيم، لـ«اليوم السابع»، على ضرورة الاحترام الكامل للقانون الدولى الإنسانى وقانون حقوق الإنسان الدولى، وقال «إن أى نقل قسرى أو ترحيل للأشخاص من أرض محتلة محظور تماما».

وأكد «الزعيم» على موقف الرئيس محمود عباس بالرفض الكامل لأى دعوات أو مخططات تهدف لتهجير الشعب الفلسطينى من أرض وطنه، سواء فى قطاع غزة أو فى الضفة الغربية أو القدس الشرقية عاصمتنا الأبدية، والتى تخالف وتنتهك قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولى.

ولفت إلى أن القطاع جزء أصيل لا يتجزأ من أرض دولة فلسطين، والتى هى صاحبة الولاية السياسية والقانونية عليه كباقى الأرض الفلسطينية.

وأوضح وزير العدل: «عودة أكثر من نصف مليون نازح من جنوب قطاع غزة إلى شماله فى أول فرصة أتيحت لهم رغم الدمار الهائل الذى تعرضت له مدنهم وقراهم ومخيماتهم فى محافظتى غزة والشمال يعبر بوضوح عن تمسك الشعب الفلسطينى بأرضه واستعداده للذود عن وطنه وبذل الغالى والنفيس والتضحية بالنفس فى سبيل ذلك.

وأضاف أن غزة التى هى من أقدم مدن العالم أفشلت كل محاولات الغزاة والمستعمرين فى استيطانها أو النيل من عزيمة شعبها العربى الفلسطينى.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة