في عالم السياسة الأمريكية، لا يكتفي الرئيس دونالد ترامب بالظهور العادي في الإعلام، بل يسعى إلى تحويل كل حدث إلى منصة شخصية تعزز حضوره، ومع اقتراب موعد مباراة السوبر بول، الحدث الرياضي الأضخم في الولايات المتحدة، يخطط ترامب لحضورها بنفسه، في خطوة غير مسبوقة لرئيس أمريكي، هذا التحرك، كما تشير شبكة "سى إن إن"، يأتى ضمن استراتيجية أوسع لإبراز نفسه كقائد لا يمكن تجاهله.
خلال العام الماضي، رفض الرئيس جو بايدن فرصة إجراء مقابلة تلفزيونية قبل مباراة السوبر بول، وهي تقليد إعلامي بارز. أما هذا العام، فلن يقتصر الأمر على مقابلة ترامب، بل سيحضر المباراة شخصيًا، ما يجعل من الحدث الرياضي الأشهر في دوري كرة القدم الأمريكية جزءًا من "عرض ترامب" المستمر.
منذ توليه المنصب، حرص ترامب على الحفاظ على وجوده الإعلامي القوي عبر المؤتمرات الصحفية، والإعلانات المثيرة للجدل، ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي، وحتى اللقطات الساخرة التي يتم إنشاؤها باستخدام الذكاء الاصطناعي. وخلال إفطار الصلاة الوطني، قال ترامب: "لقد كنت مشغولًا للغاية لدرجة يصعب تصديقها"، مما أثار ضحك الجمهور.
ترى شبكة "سي إن إن" أن انتشار ترامب الإعلامي ليس مجرد صدفة، بل هو جزء من استراتيجية تستهدف تعزيز التأييد بين الناخبين الجمهوريين، وإرباك خصومه الديمقراطيين.
وأكدت كارولين ليفات، السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، خلال إحاطتها الإعلامية الأولى أن ترامب "في كل مكان مرة أخرى، وأن هذا الظهور الإعلامي المستمر يعزز روايته السياسية". ولكن، وفقًا للمذيع كريس هايز في كتابه "نداء صفارات الإنذار"، فإن هذه الرغبة الجامحة للظهور قد تكون نابعة من حاجات نفسية عميقة، حيث "يقبل ترامب أي شكل من أشكال الاهتمام، سواء كان مديحًا أم انتقادًا، طالما أنه في مركز الحديث".
ولا يقتصر تأثير ترامب على السياسة فحسب، بل يمتد إلى الثقافة الشعبية، وتوضح المؤرخة روث بن غيات، أن "ظهور الرجل القوي المستمر هو عنصر أساسي في بناء صورته القيادية"، مشيرةً إلى أن أنصار ترامب يرونه شخصية شبه أسطورية.
وعلى الرغم من هزيمته في الانتخابات السابقة، يواصل ترامب الظهور في كل فرصة، ليخلق تباينًا واضحًا بينه وبين بايدن، ويستخدم ترامب وسائل التواصل الاجتماعي، مثل منصة Truth Social، للترويج لمقابلاته وإعلاناته، وهو ما يعزز حضوره بين مؤيديه.
تشير شبكة "سي إن إن" إلى أن العديد من تحركات ترامب لا تهدف فقط إلى تغيير سياسات الحكومة، بل تسعى إلى التأثير على الثقافة الأمريكية بشكل عام.
في تحليله لهذه الظاهرة، كتب تايلر كاون في مدونته "الثورة الهامشية" أن استراتيجية ترامب تقوم على "إغراق المنطقة بالمواجهات"، حيث يتم استثمار كل خطاب أو إجراء سياسي كأداة لإثارة النقاش والجدل، دون الاكتراث بمدى قانونيته أو استدامته.
ويرى المحلل السياسي جيمس كارفيل أن ترامب قد يستنزف طاقته السياسية عبر الظهور المستمر، مُشيرًا إلى أن هذه الاستراتيجية قد تؤدي إلى نتائج عكسية. ومع ذلك، يشير المعلق المحافظ كلاي ترافيس إلى أن المشاعر العامة قد تحولت لصالح ترامب، حتى بين لاعبي ومديري دوري كرة القدم الأمريكية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة