الطبيب الفلسطينى خالد السعيدنى فى حوار خاص لـ"اليوم السابع": بتر قدمى اليمنى لم تمنعنى من أداء رسالتى فى علاج الأطفال.. إصابتي بالسكر وشظايا صاروخ إسرائيلى فاقمت الأمور.. وأحاول إنقاذ ساقى اليسرى من البتر

السبت، 01 فبراير 2025 02:30 م
الطبيب الفلسطينى خالد السعيدنى فى حوار خاص لـ"اليوم السابع": بتر قدمى اليمنى لم تمنعنى من أداء رسالتى فى علاج الأطفال.. إصابتي بالسكر وشظايا صاروخ إسرائيلى فاقمت الأمور.. وأحاول إنقاذ ساقى اليسرى من البتر الدكتور خالد سعيدني
حوار / أحمد عرفة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

 

<< ركبت طرفا صناعيا مؤقتا كي أستطيع العودة لعملى

<< حاولت عمل غيارات على قدمي قبل بترها برفقة زوجتى وفشلنا في السيطرة على الأمر

<< تقدمت بتحويل طبي من الصحة العالمية منذ أشهر ولم يبلغن أحد على مستقبل طلبى

<< كنت أحتاج إجراء عملية دعامات في القدمين وزملائى لم يستطيعوا لقلة الإمكانيات

<< إذا توفر أطباء أوعية دموية بغزة لتحسنت أوضاعي الصحية ولم اضطر للبتر

<< احتاج لعملية قسطرة الشرايين الطرفية نظرا لعدم توافرها في كل مستشفيات القطاع

<< أعداد المرضى فى قسم الأطفال بالمستشفى زاد أضعاف مضاعفة عن عدد الأسرة الطبية

لم يمنعه بتر قدمه اليمنى من مباشرة عمله كطبيب أطفال في مستشفى شهداء الأقصى بالمحافظة الوسطة فى قطاع غزة، مئات الأطفال يترددون يوميا سواء مرضى أو مصابين، خاصة أن الغالبية العظمى من ضحايا الحرب الإسرائيلية هم من الأطفال والنساء، أعطته المستشفى إجازة نظرا لظروفه الصحية واحتياج قدمه اليسرى لعملية جراحية لمنع بترها هي الأخرى، ولكن لم يختار المكوث في الخيمة طويلا وأصر على استكمال عمله في ظل هذا الظرف الصعب الذي يمر به القطاع، ضاربا نموذجا مشرفا للطبيب الفلسطيني المستعد للتضحية بحياته من أجل إنقاذ حياة المرضى.

 

اقرأ أيضا:

التهجير القسري لسكان غزة جريمة حرب.. مقترح ترامب فى ميزان خبراء "جارديان": أي عرض للانتقال المؤقت خارج القطاع تذكرة بنكبة 1948.. وتعليقات دونالد دعوة للتطهير العرقي وتكرار لرسائل المتطرفين الإسرائيليين

 

الطبيب الفلسطيني خالد السعيدني، الذي أصيب بشظايا في قدمه منذ بداية العدوان، ومع معاناته من مرض السكر، تطلب الأمر لتدخل جراحي لعلاج انسداد شرايين القدم، إلا أنه مع انهيار المنظومة الصحية وعدم توافر العلاج، ونقص الإمكانيات والمستلزمات الطبية، والنقص الشديد في الأطباء المتخصصين تفاقم المرض، خاصة مع معاناة الأطباء الذين يعملون ليلا ونهارا في المستشفيات كي يستطيعون علاج كل هذا العدد من المصابين والمرضى بأقل الإمكانيات، ليجد "السعيدني" نفسه مضطرا لبتر إحدى قدميه، وسرعة علاج الأخرى كي لا تلحق بأختها.

 

اقرأ أيضا:

معبر رفح ينبض بالتضامن.. مصر تقود قوافل المساعدات الإنسانية لدعم غزة.. شاحنات الإغاثة تصل القطاع.. الشعب المصري يتحد لمساندة الأشقاء.. مبادرات إغاثية غير مسبوقة.. وفرق الإسعاف المصرية في حالة استنفار

 

ظل خالد السعيدني لفترة بعيدا عن العمل، ولكن رغبته في أداء رسالته وتقديم الواجب الوطني تجاه أطفال شعبه جعله يضطر لتركيب طرف صناعي، ويعكز على القدم الأخرى حتى يستطيع الذهاب إلى المستشفى وعلاج الأطفال الذين يصطفون بالطوابير لتسكين آلامهم.

أجرينا حوارا مع  الطبيب الفلسطيني ليحدثنا عن تفاصيل تلك الإصابة والأسباب التي أدت لبتر قدمه اليمنى، وكواليس عودته لعمله من جديد وسط احتفاء كبير من العاملين في المستشفى، وكيف يتعامل مع الحالات المرضية التي تأتى للمستشفى في ظل تحامله على إصابته؟ الخطوات التي يتخذها من أجل علاجه خارج القطاع، وغيرها من القضايا والموضوعات في الحوار التالي..

 

سأبدأ معك في البداية عن كواليس عودتك لعملك بعد بتر قدمك اليمنى .. كيف تخطيت تلك العقبة المرضية كي تكون قادرا على أداء رسالتك الطبية؟

قبل فترة ركبت طرفا صناعيا مؤقتا عن طريق مستشفى الأردني الميداني وبدأت أتحرك من خلالها، وحينها قررت أداء عملى لأعالج بعض الحالات المستقرة غير العاجلة والتي تتناسب مع ظروفى الصحية، حيث لا استطيع بذل مجهودا كبيرا نتيجة هذا العجز، واضطر لمباشرة الحالات وأنا جالس وانتقل بين أقسام المستشفى .

الدكتور خالد   السعيدني
الدكتور خالد السعيدني

 

متى قررت العودة لعملك ؟

قررت العودة لعملى عندما شعرت أننى يمكن أن أقدم أي شيء لهؤلاء الأطفال المصابين والمرضى الذين يتدفقون بأعداد كبيرة إلى مستشفى شهداء الأقصى، ولمعاونة زملائى في علاج هذا العدد الكبير من الحالات، فأنا أعمل في قسم الأطفال بتلك المستشفى منذ أكثر من 23 سنة وهذا المكان اعتبره بيتى الثاني، وعندما شعرت أننى قادر على تقديم شيء للأطفال قررت فورا العودة للعمل.

وكيف استقبلك زملائك فور عودتك لعملك؟

استقبلنى الطاقم الطبي بشكل حفاوة، وأغلب الموجودين كانوا زملاء لي وجميعهم يحبونى وعلاقتى بهم طيبة والجميع يحترمني.

الدكتور خالد السعيدني
الدكتور خالد السعيدني

 

ما هي المشكلات الصحية التي تعاني منها الآن بعد بتر قدمك اليمنى؟

لدى مشكلات في قدمى اليسرى التي تعاني من انسداد في الشرايين وهذا أحدث لى مشكلة كبيرة وكل الخوف أن تحدث بها أزمة أخرى قد تؤدى لتبرها مثل القدم اليمنى.

ما الذي تسبب في تفاقم الأمور الصحية إلى هذا الوضع؟

أنا مريض سكري منذ 25 عاما ولكن الأزمة تطورت بعد إصابتى بشظايا صاروخ إسرائيلي في بداية الحرب على غزة، وتفاقمت الحالة الصحية سريعا وأصبح هناك التهابات في العظم وهنا قرر الأطباء تبر القدم اليمنى لتفادى بعض المشكلات التي قد تصير حال عدم البتر والحمد لله انا سعيد أنى بدأت أعود لعملى الذي أحبه.

 

الدكتور خالد السعيدي يتابع حالات الأطفال - وكالة الأنباء الفلسطينية
الدكتور خالد السعيدي يتابع حالات الأطفال - وكالة الأنباء الفلسطينية

 

هل بتر قدمك كان بسبب شظايا من صواريخ إسرائيلية أم انتشار السكري في القدم وعدم وجود تدخل طبي؟

كما ذكرت أنا أعانى من مرض السكر منذ سنوات لكن كانت حالتى الصحية جيدة للغاية وأذهب وأعود للمنزل بشكل طبيعي ولكن بعد إصابتي بشظايا ومع معاناتى من السكر زادت الأمور تعقيدا لكن عدم وجود إمكانية طبية خلال فترة الحرب وعدم وجود أطباء أوعية دموية والعظام أدى إلى وصول الأمر إلى هذا الحد.

كيف كنت تتعامل مع قدمك اليمنى قبل اتخاذ الأطباء قرارا ببترها؟

كنت أجتهد أنا وزوجتى لعمل غيارات على قدمي، ولكن لم نسيطر على الأمر لذلك تم بترها.

 

إذن فمرض السكر ليس السبب الرئيسي في بتر القدم وسوء الوضع الصحي؟

الحالة الصحية تدهورت بشكل رئيسي لعدم وجود الإمكانيات الطبية في المستشفيات بقطاع خاصة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي، فأنا كنت على رأس عملى في ظل الحرب وخلال الحروب السابقة كنت أيضا على رأس عملى، ومع بداية الحرب كنت نازحا في المستشفى وأعمل طوال 24 ساعة نظرا لعدم وجود أطباء بشكل كافي نتيجة الحرب، ولكن مع ضغوط العمل والشظايا التي أصابت قدمى زادت الالتهابات بالرجل اليمين.

الطبيب الفلسطيني خالد السعيدني - وكالة الأنباء الفلسطينية
الطبيب الفلسطيني خالد السعيدني - وكالة الأنباء الفلسطينية

 

إذن إذا كان هناك إمكانيات طبية وأطباء متخصصين لما وصل الحال إلى بتر القدم اليمنى؟

بالفعل.. إذا كان هناك أطباء أوعية دموية كانت الأمور ستسير بشكل أفضل ولم أكن لأضطر لبتر قدمي، لكن لعدم وجود إمكانيات وأطباء ساهم بنسبة 85 % في وصول الأمر للبتر ولكن أنا راضي للغاية على ما حدث لى وأنا أفضل من غيرى.

 

هل كان من المقرر إجراء عمليات جراحية قبل قرار بتر القدم اليمنى؟

نعم.. كان من المفترض أن أجرى عملية دعامات في القدمين ولكن لم يستطع زملائى الأطباء القيام بذلك بسبب قلة الإمكانيات الطبية، كما كان مفترض تحويلي للعلاج للخارج ولكن لم أستطع أيضا بسبب غلق الاحتلال المعابر، مما اضطر الأطباء إلى بتر قدمه اليمني.

الطبيب الفلسطيني خالد السعيدني يتابع حالة طفل فلسطيني - وكالة الأنباء الفلسطينية
الطبيب الفلسطيني خالد السعيدني يتابع حالة طفل فلسطيني - وكالة الأنباء الفلسطينية

 

تحدثت عن أنك تقدمت بتحويل طبي للعلاج خارج القطاع.. ما هي تفاصيل تقديم هذا التحويل وبماذا ردوا عليك؟

تقدمت بتحويل طبي للعلاج خارج القطاع خلال علاجى في المستشفى الأوروبي بغزة، حيث طلبوا إجراء دعامات على شرايين القدم اليسرى واليمني لأنه لا يوجد دعامات بالقطاع، ولكن الاحتلال أغلق المعابر والأطباء المتخصصين في المستشفى محدودين للغاية، ولا يوجد كل التخصصات وليس كل الأدوات والإمكانيات الطبية موجودة، ومنذ شهور تقدمت المستشفى بتحويلة طبية للعلاج خارج القطاع وحتى الآن لم أسافر للعلاج.

 

إذا الاحتلال هو من يرفض خروجك من القطاع ؟

لم يحدث أي اتصال بي حتى الآن لكي أحضر نفسي للسفر، وخلال الفترة الأخيرة كان هناك تواصل مع منظمة الصحة العالمية للسفر للعلاج خارج القطاع ولكن أغلب من سافر للعلاج هم أطفال السرطان، وخرجت حالات مرضية كثيرة ولكن لم يأت دوري حتى الآن، ولا أعلم إذا تم رفضي من قبل الاحتلال من عدمه، ولكن لا اعتقد أنه تم رفضي ولكن لم يبلغن أحد على مستقبل طلبى للعلاج في الخارج.

الطبيب خالد السعيدني داخل مستشفى شهداء الأقصى - وكالة الأنباء الفلسطينية
الطبيب خالد السعيدني داخل مستشفى شهداء الأقصى - وكالة الأنباء الفلسطينية

 

هل هناك مثل من الأطباء ملك يعملون رغم عجزهم أو مرضهم ؟

الأطباء رغم عجزهم في المنطقة الوسطى ودير البلح ولكن ما زالوا يؤدون عملهم بكل تفاني وحب، ولكن لا يوجد طبيب غيرى مبتور القدم ويعمل، وعندما جاءت فرصة لتركيب طرف مؤقت، وسنحت لى الفرصة أن أؤدى عملي لم اتراجع لحظة.

 

أطباء غزة يضربون المثل في التضحية والتفاني رغم كافة الظروف الصعبة المحيطة بهم وتعمد إسرائيل تدمير المنظومة الصحية.. حدثنا عن تضحيات الأطباء في غزة؟

حجم تضحيات الأطباء في غزة كبير لغاية، بل أننى شاهدت بنفسي أطباء مستشفى شهداء الأقصى وقد استشهدوا إما خلال ذهابهم للعمل، أو خلال تأديهم لعملهم، أو من خلال قصف الاحتلال لمنازلهم، فهناك أطباء زملائى في المستشفى استشهدوا مع أسرهم، وعشت معهم وأعرفهم ولم يتراجعوا لحظة عن التضحية بحياتهم ، بل إن الأطباء يعملون طوال الـ24 ساعة في كل اجتياح أو حرب يشنها الاحتلال في غزة منذ عشرات السنوات لعلاج جراح المصابين.

 

الطبيب خالد السعيدني
الطبيب خالد السعيدني

 

ما هي أبرز العقبات التى تواجهكم في المستشفيات خلال هذا العدوان؟

العقبات التي تواجهها المنظومة الصحية بدأت منذ أيام الحصار على غزة قبل الحرب بسنوات، فالأجهزة الطبية التي تعطل لا يوجد بديل لها، وعلى سبيل المثال جهاز الرنين المغناطيسي الوحيد في المنطقة الوسطى أو قطاع غزة في الوقت الحالي لا يعمل، وكذلك الأمر لأجهزة الأشعة المقطعية فهناك جهاز في كل منطقة سواء الوسطى أو الجنوبية ويعمل بطاقة خفيفة كي يؤدى الغرض.

ماذا عن تكدس المرضى والمصابين في المستشفيات؟

بالنسبة للحالات لن استطيع وصف حجم التكدس في المستشفى، بل إن المرضى والمصابين نائمون في الممرات رغم هذا الطقس الصعب في الشتاء، وذلك بعد امتلاء الغرف التي تعج بالمصابين أيضا، وغرف العمليات في المستشفى تعاني من نقص كبير في الأدوات الطبية ولا نستطيع إحضار معدات طبية غيرها، حتى الوفود الطبية التي تأتى لغزة ومنها وفود عربية وأجنبية يحضرون للعمل ولكن لا يعرفون أنه لا يوجد إمكانيات طبية لدينا، وبالتالي يصعقون بالواقع الموجود لأنه لا يوجد أدوات طبية يعملون بها، ويقتصر عملهم على عمل غيارات على الجروح وهو عمل طبي بسيط للغاية.

خالد السعيدني طبيب الأطفال بمستشفى شهداء الأقصى
خالد السعيدني طبيب الأطفال بمستشفى شهداء الأقصى

 

كيف هو الوضع الصحي الآن في مستشفى شهداء الأقصى التي تتواجد في أكثر مكان يمتلئ بالنازحين؟

أعداد المرضى في قسم الأطفال في المستشفى على سبيل المثال أكبر أضعاف مضاعفة من عدد الأسرة الطبية، فلدينا 35 سريرا بهم 80 طفلا مريضا بجانب مرافقيهم من أمهاتهم أي 160 شخص موزعين على 35 سريرا فقط، وهناك مؤسسات دولية فتحت مستشفيات ميدانية في غزة، ولكنها تقدم العلاج اللحظى فقط للمصابين لكن أغلب المستشفيات الميدانية لا يوجد بها مبيت إلا مستشفى أو اثنين فقط، وهذه عقبة قديمة وحديثة ومع الحرب زادت الأمور صعوبة أضعاف ما كان موجودا من قبل.

ما الذي تحتاجه الآن لتتحسن حالك الصحية؟

كل ما أريده فقط هو السفر خارج غزة كي استطيع منع بتر قدمى اليسرى بسبب الانسداد في بعض الشرايين، وهذا الضيق يحتاج  لدعامات غير موجودة في غزة، واحتاج لعملية قسطرة الشرايين الطرفية وهذه غير موجودة في كل مستشفيات القطاع، والإمكانيات ضعيفة للغاية ما يجعل من الصعب إجراء مثل تلك العملية هنا، حتى الإشاعات غير موجودة، وقدمى اليمين بترت والحمد لله وإذا كان هناك أمل لإنقاذ قدمى اليسرى من البتر فسأكون ممتنا للغاية لمن يساعدني على ذلك كي استطيع مواصلة تأدية عملى كما كنت في السابق.

ما هي رسالتك للعالم؟
 

رسالتى للعالم أن ينظرون بعين الرحمة والرأفة خاصة أن الحرب التي شنها الاحتلال علينا هي حرب على الحجر والبشر والشجر، والصور التي يشاهدها العالم على القنوات مختلفة تماما عن الواقع، أي شخص يستطيع أن يساعد في أن أسافر خارج غزة لإنقاذ قدمى اليسرى من البتر أكون شاكر له، مناشدتى للعالم ولمن يستطيع التدخل لمساعدتي في الموضوع وكذلك إنقاذ كافة المصابين الذين يحتاجون للسفر الفوري للعلاج لأن حياتهم أصبحت في خطر حال استمرارهم في القطاع مع استمرار هذا العدوان.

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة