يبدو أن المعارك الدائرة بين إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ووسائل الإعلام الأمريكية على موعد مع مواجهة جديدة وتصعيد من نوع آخر، فأمام الهجوم الممتد من ترامب تجاه الصحفيين ووسائل الإعلام الأمريكية، أقدمت صحيفة نيويورك تايمز على المبادرة بهجمة من جانبها، لتحرك دعوى قضائية ضد البنتاجون بتهمة انتهاك حرية الصحافة وفرض قيود على العمل الإعلامي.
الصحيفة تتحرك قضائيًا ضد البنتاجون.. ماذا قالت نيويورك تايمز فى دعواها؟
وأعلنت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن رفعها دعوى قضائية ضد البنتاجون الخميس، متهمة وزارة الدفاع بانتهاك الحقوق الدستورية لصحفييها بعد أن فرضن الوزارة مجموعة من القيود الجديدة على التغطية الإعلامية للجيش.
ووصفت شركة نيويورك تايمز سياسة البنتاجون فى الدعوى القضائية بأنها بالضبط نوع المخطط المُقيّد لحرية التعبير والصحافة الذى أقرّت المحكمة العليا ودائرة مقاطعة كولومبيا بأنه ينتهك التعديل الأول للدستور الأمريكي. وتم رفع الدعوى يوم الخميس فى المحكمة الجزئية الأمريكية بواشنطن.
وذكرت الصحيفة أن هذه الإرشادات الجديدة تمثل اختلافًا جذريًا عن الإرشادات السابقة، من حيث طولها ونطاقها. وفقًا لملخص الدعوى القضائية، فإن الغرض من سياسة وزارة الدفاع هو «إغلاق أبواب البنتاجون - تلك المجالات التى كانت مفتوحة تاريخيًا للصحافة - أمام المؤسسات الإخبارية، مثل المدعين، التى تحقق وتنشر تقاريرها دون خوف أو محاباة بشأن تصرفات الوزارة وقيادتها».
وطلبت الصحيفة من المحكمة إصدار أمر بمنع البنتاجون من تطبيق سياسة الصحافة، إلى جانب إعلان بأن الأحكام المتعلقة بممارسة حقوق التعديل الأول غير قانونية.
وفى بيان لها، تابعت شركة نيويورك تايمز إنها تعتزم الدفاع بقوة ضد انتهاك هذه الحقوق، تمامًا كما فعلنا منذ فترة طويلة خلال الإدارات المعارضة للتدقيق والمساءلة.
وذكرت نيويورك تايمز أن القواعد الجديدة هى أحدث خطوة فى إطار جهود بذلها وزير الدفاع الأمريكى بيت هيجسيث على مدار أشهر، للحد من وصول وامتيازات الصحفيين فى البنتاجون.
لا تفريط فى معايير الأمن القومى.. كيف رد البنتاجون على الاتهامات
وتلزم قواعد البنتاجون، التى دخلت حيز التنفيذ فى أكتوبر، الصحفيين بتوقيع نموذج من 21 صفحة يضع قيودًا على الأنشطة الصحفية، بما فى ذلك طلبات الحصول على نصائح للقصص والاستفسارات من المصادر.
وتشترط الضوابط الجديدة على الصحفيين التوقيع على اتفاق صريح (express agreement) يقضى بعدم جمع أى معلومات لم توافق الوزارة رسميا على نشرها، وإلا فسيحرمون من حق الوصول إلى منشآت البنتاجون.
وعلق مسؤولو البنتاجون على الدعوى القضائية، بالتأكيد على أن الوصول إلى المنشآت العسكرية امتياز يخضع للتنظيم. وجاء فى بيان صادر عن البنتاجون فى أكتوبر أن السياسة تتعلق بمنع التسريبات التى تضر بالأمن التشغيلى والأمن القومي. أنه أمر بديهي.
اعتراضات سابقة.. وشكاوى صحفية من ممارسات البنتاجون
وبحسب الصحيفة، فإن عشرات الصحفيين المعتمدين لدى البنتاجون كانوا قد سحبوا تراخيصهم وسلموها احتجاجا، بعد وقت قصير من دخول التعليمات الجديدة حيز التنفيذ. كما سبق وأن عبّرت قنوات إعلامية كبرى — من بينهاABC News وCBS News وCNN وFox News وNBC News — عن رفضها لهذه القيود.
وسبق أن لجأت وكالة الاسوشيتدبرس الأمريكية إلى القضاء فى فبراير الماضى، حيث رفعت دعوى ضد ثلاثة مسؤولين إداريين فى البيت الأبيض، احتجاجا على تقييد وصول صحفييها إلى المؤتمرات الرسمية.
وفور صدور الضوابط الجديدة، قالت جمعية مراسلى البنتاجون، إن وزارة الحرب الأمريكية تخطط لتطبيق سياسات جديدة تبدو مصممة لخنق حرية الصحافة.
وقالت الجمعية فى بيان، إن القواعد المعدلة ستجبر الصحفيين على الموافقة على سياسات قد تعرضهم للملاحقة القانونية بسبب قيامهم بعملهم فقط، مشيرة إلى أن الصحفيين الذين يسعون للحصول على معلومات لم تعلن رسميا بعد، حتى وإن كانت غير سرية، سيكونون معرضين لفقدان تصاريحهم الإعلامية لمجرد ممارستهم حقهم الدستورى فى حرية التعبير المكفول دستوريًا.
وجاء فى بيان الجمعية، أن هذه السياسة تبعث برسالة ترهيب غير مسبوقة إلى جميع العاملين فى وزارة الدفاع، إذ تحذرهم من أى تواصل غير مصرح به مع الصحافة، وتوحى بأن الحديث دون إذن رسمى يُعد عملًا إجراميًا، وهو أمر غير صحيح مطلقا.