من ملعب الحي إلى سرير الألم.. الاحتلال يحول حلم الطفل مهند التلمس كابوسا.. صور

الجمعة، 26 ديسمبر 2025 05:13 م
من ملعب الحي إلى سرير الألم.. الاحتلال يحول حلم الطفل مهند التلمس كابوسا.. صور مهند ضمن فريق كرة القدم

كتب أحمد عرفة

كان مهند التلمس، الطفل الفلسطيني ذو الخمسة عشر عاما، يعرف طريقه جيدا إلى ملعب الحي، يحمل كرة أكبر من عمره، وحلما أوسع من الجغرافيا المحاصرة، لم يكن مجرد طفل يلعب، بل موهبة واعدة كانت ترى في كرة القدم طريقا للخلاص، ولحياة تشبه الأطفال في بقية العالم، لكن لحظة واحدة من القصف الإسرائيلي كانت كفيلة بأن تقلب حياته رأسا على عقب.

مهندس التلمس يلعب كرة القدم
مهندس التلمس يلعب كرة القدم

 

شلل نصفي

أُصيب الطفل الفلسطيني بشظايا استقرت في عموده الفقري، محدثة كسورا خطيرة أدت إلى إصابته بشلل نصفي، حرمته القدرة على الحركة، وانتزع منه فجأة حلمه بأن يصبح لاعب كرة قدم مشهورا، من لاعب يركض خلف الكرة، إلى طفل عاجز عن النهوض من سريره، تغير كل شيء في لحظة، وبات جسده الصغير يحمل ثقل الألم أكثر مما يحتمل عمره.

انهيار المستشفيات

لم تتوقف المأساة عند حدود الإصابة، بل بسبب خطورة وضعه الصحي، إلى جانب النقص الحاد في الإمكانيات الطبية والمعدات الجراحية داخل المستشفيات، عجز الأطباء عن إجراء التدخلات الجراحية اللازمة في الوقت المناسب، ما حرم مهند من فرصة حقيقية للعلاج، وتركه في مواجهة مصير مجهول، بين الألم والانتظار.

اليوم يعيش سباقا قاسيا مع الزمن، حالته تتطلب علاجا عاجلا في الخارج، وعمليات جراحية معقدة قد تعيد له جزءا من الأمل، وتنقذ مستقبله الذي بات مهددًا بالعجز الدائم، ولا يزال حلم كرة القدم يسكنه، رغم العجز، ورغم الألم، ورغم الواقع القاسي الذي فرضته الحرب.

مهند يرفع الكأس
مهند يرفع الكأس

 

قصة مهند التلمس ليست مجرد حالة طبية، بل شهادة جديدة على كيف تسرق الحروب أحلام الأطفال، ويتحول القصف إلى حكم مؤبد على الطفولة، وإنقاذ مهند اليوم ليس إنقاذ طفل واحد فحسب، بل إنقاذ فكرة أن الحياة ما زالت تستحق فرصة، وقبل أن يصبح العجز قدرًا دائمًا، وقبل أن تُدفن الأحلام تحت أنقاض الصمت.

وبحسب بيان صادر عن وزارة الصحة الفلسطينية في 21 ديسمبر، أكدت أن  الحصار المطبق على القطاع أدى إلى انخفاض حاد في الخدمات والمستلزمات الدوائية.

وأضافت أن 200 ألف مريض محرومون من خدمة الطوارئ بسبب استمرار الحصار على غزة، وهناك توقف كامل لخدمة القسطرة والقلب المفتوح في القطاع، مناشدة الجهات المعنية التدخل العاجل لضمان وصول الإمدادات الطبية إلى القطاع.

أم مهند: أنتظر لحظة السفر كما ينتظر الغريق النجاة
 

تتحدث والدة الطفل الفلسطيني مهند التلمس بصوت مثقل بالألم، وهي تحاول أن تختصر مأساة ابنها في كلمات لا تكفي لوصف ما يعيشه جسده الصغير منذ لحظة الإصابة، حيث تقول: "ابني أُصيب بشظايا أدت إلى كسور خطيرة في العمود الفقري، ومنذ ذلك اليوم أصبح يعاني من شلل نصفي، والألم لا يفارقه، وأوجاعه صعبة، لكنها تزداد قسوة مع قلة الإمكانيات الطبية والعلاجات داخل المستشفيات".

مهندس ضمن فريق كرة القدم
مهند ضمن فريق كرة القدم

 

وتوضح الأم في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن حالة مهند تحتاج منذ اللحظة الأولى لإصابته إلى تدخلات جراحية معقدة وخطيرة، لكن الواقع الصحي المنهار في قطاع غزة حال دون ذلك، متابعة :" حجم انهيار المستشفيات كبير جدًا، والأطباء بذلوا ما يستطيعون، لكن الإمكانيات غير كافية، ولا توجد معدات أو قدرات لإجراء العمليات اللازمة، فبقي ابني ينتظر، والألم يزداد يوما بعد يوم".

ورغم الظروف القاسية، تؤكد والدة مهند أنها استكملت كل ما طلب منها على أمل إنقاذ مستقبل ابنها، قائلة :"يوجد معي جميع التقارير الطبية، وكل التحويلات اللازمة للعلاج خارج غزة، لكن حتى الآن لم نتمكن من السفر، فكل شيء جاهز على الورق، لكن ابني ما زال هنا، محاصرا بالألم والانتظار".

وتعيش الأم حالة ترقب يومية، لا تفارقها فكرة السفر كطوق نجاة أخير، قائلة :" انتظر السفر بفارغ الصبر، ليس لي، بل لمهند، انتظر اليوم الذي أراه فيه يدخل غرفة العمليات، ويحصل على فرصة حقيقية للعلاج، ونكمل علاجه كما يجب، قبل أن يصبح الشلل واقعا دائمًا في حياته".

وتختم حديثها بنبرة تختلط فيها الأمومة بالخوف: "مهند طفل، كان يلعب كرة القدم ويحلم بمستقبل جميل، كل ما أريده الآن أن أراه يتحرك دون ألم، أن يعود طفلا، وأن لا يحكم عليه بالعجز بسبب نقص الإمكانيات، ابني لا يحتاج معجزة، فقط فرصة للعلاج".

 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة