يظهر الفن دائما وسيلة للتعبير عن الذات ورؤية العالم من منظور مختلف، والفنان فتحى عفيفى بدأ رحلته الفنية من خلال تأثيرات الطفولة البسيطة والمليئة بالتفاصيل الشعبية، استطاع أن يطور موهبته ليصبح أحد الأسماء البارزة فى المشهد الفنى المصري، وفى هذا الحوار، يروى لنا «عفيفى» تجربته الفنية، من اكتشاف موهبته فى سن مبكرة إلى التحديات التى واجهها، مثل رفض أول معرض له، وصولا إلى اللحظة التى دخلت فيها لوحاته إلى المتاحف، كما يشاركنا رؤيته حول أهمية الثقافة والتعليم فى بناء مجتمع واعٍ، ورسالته للشباب الذين يطمحون لمتابعة شغفهم الفنى.
كيف اكتشفت موهبتك الفنية؟
الطفولة مليئة بلحظات صغيرة لكنها مؤثرة، لذا تأثرت جدا بالثقافة الشعبية مثل السينما، الموالد، الشوارع، كانت هذه أبسط وأقرب ثقافة بصرية للناس، لكنها غنية جدا، السينما تحديدا علمتنى كثيرا من دون أن أشعر، الإضاءة، الكادر، حركة الممثل، هذه العلامات تم تخزينها بداخلى.

كيف ربطت بين السينما والفن التشكيلى؟
لم أربط بشكل واع فى البداية، لكن أى لقطة سينمائية تحمل عبقرية، المصورون المصريون قديما، رغم قلة الإمكانات، كانوا قادرين على خلق صورة قوية، كل هذا تراكم بداخلى وظهر بعد ذلك فى عدد كبير من اللوحات التشكيلية.
لو أردنا التحدث عن الدعم المعنوى.. من أول شخص شجعك فعليا؟
مدرس فى مكتبة المدرسة، لاحظ أننى دائما أقرأ وأحب الرسم، فطلب منى أن أرسم لوحة باستخدام الفحم، وفى اليوم التالي، وجدت اللوحة معلقة فى المكتبة، تلك اللحظة كانت بمثابة الشرارة، وشعرت أن لى مكانا فى هذا العالم.

التحاقك بالجيش كان مرحلة مهمة فى حياتك.. حدثنا عن المرحلة؟
بالطبع، كانت مرحلة مهمة، فى الجيش كان هناك مسابقات فى الشعر والرسم، وقد فزت بجائزة فى الرسم، رسمت التفاصيل الإنسانية فى حياة الجندى، وتلك التجربة عمقت إحساسى بالناس والمجتمع بشكل أكبر، وبعد الخروج من الجيش كنت فى حالة حيرة، وكان لدى خوف، خاصة بعد الحرب، لذلك قررت الزواج وتحمل المسؤولية، لكن الفن كان لايزال بداخلى، وأول معرض لى كان نقطة تحول، ورأيت كبار الفنانين يشجعوننى.

من أبرز الأساتذة الذين أثروا فيك؟
أخذت من كل أستاذ شيئا، كنا مجموعة متنوعة من الأعمار والخلفيات، نلتقى يوم الجمعة لنرسم المتاحف، الجوامع، والمناطق الأثرية، هذه التجربة الجماعية كانت مهمة جدا بالنسبة لى.

أطلق عليك «ابن البيئة».. حدثنا عن تلك المرحلة ولماذا هذا اللقب؟
اللقب جاء بسبب أننى عملت داخل المصنع وعشت تفاصيل حياة الناس، البيئة لم تكن مجرد مكان بالنسبة لى، بل كانت حياة كاملة، والفنان محمد عويس قال لى ذات مرة: «أنت جايب التفاصيل من جوه»، وهذا كان مقصودا بالنسبة لى.
أول معرض لك فى القاهرة رفص مرتين، كيف تعاملت مع الرفض؟
الرفض أمر طبيعى، خاصة عندما تكون مبتدئا لكن الرفض زاد من إصرارى.. كنت مؤمنا بأن لوحاتى يجب أن تدخل المتحف القومى، وهو ما تحقق بالفعل بعد سنوات.
حدثنا عن إحساسك عندما وضعت لوحاتك بالمتاحف.
كانت فرحة كبيرة، لأن تكريم البلد له طعم آخر، لكن الأهم بالنسبة لى هو أن العمل يعيش، وليس التكريم نفسه.
دائما ما تتحدث عن أهمية الثقافة مع التعليم.. لماذا هذا الاهتمام؟
لا يمكن فصل الثقافة عن التعليم، من دونهما يخرج جيل ضائع، وقد شاهدت هذا بنفسى فى الجيش والمصنع، والثقافة هى التى تحمى المجتمع وتبنى وعيا حقيقيا.
هل لا تزال تعمل بشكل يومى لإنتاج العديد من اللوحات الفنية؟
نعم.. أعمل كثيرا لأن الفن كل حياتى، وهو ما يشعرنى بالراحة والاستقرار، وسوف أقدم خلال الفترة المقبلة معرضا فنيا فى جاليرى بالتجمع الخامس.
إذا أردت منك توجيه رسالة للشباب، فماذا ستقول لهم؟
آمن بموهبتك، واشتغل عليها، الفن، الأدب، السينما، الموسيقى، كل هذه الفنون يجب أن تسير معا.. مصر مليئة بالمواهب، ولكنها بحاجة إلى اكتشافها ورعايتها من وقت مبكر.

حوار الزميلة بسنت جميل