سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 25 ديسمبر 1968.. وزير الإعلام السودانى وممثلو الطوائف والهيئات والنقابات السودانية يستقبلون أم كلثوم بمطار الخرطوم وسط باقات الزهور وزغاريد النساء

الخميس، 25 ديسمبر 2025 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 25 ديسمبر 1968.. وزير الإعلام السودانى وممثلو الطوائف والهيئات والنقابات السودانية يستقبلون أم كلثوم بمطار الخرطوم وسط باقات الزهور وزغاريد النساء أم كلثوم

سعيد الشحات

بدت مدينة الخرطوم وكأنها فى عيد وهى تستقبل سيدة الغناء العربى «أم كلثوم»، عصر 25 ديسمبر، مثل هذا اليوم، 1968، لإحياء حفلتين، الأولى فى «أم درمان» يوم 26 ديسمبر، والثانية فى «الخرطوم» يوم 30 ديسمبر 1968، وفقا لجريدة «الأهرام» يوم 26 ديسمبر 1968.

تؤكد «الأهرام» أن استقبال أم كلثوم فى مطار الخرطوم كان «رسميا وشعبيا»، وصمم المسؤولون السودانيون على أن يكون استقبالها يناسب مقامها، فأبلغوها بتأجيل سفرها ليوم واحد وهى فى مطار القاهرة تستعد لركوب الطائرة يوم 24 ديسمبر، وتذكر «الأهرام» فى عددها يوم 25 ديسمبر، أنها وصلت إلى المطار وفرقتها الموسيقية «25 عازفا» وبعثات محطات الإذاعة والتليفزيون، لركوب طائرة الساعة الثانية بعد الظهر، لكنها تلقت برقية من وزير المواصلات السودانى «يحيى الفضلى» يعتذر فيها عن عدم تمكنهم من استقبالها بالصورة التى يريدها السودان شعبيا ورسميا لحظة وصولها إلى المطار، بسبب مظاهر الحداد فى مطار الخرطوم لوفاة زوجة سفير السودان فى اليابان، ووصول جثمانها فى نفس موعد وصول أم كلثوم، وطلب وزير المواصلات وسفير السودان فى القاهرة عبدالكريم ميرغنى، تأجيل السفر حتى المساء أو صباح اليوم التالى، واختارت أم كلثوم الساعة الحادية عشرة صباح «25 ديسمبر».

تضيف «الأهرام»، أنه كان فى انتظارها بمطار القاهرة يوم سفرها السفير السودانى ومستشار السفارة ياسين جيلى وسيدات السفارة، وقدموا باقات الزهور لها، وعندما دخلت صالة الترانزيت أذيعت أحدث أغانيها «هذه ليلتى» من إذاعة المطار الداخلية، ولما صعدت إلى الطائرة وجدت الزهور والورود تفترش أرضيتها، وصعد معها ثلاث سودانيات من قرينات أعضاء السفارة حتى أوصلوها إلى مقعدها، وفى مطار الخرطوم عصرا، استقبلها وزير الإعلام السودانى «عبدالماجد أبو حسبو» وممثلو الطوائف والهيئات والنقابات السودانية ورجال السفارة المصرية، وسط باقات الزهور وزغاريد السيدات، وخرجت من المطار إلى قصر الضيافة فى قلب الخرطوم، يرافقها وزير الإعلام، وفور وصولها توافد إليها سيدات سودانيات على رأسهن زوجة إسماعيل الأزهرى رئيس الحكومة، وكان «أبو حسبو» هو صاحب فكرة الزيارة، وفقا لتقرير «كواليس زيارة أم كلثوم للسودان» على موقع «دار الهلال الإلكترونى»، يوم 31 ديسمبر 2020، ويذكر التقرير، أن «أبو حسبو» كان فنانا وشاعرا تربى فى مصر، وتلقى علومه فى المرحلة الثانوية بمدرسة حلوان الثانوية عام 1938.

ويكشف «أبو حسبو» عن ظروف إعجابه بصوت أم كلثوم، فى حوار أجراه معه الكاتب والناقد رجاء النقاش، ونشرته مجلة «الكواكب، 21 يناير 1969»، ويقول فيه إنه فى أحد الأيام ذهب مع أصدقاء، بينهم صعايدة وسودانيون إلى مقهى بمنطقة السيدة زينب، وجلس أربعة أصدقاء سودانيين يلعبون «الطاولة»، بينما كان جميع رواد المقهى وأهل المنطقة يفتحون الراديو لسماع حفل أم كلثوم، ولم يكن الشباب الأربعة يعلمون شيئا عن أم كلثوم فبدأوا اللعب وأحدث الزهر صوتا وأخذوا يتكلمون، وهنا هجم سبعة من رواد المقهى عليهم، وألقى أحدهم بالطاولة فى عرض الشارع، وطردوهم لأنهم لا ينصتون مع الجميع إلى صوت أم كلثوم، ويؤكد «أبو حسبو» أنه حتى وقتئذ لم يكن يعرف أم كلثوم، وبعد ذلك الموقف بدأ يستمع إلى الإذاعة ليعرف لماذا يحبها الناس إلى هذا الحد، ثم أصبح من عشاقها، وبعدها تزوج من مصرية وهو فى الجامعة وكانت تحب أيضا أم كلثوم، ومن فرط حبهما كانا يشتريان اسطواناتها قبل شراء ما يلزمهما من ملابس وطعام، وبقى حلمه بأن يرى أم كلثوم، فرغم إقامته الطويلة فى مصر لم يتمكن من حضور حفل لها.

أصبح «أبو حسبو» وزيرا للإعلام فى السودان، فعمل على دعوتها، وكانت تلك مغامرة فى نظره، فالشعب السوادنى يحب الأغانى المصرية الخفيفة ولا يفضل الطويلة، وتوقع البعض أن الشعب لن يستجيب لأم كلثوم أو يتجاوب معها، لكنه كان يعلم أن الشعب السودانى شعب ذواق، فأرسل إليها دعوة مع السفير السودانى «عثمان الميرغنى» لزيارة السودان.

كان الكاتبان يوسف الشريف ورجاء النقاش، ضمن الوفد الصحفى المرافق لها، ويذكر «الشريف» فى كتابه «السودان وأهل السودان» أنه وهم فى الطائرة نبهها، قائلا: «أهل السودان لا يحبون أغانى الهجر والصد والفراق ولا يطيقون الاستسلام طويلا للأحزان والنكد والخصام، لأنهم يعشقون المرح والغناء والرقص وأفراح الحب ونشوة اللقاء»، ويؤكد: «حين وقفت على المسرح اعتمدت أسلوبا جديدا وغير مسبوق فى غنائها، واستطاعت السيطرة على مشاعر المستمعين».

أما رجاء النقاش، فيذكر فى كتابه «لغز أم كلثوم» أنه عندما نظر إلى الآلاف التى حضرت الحفلتين، وعندما رأى ترحيب الجمهور الكبير وحرارته نحو أم كلثوم وفنها خطر على باله سؤالا عن تفسير كل هذا الإعجاب وكل هذا الحب، ويضيف: «الإعجاب بأم كلثوم ظاهرة شاملة فى العالم العربى كله بمختلف بيئاته وظروفه الاجتماعية والتاريخية، وامتد هذا الإعجاب بفنها إلى عشرات السنين دون أن يتغير أو ينقضى بل زادت شعلته توهجا».




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة