معلومات الوزراء: النهوض بقطاع الغزل والنسيج أولوية استراتيجية للدولة المصرية

الأربعاء، 24 ديسمبر 2025 11:38 ص
معلومات الوزراء: النهوض بقطاع الغزل والنسيج أولوية استراتيجية للدولة المصرية مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء

0:00 / 0:00
كتبت هند مختار

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً جديداً حول "آفاق صناعة الغزل والنسيج"، أشار خلاله إلى أن صناعة الغزل والنسيج تُعَدُّ من أقدم وأهم الصناعات التحويلية في العالم، وتمثل أحد الأعمدة الأساسية للتنمية الاقتصادية والصناعية في العديد من الدول؛ حيث أدت دورًا محوريًّا في الثورة الصناعية الأولى، ولا تزال حتى اليوم من أكبر الصناعات المولدة لفرص العمل، خاصة في الدول ذات الكثافة السكانية المرتفعة.

وتتَّسم هذه الصناعة بامتداد سلاسلها الإنتاجية من مرحلة زراعة الأقطان وإنتاج الألياف، مرورًا بالغزل والنسيج والصباغة والتجهيز، وصولًا إلى صناعة الملابس الجاهزة والتصدير؛ مما يجعلها صناعة متكاملة ذات تأثير واسع على الاقتصاد. كما تتميز بأنها من الصناعات القادرة على جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية؛ لما تتسم به من كثافة عمالية وقابلية عالية للتحديث التكنولوجي، فضلًا عن مساهمتها الكبيرة في التجارة العالمية.  

أشار التحليل إلى أن سوق المنسوجات العالمية قُدَّر بنحو 1.11 تريليون دولار في عام 2024، ومن المتوقع أن تصل إلى 1.61 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2033، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 4.2% بين عامي 2025 و2033.

ويرجع ارتفاع الطلب على المنسوجات إلى انتشار "الموضة السريعة"، وزيادة التحضر، وارتفاع الدخل القابل للإنفاق في الاقتصادات الناشئة، كما تتجه تفضيلات المستهلكين نحو الملابس العصرية والمريحة ومنخفضة التكلفة؛ مما يعزز الطلب على تجارة الملابس بالتجزئة.

وقد بلغ عدد العاملين في قطاع المنسوجات والملابس والجلود والمنتجات ذات الصلة نحو 99.5 مليون عامل في عام 2023، مقارنة بنحو 90.5 مليون عامل في عام 2020.

كما بلغت قيمة صادرات قطاع المنسوجات عالميًّا نحو 897.1 مليار دولار في عام 2024، في حين بلغت الواردات نحو 793.3 مليار دولار خلال نفس العام.

كما شكَّلت المنسوجات والملابس نحو 3.7% من صادرات السلع العالمية في عام 2022.  ويتركز إنتاج المنسوجات في قارة آسيا؛ حيث تستحوذ على نحو 70.6% من الصادرات العالمية في عام 2022، ارتفاعًا من نحو 59.4% في عام 2017، وتليها أوروبا بـ 21.1% من الصادرات العالمية في عام 2022 بانخفاض طفيف عن عام 2017 (22.9%).

وقد بلغت قيمة الصادرات العالمية من خيوط النسيج نحو 41.8 مليار دولار في عام 2024، مقارنة بنحو 50.2 مليار دولار في عام 2023. وأتت الصين في المركز الأول في تصدير خيوط النسيج بقيمة تقارب 15.1 مليار دولار في عام 2024، بينما سجَّلت الهند المركز الثاني بنحو 5.2 مليارات دولار.

كما جاءت الصين في المركز الأول في استيراد خيوط النسيج بقيمة 5.4 مليارات دولار، والولايات المتحدة في المركز الثاني بقيمة 2.4 مليار دولار.

وأوضح التحليل أن قطاع الغزل والنسيج يمثل أحد المكونات الرئيسة لصناعة المنسوجات والملابس في مصر؛ حيث يضم نحو 11 ألف مصنع، وتبلغ قيمة صادراته 1.1 مليار دولار في عام 2023، بما يعادل 27.4% من إجمالي صادرات قطاع المنسوجات والملابس، بينما سجلت وارداته 3 مليارات دولار في العام نفسه.

ومن المتوقع أن يصل ناتج قطاع المنسوجات إلى نحو 3.07 مليارات دولار في 2025. كذلك من المتوقع أن يشهد نموًّا ملحوظًا خلال السنوات المقبلة بمعدل نمو سنوي مركب قدره 2.87% خلال الفترة (2025 - 2029).

وتأتي صناعة الملابس الجاهزة كأكبر الأنشطة داخل قطاع المنسوجات والملابس؛ إذ تستحوذ منفردة على نحو 70% من حجم الصناعة، وتوفر نحو 20% من فرص العمل، ويعمل بها 3169 مصنعًا، كما بلغت صادراتها 2.4 مليار دولار في عام 2023.

ويُشكِّل قطاع المفروشات المنزلية عنصرًا مهمًّا ضمن الصناعة نفسها، ويضم 853 مصنعًا، وبلغت صادراته 542 مليون دولار في 2023، بما يمثل نحو 13.3% من إجمالي صادرات المنسوجات والملابس، في حين سجَّلت وارداته 35 مليون دولار فقط؛ مما يعكس قوة الإنتاج المحلي في هذا النشاط مقارنة ببقية مكونات القطاع. وقد بلغت واردات مصر من خيوط النسيج نحو 1.4 مليار دولار في عام 2024؛ بما يعكس الاعتماد الكبير على المواد الخام اللازمة لتشغيل الصناعة المحلية.

وبالنسبة للقطن، أشار التحليل إلى زيادة صادرات مصر من القطن للموسم الزراعي 2022/ 2023، بنسبة 36.5%، وبلغ إجمالي الكمية المصدرة 1.5 مليون قنطار متري حتى أغسطس/سبتمبر 2023، مقارنة 1.1 مليون قنطار متري في أغسطس/سبتمبر 2022. كما تؤكد البيانات أن الهند هي أكبر مستورد للقطن المصري؛ إذ بلغت الكمية المصدرة إليها 715 ألف قنطار متري، وهو ما يمثل 48.9% من إجمالي الكمية المصدرة في الموسم الزراعي 2022/ 2023.

وتُعَدُّ التجارب الدولية في قطاع الغزل والنسيج نموذجًا مهمًّا لفهم كيفية تطوير صناعة قوية وقادرة على المنافسة عالميًّا، وتبرز دول مثل تركيا والصين والهند كأمثلة رائدة؛ إذ استطاعت بناء سلاسل إنتاج متكاملة، وتعزيز الابتكار، ورفع جودة منتجاتها؛ مما جعلها في مقدمة الدول المؤثرة في هذا القطاع على مستوى العالم.

وقد استعرض التحليل أبرز السياسات والإصلاحات من واقع التجارب الدولية على النحو التالي:

- أبرز السياسات والإصلاحات التي قامت بها الصين:

تمكَّنت الصين من تصدير منسوجات بقيمة 299 مليار دولار في عام 2024، وكانت الوجهات الرئيسة لصادرات المنسوجات الصينية في 2024 هي: الولايات المتحدة الأمريكية بنحو 49.4 مليار دولار، وفيتنام بنحو 19.1 مليار دولار، واليابان بنحو 15.4 مليار دولار، وكوريا الجنوبية بنحو 9.55 مليارات دولار، وبنجلاديش بنحو 9.22 مليارات دولار. وبلغ إجمالي صادرات الصين من المنسوجات المنزلية 32.74 مليار دولار خلال عام 2023. وترجع الطفرة التي حققتها الصين في قطاع المنسوجات إلى العديد من السياسات والإصلاحات الممثلة في:

1- إصدار مجلس الصين الوطني للمنسوجات والملابس خطة عمل لبناء صناعة نسيج حديثة، وتعزيز التطوير الراقي والذكي والأخضر والمتكامل لصناعة النسيج في الصين، وبناء نظام صناعي حديث يتمتع بالكفاءة والتقدم والأمان؛ حيث بدأ المجلس في نوفمبر 2022 إعداد "المخطط التنفيذي لبناء نظام صناعة نسيج حديث (2022 - 2035)، وقد أُطلِق هذا المخطط رسميًّا في 27 أغسطس 2023.

2- تشجيع المناطق الصناعية الخاصة (SEZs): توسَّعت الصين في إنشاء التجمعات الصناعية الخاصة بصناعة المنسوجات لتجميع المصانع وتقليل التكلفة وتحسين سلاسل الإمداد.

3- تكليف لجنة الإشراف على الأصول المملوكة للدولة (SASAC) بإدارة وإعادة هيكلة الأصول الحكومية، خاصة فيما يتعلق بالمؤسسات الحكومية في قطاع المنسوجات.

4- تحويل مجلس صناعة المنسوجات الوطنية (CNTIC) إلى هيئة غير حكومية، تتولى توجيه الصناعة لتحسين الأداء وتقديم خدمات استشارية.

- أبرز السياسات والإصلاحات التي قامت بها الهند:

شهدت الهند أكبر زيادة في محتوى القيمة المضافة الأجنبية من صادرات منتجات المنسوجات والملابس، من عام 2017 إلى عام 2022، بنحو 23.2%، ومن أبرز السياسات والإصلاحات التي قامت بها الهند:

1- إطلاق برنامج تحديث التكنولوجيا في صناعة النسيج (TUFS)، قدَّم تمويلًا مدعومًا للمصانع التي تستثمر في شراء آلات حديثة أو تطوير خطوط الإنتاج. وقد ساعد هذا البرنامج آلاف المصانع على تحديث عملياتها؛ ما أسهم في خفض تكاليف الإنتاج، وزيادة الإنتاجية. 

2- إطلاق وثيقة استراتيجية بعنوان (India 2047 – Vision and strategic roadmap for technical textiles)، توضح رؤية الهند لتطوير المنسوجات التقنية خلال الأجيال القادمة.

3- إصدار مسودة برنامج الحوافز الإنتاجية (PLI) للملابس والمنسوجات المنزلية في أكتوبر 2022، ويهدف هذا البرنامج إلى تقديم حوافز لتصنيع الملابس والمنسوجات المنزلية، وجذب المزيد من الاستثمارات، وتقليل الاعتماد على الواردات في قطاع مستلزمات وإكسسوارات المنسوجات.

4- إطلاق برنامج (SIAM)، الذي يهدف إلى دعم رواد الأعمال في مجال تصنيع الملابس الجاهزة، ويعتمد البرنامج على توفير مساحات عمل متكاملة مجهزة بنظام جاهز للتشغيل؛ مما يساعد أصحاب المشروعات الجديدة على تقليل التكاليف التشغيلية والمالية عند بدء النشاط. إلى جانب ذلك، يوفر البرنامج بيئة ريادية قائمة على الروابط الصناعية والتجارية التي تُسهِّل على الشركات الناشئة الدخول في سوق الملابس، والتواصل مع سلاسل التوريد والمصنعين.

- أبرز السياسات والإصلاحات التي قامت بها تركيا:

حقَّقت تركيا ارتفاعًا في القيمة المضافة لصادرتها من المنسوجات والملابس بنسبة 10.9% بين عامي 2017 و2022؛ مما يعكس تعزيز قدرتها الإنتاجية وقوتها العاملة الماهرة. ومنذ دخول اتفاقية الاتحاد الجمركي بين الاتحاد الأوروبي وتركيا حيز النفاذ عام 1995، أسهمت بشكل كبير في تبسيط التجارة بين الطرفين وخفض تكاليفها، وتحسين القدرة التنافسية للمنسوجات والملابس التركية في سوق الاتحاد الأوروبي، التي أصبحت أكبر وجهة لصادرات تركيا. ومن أبرز السياسات والإصلاحات التي قامت بها تركيا:

1- الاهتمام بقطاع المنسوجات التقنية؛ إذ يشهد نموًّا متزايدًا في تركيا، وقد حقق العديد من الشركات العاملة في هذا المجال نجاحًا في الأسواق العالمية. ويتزايد تصنيع المنسوجات التقنية في تركيا وتتنوع المنتجات المصنعة فيها، بما يتماشى مع التطورات في الأسواق العالمية. ومن بين أنواع المنسوجات التقنية الأكثر إنتاجًا في تركيا، منسوجات السيارات، والمنسوجات المستخدمة في صناعات الصرف الصحي/مستحضرات التجميل/النظافة، والمنسوجات المستخدمة في التعبئة والتغليف.

2- إنشاء مراكز لإنتاج المنسوجات في تركيا، ومن أبرزها مركز tekstilkent في إسطنبول، وأُسِّس بهدف حل مشكلات مثل نقص البنية التحتية، وصعوبات النقل والشحن، والتطور غير المنتظم، وعدم كفاية الأمن في مواقع مختلفة، لا سيما في أسواق سلطانهمام وأثمانباي، التي تضم تجارة الجملة للمنسوجات ووحدات الإنتاج الصغيرة.  

3- التسهيلات والحوافز التي تقوم بها الحكومة التركية؛ فعلى سبيل المثال، منحت وزارة الصناعة والتكنولوجيا التركية، في 19 يونيو 2023، شركة ((Arsan tekstil إعفاءً جمركيًّا على وارداتها من الآلات والمعدات، وخاصة لإنتاج الغزل. 

أوضح التحليل أن النهوض بقطاع الغزل والنسيج يمثل أولوية استراتيجية للدولة المصرية؛ وذلك لتعزيز القدرة الإنتاجية، وزيادة القيمة المضافة، ودعم الصادرات، وقد تمثلت أبرز جهود الدولة في هذا القطاع في التالي:

- المشروع القومي لتطوير صناعة الغزل والنسيج، الذي يهدف إلى تعظيم القيمة المضافة للقطن المصري، واستعادة الريادة العالمية لمصر في صناعة الغزل والنسيج، وتعزيز تنافسية المنتجات الوطنية في الأسواق العالمية، وذلك من خلال تحديث شامل للبنية التحتية والمصانع والماكينات، وإدخال أحدث التقنيات العالمية بالتعاون مع القطاع الخاص، ورفع كفاءة العمالة عبر التدريب المستمر؛ مما يضمن زيادة الطاقة الإنتاجية وفتح آفاق جديدة لتصدير منتجات عالية الجودة. وقد أدى هذا إلى زيادات مستمرة في إجمالي كميات الغزل المنتجة والمباعة، فعلى سبيل المثال ارتفعت كمية الإنتاج بشركة مصر للغزل والنسيج من 117 طنًّا في عام 2022 /2023 إلى 3373 طنًّا في 2023 /2024، ثم إلى 6288 طنًّا في 2024 /2025.

- استحداث منظومة جديدة لتداول الأقطان بالتعاون بين وزارتي الزراعة واستصلاح الأراضي والتجارة والصناعة آنذاك، وقد تم تطبيقها تجريبيًّا في عدد من المحافظات خلال عامي 2019 و2020، قبل صدور قرار تعميمها على مستوى الجمهورية في موسم 2021.

- توقيع الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس في يوليو 2021 عقد إنشاء مصنع غزل (1) الجديد بشركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى، والذي يُعَد أكبر مصنع غزل على مستوى العالم، على مساحة نحو 62500 متر مربع، ويستوعب أكثر من 182 ألف مردن غزل، بمتوسط طاقة إنتاجية 30 طنًّا/ يوميًّا، وتنفذه شركة جاما للإنشاءات.

والجدير بالذكر أن الاستراتيجيات التي يجب اتباعها لتطوير صناعة الغزل والنسيج، تتمثل في: زيادة إنتاج القطن بما يتيح إنشاء مصانع غزل جديدة، وتعزيز إنتاج الغزل محليًّا لتلبية احتياجات مصانع النسيج وتوسيع فرص التصدير، ويتطلب ذلك تبني سياسات لحماية المنتج المحلي، إلى جانب تطوير البنية التحتية الداعمة للقطاع، والربط بين المنشآت الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، مع تحديد الصناعات المكملة والوسيطة اللازمة لهذا القطاع، وتحفيز الاستثمار فيها داخل مناطق صناعية محددة؛ بما يتيح تصنيعها محليًّا وتعزيز التكامل الإنتاجي، وتوفير الدعم المناسب للصناعات النسيجية على مستوى الخامات والطاقة والإنتاج، وإطلاق مشروع قومي لتصنيع الآلات والمعدات الخاصة بالقطاع، مع تعزيز استخدام التكنولوجيا الحديثة. كما يتطلب ذلك الاهتمام برفع الإنتاجية في إنتاج الغزول والخيوط النسيجية، وتطوير برامج تدريب متخصصة لتأهيل عمالة ماهرة قادرة على التعامل مع المعدات والتقنيات المتقدمة.

أشار التحليل في ختامه إلى أن قطاع الغزل والنسيج يظل إحدى أهم الدعائم الصناعية التي يستند إليها اقتصاد أي دولة، ليس فقط بسبب دوره الإنتاجي، بل أيضًا لما يحمله من أبعاد تنموية واجتماعية وقدرته الكبيرة على خلق فرص عمل. وقد أثبتت التحولات العالمية في سلاسل الإمداد أهمية التصنيع المحلي، وأن الاستثمار في هذا القطاع لم يعُد خيارًا ترفيهيًّا، بل ضرورة لدعم الأمن الصناعي وتعزيز القدرة التنافسية للدولة، وأن مواكبة التطورات التكنولوجية، وتبني سياسات تشجع على الابتكار، والارتقاء بجودة المنتجات، إلى جانب تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، تمثل جميعها خطوات محورية لضمان قطاع غزل ونسيج قوي ومستدام وقادر على مواجهة التحديات العالمية ودعم الصناعة الوطنية في كل زمان ومكان.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة