أيادٍ تعمل وقلوب تصلى.. كشافة الكنيسة جنود مجهولين فى موسم عيد الميلاد المجيد.. الكشافة والشمامسة العمود الخفى للاحتفالات.. وتجهيز المكان تفاصيل لا يراها المصلون.. وساعات كاملة من العمل لأيام قبل فرحة العيد

الجمعة، 19 ديسمبر 2025 09:00 ص
أيادٍ تعمل وقلوب تصلى.. كشافة الكنيسة جنود مجهولين فى موسم عيد الميلاد المجيد.. الكشافة والشمامسة العمود الخفى للاحتفالات.. وتجهيز المكان تفاصيل لا يراها المصلون.. وساعات كاملة من العمل لأيام قبل فرحة العيد الكنيسة

كتب: محمد الأحمدى

قبل أن تُضاء شجرة الميلاد، وقبل أن ترتفع الترانيم داخل الكنائس، يبدأ مشهد آخر لا تلتقطه الكاميرات. عشرات الشباب من الكشافة والشمامسة والخدام ينتشرون في أرجاء الكنائس، لا يحملون شموعًا ولا يرتدون ثياب الاحتفال، بل يحملون مسؤولية ثقيلة عنوانها «الخدمة». هنا، في هذا المشهد الهادئ، يتشكل العيد الحقيقى؛ عيد يُصنع بالانضباط، وبالعمل الجماعي، وبإيمان يرى في التنظيم عبادة وفي الخدمة رسالة محبة.

 

الكشافة.. شباب يصنع النظام بروح الإيمان

تلعب كشافة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية دورًا محوريًا في موسم عيد الميلاد المجيد، إذ تتحول من نشاط شبابي تطوعي إلى غرفة عمليات متكاملة. ووفق مصادر كنسية لـ«اليوم السابع»، فإن الاستعدادات تبدأ قبل الاحتفال بفترة طويلة، عبر وضع خطط دقيقة لتنظيم الحضور، وتأمين المسارات، وتجهيز الكنائس الكبرى التي تستقبل آلاف المصلين، وعلى رأسها كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة.

 

هذه الجهود لا تهدف فقط إلى التنظيم، بل تعكس صورة الكنيسة كمساحة آمنة ومنظمة، تستوعب الجميع دون فوضى أو تكدس، وتمنح كل فرد شعورًا بالطمأنينة والانتماء.

 

الدعوة ليست ورقة.. بل خريطة حركة

أحد أبرز أدوار الكشافة يتمثل في تنظيم الدعوات الخاصة بحضور قداس عيد الميلاد. فالدعوة، بحسب المصادر الكنسية، لا تُعد مجرد تصريح دخول، بل أداة تنظيمية دقيقة، يُحدد عليها رقم البوابة ومسار الدخول، بما يضمن توزيع الحضور ومنع التزاحم.

 

وقبل أيام من العيد، يعمل الشباب على مراجعة هذه الدعوات وترتيبها، بالتنسيق مع الجهات الكنسية المختصة، حتى يعرف كل مدعو طريقه منذ لحظة الوصول وحتى الجلوس في المكان المخصص له داخل الكاتدرائية.

 

تجهيز المكان.. تفاصيل لا يراها المصلون

وراء المشهد الهادئ داخل الكنيسة، تقف تجهيزات معقدة تبدأ بتحديد مناطق الحركة المسموح بها، فيما يُعرف بـ«الفراشة»، وهي التي ترسم خطوط السير داخل الكنيسة وساحاتها. كما يتم إعداد اللافتات والبنرات الإرشادية، وتجهيز الشاشات داخل وخارج الكنيسة، حتى يتمكن الجميع من متابعة صلوات القداس، بمن فيهم المتواجدون خارج القاعة الرئيسية.

 

هذه التفاصيل، رغم بساطتها الظاهرة، تُعد عنصرًا أساسيًا في نجاح الاحتفال، إذ تمنع الارتباك وتضمن مشاركة الجميع في الأجواء الروحية.

 

يوم القداس.. ساعات طويلة من العمل الصامت

في يوم السادس من يناير، لا يبدأ عمل الكشافة مع فتح أبواب الكاتدرائية، بل منذ ساعات الصباح الأولى. يتوزع الشباب على المهام، من تنظيم المداخل، إلى توجيه الحضور، إلى التنسيق مع القيادات الأمنية. وتشير المصادر إلى أن الكاتدرائية تُفتح في السادسة مساءً، بينما يكون فريق الكشافة قد أنهى استعداداته قبل ذلك بساعات طويلة.

 

ويتم تقسيم الكنيسة إلى مناطق واضحة: أماكن مخصصة للشعب، وأخرى لرجال الدولة، وثالثة للآباء الأساقفة والكهنة، في تنظيم دقيق يضمن احترام الطقس، وسلاسة الحركة، وهيبة المكان.

 

تعاون مع الأمن.. خدمة في إطار الدولة

لا تعمل كشافة الكنيسة بمعزل عن مؤسسات الدولة، بل في تناغم كامل معها. فخلال قداس عيد الميلاد، يتعاون شباب الكشافة مع القيادات الأمنية في تنظيم الدخول والخروج، وضبط الحركة داخل الساحات، وتقديم الدعم اللوجستي، في صورة تعكس وعيًا وطنيًا بدور الكنيسة كشريك في الحفاظ على النظام العام.

 

من العاصمة الإدارية إلى العباسية

ولا ينتهي دور الكشافة بانتهاء قداس العيد، بل يمتد إلى اليوم التالي في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، حيث يستقبل قداسة البابا تواضروس الثاني المهنئين بعيد الميلاد. ووفق المصادر، يشارك شباب الكشافة في تنظيم استقبال رجال الدولة، وممثلي الأحزاب، والطوائف الكنسية المختلفة، إلى جانب آلاف الأقباط القادمين من مختلف المحافظات.

 

وتتحول الكاتدرائية في هذا اليوم إلى مساحة مفتوحة للفرح، تزينها شجرة الميلاد، وتملؤها الترانيم، بينما يعمل الكشافة في صمت لضمان انسيابية الحركة واحترام قدسية اللقاء.

 

الشمامسة.. العمود الطقسي للاحتفال

إلى جانب الكشافة، يبرز دور الشمامسة كعنصر أساسي في احتفالات عيد الميلاد. فالشمّاس لا يؤدي دورًا طقسيًا فقط، بل يشارك في التنظيم وحفظ النظام داخل الكنيسة. من إيقاد سرج الكنيسة، وترتيب الهيكل والمذبح، إلى قراءة الإنجيل وضبط حركة المصلين، يشكل الشمامسة العمود الفقري للقداس.

 

كما تمتد خدمتهم إلى ما بعد الصلاة، من خلال خدمة المرضى والمحتاجين، في تجسيد عملي لمعنى العيد كرسالة محبة وعطاء.

 

تنظيم المشاركة.. حرص على سلامة الجميع

وكان المركز الإعلامي القبطي قد أصدر تنويهًا بشأن تنظيم المشاركة في قداس عيد الميلاد، مؤكدًا ضرورة تسجيل البيانات مسبقًا، والحصول على دعوة شخصية مختومة، وإحضار بطاقة الرقم القومي، والالتزام بمواعيد الدخول، وعدم الحضور في حال وجود أعراض مرضية، حفاظًا على صحة وسلامة الجميع.

 

أبطال بلا أسماء

هؤلاء الشباب لا يقفون أمام الكاميرات، ولا تُذكر أسماؤهم في الكلمات الرسمية، لكنهم يشكلون العمود الخفي الذي يستند عليه العيد. كشافة، وشمامسة، وخدام، يعملون في صمت، بدافع الإيمان والانتماء، ليؤكدوا أن عيد الميلاد لا يُصنع فقط بالتراتيل والأنوار، بل بأيدٍ تعمل دون ضجيج، وقلوب تؤمن بأن الخدمة هي أصدق تعبير عن المحبة.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة