- المبارك: متحف زايد الوطني ليس إضافة معمارية بل شهادة على هوية وطن
- افتتاح متحف زايد الوطني يرسّخ حضور الإمارات على خارطة المتاحف العالمية
- متحف زايد الوطني… سرد حيّ لتاريخ الإمارات من آلاف السنين إلى الدولة الحديثة
- المبارك: المتحف ليس مخزن آثار بل منهج ثقافي للمجتمع ويعيد ربط الأجيال بجذورها
- رئيس ثقافة أبوظبي: ما تشهده المنطقة من استثمار ثقافي مصدر فخر للعرب
أكد محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، على أن افتتاح متحف زايد الوطني يُمثّل لحظة مفصلية في مسيرة الحراك الثقافي بدولة الإمارات، وليس مجرد إضافة جديدة لمنطقة السعديات الثقافية، بل خطوة ترسّخ حضور الإمارات على خارطة المتاحف العالمية.
جاء ذلك خلال لقائه مع مجموعة من الصحفيين والإعلاميين من مختلف وسائل الإعلام الإماراتية والأجنبية من بينهم اليوم السابع في جولة خاصة داخل متحف زايد الوطني، حيث قال "بالنسبة لنا، هذا المتحف هو الأهم بين المؤسسات الثقافية التي تحتضنها السعديات، لأنه يحكي قصة هذا الوطن، ويُجسّد إرث المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، ويُبرز قيمه ورؤيته التي صنعت الدولة الحديثة".
وأضاف أن متحف زايد الوطني لا يكتفي بعرض الآثار والمقتنيات فقط، بل يقدم سردًا متكاملاً لتاريخ أرض الإمارات والمنطقة، تاريخ يمتد لآلاف السنين وصولًا إلى حاضر الدولة ونهضتها. وأوضح: "معظم أبنائنا يعرفون جيدًا تاريخنا الحديث، لكن القليل منهم يدرك عمق تاريخ هذه الأرض، حضارات ازدهرت هنا، وهذا المتحف يعيد ربط الأجيال بجذورهم العميقة".

رئيس دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي والزميل محمد أسعد داخل متحف زايد الوطني
وأشار إلى أن القطع الأثرية المعروضة مثل قارب ماجان تمنح الزائر فهمًا أوسع لكيفية تشكّل المجتمعات القديمة، وكيف أسهمت أرض الإمارات في أن تكون همزة وصل حضارية بين الشرق والغرب منذ آلاف السنين، متابعًا "إننا -على سبيل المثال- حين نستعرض نماذج الريّ القديم، أو أدوات الحياة اليومية، ندرك أن الإماراتيين عبر التاريخ كانوا يتمتعون بقدرة ابتكارية هائلة في التعامل مع بيئتهم القاسية، وهذا ما نسعى لغرسه في الجيل الجديد."
وأوضح المبارك أن القاعة الأولى في المتحف، المخصّصة للشيخ زايد، تُعدّ بوابة أساسية لفهم فلسفة المتحف، مشددًا على أن الزائر يجب أن يبدأ منها لأنها تمنحه سياقًا إنسانيًا وتاريخيًا لفهم بقية التجربة. وقال "يعرف الزائر هنا أبعاد شخصية الشيخ زايد، قيمه، حكمته، ومركزية الإنسان والأرض في رؤيته. الشيخ زايد لم يؤسس دولة من فراغ؛ بل بَنى على إرث عميق كان مدركًا له جيدًا، لذلك استدعى علماء الآثار من أنحاء العالم قبل قيام الاتحاد لاستكشاف حضارات الإمارات عبر آلاف السنين".

متحف زايد الوطني بأبوظبي
وأضاف أن المتحف لا يؤدي مهمته بوصفه "مخزنًا" للآثار، بل يمثل منصة تعليمية وثقافية تُغذي الفكر وتعيد صياغة علاقة الأجيال بتاريخهم، وقال "هذا المكان ليس منهجًا مدرسيًا، لكنه منهج للمجتمع كله. نريد لأبنائنا أن يروا تاريخهم الحقيقي، لا روايات تُصاغ في متاحف غربية قد لا تعكس القصة كما هي. يجب أن تُروى حكايتنا بألسنتنا نحن".
وأوضح أن المتحف يهدف إلى تمكين الجيل الجديد من فهم التاريخ، ليس فقط على المستوى العلمي، بل على مستوى الحياة اليومية، والتجارب الشخصية التي عاشها أسلافهم. فالزائر لا يطلع فقط على المعلومات التاريخية، بل يتعرف على طريقة حياة الناس وتضحياتهم، ويتعلم كيف كان الشيخ زايد وأجداده يبنون المستقبل ويواجهون التحديات. وأكد أن الهدف هو أن يقدر الأطفال والشباب الجهد والتعب الذي عاشه الأجداد، وأن يعرفوا أن ما يمتلكونه اليوم ليس سهلاً، بل نتيجة كفاح وتضحيات عبر الأجيال.
وأشار المبارك إلى أن المتحف يفتح المجال للمجتمع للمساهمة وإضافة قصصهم وأفكارهم، من خلال المكتبات والمواد الأرشيفية، بحيث يتحول المتحف إلى مكان حيّ للتعلم والمشاركة المجتمعية وليس مجرد معروضات ثابتة، حيث يمكن للزوار تسجيل تاريخهم الشفوي ومشاركة خبراتهم مع الأجيال القادمة.
أقرأ أيضًا:
اليوم السابع داخل متحف التاريخ الطبيعى بأبوظبى.. رحلة تمتد عبر 13.8 مليار عام من تاريخ الأرض والكون والحياة.. نيازك نادرة عمرها 7 مليارات سنة وأكبر قطعة من القمر وهياكل ديناصورات أصلية أبرز المقتنيات.. فيديو
وأكد المبارك أن منطقة السعديات الثقافية باتت اليوم بمثابة "كتاب مفتوح"، تتوالى فصوله بين متحف التاريخ الطبيعي ومتحف زايد الوطني، بحيث يتعرف الزائر أولًا إلى تاريخ الكون والطبيعة، ثم ينتقل لفهم تاريخ الإمارات وشعبها، مؤكدًا أن هذا التسلسل يقدّم رؤية متكاملة تعزز الوعي والانتماء.
وأشاد محمد خليفة المبارك، بالتجربة الثقافية المصرية، مؤكدًا أن المتحف المصري الكبير يُعد أحد أبرز الإنجازات الثقافية في العالم العربي خلال الفترة الحالية.

خلال اللقاء داخل متحف زايد الوطني
وقال المبارك إن «الفترة الراهنة تُعد مرحلة استثنائية للثقافة العربية، مع افتتاح مشروعات متحفية كبرى، في مقدمتها المتحف المصري الكبير، الذي يتميّز بعمارة فريدة، ويقدّم تاريخًا مصريًا أصيلًا يرويه المصريون بأنفسهم، وأضاف: «قمت بزيارة المتحف المصري الكبير أربع مرات، وهو من أجمل المتاحف التي زرتها في العالم.
وأشار المبارك إلى أن ما تشهده المنطقة العربية من استثمارات ثقافية في مدن مثل القاهرة، وأبوظبي، والعُلا، والدوحة وغيرها يعكس وعيًا عربيًا متناميًا بأهمية الثقافة بوصفها عنصرًا أساسيًا في بناء المجتمعات وصياغة المستقبل.

الزميل محمد أسعد داخل متحف زايد الوطني بأبوظبي
وأوضح أن هذه المشروعات لم تكن متاحة قبل عقود، قائلاً: "قبل خمسين أو ستين عامًا، لم تكن هذه الفرص ولا هذه الكثافة المعرفية متوفرة، أما اليوم فإن الأجيال الجديدة تنمو وسط هذا الزخم الثقافي، وهو أمر يدعو للفخر لكل العرب".
وختم المبارك حديثه بالتأكيد على أن الاستثمار في الثقافة ليس جديدًا على المنطقة، بل هو امتداد لتاريخ طويل من الاهتمام بالمعرفة والتراث.