يناقش مجلس الشيوخ، برئاسة المستشار عصام الدين فريد، خلال جلساته الأسبوع المقبل، تقرير لجنة الشباب والرياضة عن مشروع القانون المقدم من الحكومة والمحال من مجلس النواب، والمتعلق بتعديل بعض أحكام القانون رقم (3) لسنة 1987 الخاص بإنشاء وتنظيم نقابة المهن الرياضية، وذلك في إطار سعي الدولة إلى مواكبة التطورات الأكاديمية والمهنية في المجال الرياضي.
وتُعد نقابة المهن الرياضية إحدى الدعائم المؤسسية المنظمة لممارسة النشاط الرياضي في المجتمع، حيث تضطلع بدور محوري في تقنين الممارسة المهنية وضمان توافر الحد الأدنى من التأهيل العلمي والفني للعاملين بالمجال.
وقد تأسس نظام القيد بالنقابة، منذ نشأته، على ركيزة أساسية تتمثل في الارتباط بالمؤهل الدراسي المتخصص، باعتباره الأداة القانونية الكفيلة بضبط الانضمام إلى المهنة وحماية المجتمع من الممارسات غير المؤهلة.
ولسنوات طويلة، استقر التنظيم القانوني على ربط العضوية بالحصول على مؤهل في «التربية الرياضية»، باعتباره المسمى الأكاديمي السائد وقت إنشاء النقابة، والمعبر آنذاك عن العلوم المرتبطة بالمجال الرياضي، غير أن التطور المتسارع في بنية التعليم الجامعي وتعدد التخصصات العلمية المتداخلة مع الرياضة، أفرز واقعت أكاديميا جديدا تجاوز الإطار التقليدي لهذا المسمى، وأعاد طرح مسألة المؤهل الدراسي بوصفه مدخلا جوهريا لإعادة ضبط العلاقة بين التعليم والممارسة المهنية.
ومن هذا المنطلق، لم يعد تدخل المشرع في هذا المجال استجابة ظرفية، بل ضرورة تنظيمية تهدف إلى الحفاظ على وحدة المعيار المهني، وتحقيق التوازن بين حرية مزاولة المهن الرياضية ومتطلبات التأهيل العلمي الرصين.
فجاء مشروع القانون، حسبما يشير التقرير البرلماني، في ضوء صدور قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (2861) لسنة 2024، بشأن تعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات، والذي أسفر عن تحول في البنيان الأكاديمي من خلال استبدال مسمى «كلية علوم الرياضة» بمسمى «كلية التربية الرياضية»، ولم يقف أثر هذا القرار عند حدود التنظيم الجامعي، بل امتد بطبيعته إلى البنية القانونية المنظمة للمهن الرياضية.
ذلك أن نظام العضوية بنقابة المهن الرياضية قد تأسس تاريخيا على الارتباط بمسمى أكاديمي محدد، وهو ما أوجد – بعد تغير المسميات والتخصصات – حالة من التباين بين الواقع التعليمي المستجد والتنظيم النقابي القائم.
وعلى هذا الأساس، استند مشروع القانون في فلسفته العامة إلى إعادة ضبط العلاقة بين التطور الأكاديمي والتنظيم المهني، بما يعكس التحول الجوهري في طبيعة العلوم الرياضية، التي لم تعد قاصرة على المفهوم التقليدي، وإنما أصبحت مجالا علميا متكاملا تتداخل فيه علوم الحركة البشرية، وعلم النفس، والصحة الرياضية، والتغذية.
وانتهت اللجنة البرلمانية، إلي إعادة صياغه المادة القانونية المقدمة من الحكومة بعد مناقشات موسعه شارك فيها ممثلي وزارتي الشباب والرياضة، التعليم العالي، ونقابة المهن الرياضية، ليقضي نص مشروع القانون على استبدال البند (ج) من المادة (5) من القانون رقم (3) لسنة 1987، ليصبح على النحو الآتي:«أن يكون حاصلًا على مؤهل متخصص في علوم الرياضة أو التربية الرياضية بإحدى شعبها المهنية، أو حاصلًا على دراسة متخصصة في مجال الشعبة تُقرّها الوزارة المعنية بشئون الرياضة، بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للجامعات بحسب الأحوال، وتُخطر النقابة بذلك».
كما تضمن المشروع استبدال عبارة «المهن الرياضية» بعبارة «مهن التربية الرياضية» الواردة بالبند (ز) من ذات القانون.
وفندت لجنة الشباب والرياضة مبرراتها لإعادة الصياغة، حيث ارتأت إعادة صياغة المادة كاملة، وذلك لعدة اعتبارات جوهرية، في مقدمتها تحقيق الانضباط التشريعي ووضوح النص، حيث رأت اللجنة أن استبدال البند (ج) كاملًا أكثر دقة واتساقًا من الاكتفاء باستبدال بعض العبارات، بما يُيسر فهم التعديل ويمنع أي لبس في التطبيق.
واستظهرت اللجنة أن مشروع القانون تضمن تعديلا على البند (ج) من المادة (٥) بنقل اختصاص إقرار الدراسات المتخصصة البديلة للمؤهل الأكاديمي في مجال علوم الرياضة أو التربية الرياضية إلى النقابة العامة للمهن الرياضية، بينما اقترحت الحكومة الإبقاء على هذا الاختصاص بيد وزارة الشباب والرياضة، مع أخذ رأي المجلس الأعلى للجامعات، وإخطار النقابة بذلك.
ودرست اللجنة هذا الخلاف في ضوء أحكام الدستور والمبادئ القضائية المستقرة، والتي تقرر أن تنظيم المهن الحرة يدخل في صميم اختصاص الدولة، باعتبار النقابات مرافق عامة ذات طبيعة تنظيمية. كما خلصت اللجنة، بالرجوع إلى المدلول التاريخي للنص، إلى أن «الدراسات المتخصصة» قد استُحدثت أصلًا كمسارات تأهيلية موازية للمؤهل الأكاديمي، وعُهد بإقرارها إلى الجهة العامة المختصة بتنظيم المجال الرياضي – المجلس الأعلى للشباب والرياضة آنذاك – تحقيقًا للمرونة التشريعية وضمانًا لحسن التنظيم.
وبناء عليه، انتهت اللجنة إلى ترجيح الإبقاء على دور الجهة الإدارية المختصة، بما يحقق التوازن بين متطلبات التنظيم المهني واستقلال النقابة، ويكفل في الوقت ذاته الحفاظ على المعايير العلمية المعتمدة.
وانتهت اللجنة إلى أن تحديد مسارات التأهيل والمؤهلات المقبولة لممارسة المهن الرياضية يدخل في نطاق التنظيم العام للمهنة الذي يملكه المشرّع، ولا يُعد من الشئون الداخلية للنقابة. وإذ يترتب على إقرار هذه الدراسات أثر مباشر على بوابة القيد وممارســـــة المهنة، فقد رأت اللجنة تأييد إســــــنـاد الاختصاص إلى وزارة الشباب والرياضة.
كما وافقت اللجنة على اشتراط أخذ رأي المجلس الأعلى للجامعات متى كانت الدراسة في مصاف الدرجات العلمية، ضمانًا لجودة الاعتماد والتنسيق المؤسسي.
وأخيرا ارتأت اللجنة ضرورة تعديل البند (ز) من المادة (4) من القانون المشار إليه بإحلال عبارة «المهن الرياضية « محل عبارة «مهن التربية الرياضية»؛ وهو ما يُعد تعديلا تبعيًا كاشفًا، يفرضه لزوم الاتساق مع فلسفة مشروع القانون القائمة على ضبط المصطلحات وتوحيد نسقها، كما هو حاصل بالمادة (90) من القانون.