فيسبوك
واتساب
يشهد القطاع الزراعي العالمى نقلة نوعية غير مسبوقة، حيث لم تعد الزراعة تقتصر على الأساليب التقليدية المعتمدة على الخبرة فقط، بل أصبحت تدار بعين رقمية دقيقة فتقنيات الذكاء الاصطناعى تترسخ كأداة لزيادة الإنتاجية وضمان الأمن الغذائي في مواجهة التحديات المتزايدة للتغيرات المناخية ونقص الموارد.
و تتبنى المزارع الحديثة الآن حلولًا تكنولوجية متكاملة تمكنها من اتخاذ قرارات موجهة ومدروسة بدلاً من الأساليب العشوائية.
المراقبة الدقيقة
ويستخدم تطبيق الذكاء الاصطناعي في مراقبة صحة المحاصيل والنباتات أحد أبرز الركائز التى يقوم عليها هذا التحول.
وتعتمد هذه المراقبة على جمع وتحليل كميات هائلة من البيانات والصور الملتقطة عبر تقنيات الاستشعار عن بعد، مثل الطائرات بدون طيار (الدرونز) والأقمار الصناعية، حيث تسمح هذه البيانات الضخمة للمزارعين بالتنبؤ الدقيق باحتياجات المحاصيل والتخطيط للري والتغذية بشكل مثالي، فالنظام الذكي قادر على اكتشاف التغيرات الدقيقة في لون أو نمو النباتات، وهي مؤشرات مبكرة قد تدل على وجود مرض أو نقص في المغذيات، هذا الكشف المبكر يضمن التدخل السريع والفعال قبل أن تتفاقم المشكلة وتؤدي إلى خسائر في المحصول.
ووفقًا لمصدر بمركز معلومات تغير المناخ، أن التحول إلى أدوات الذكاء الاصطناعي ليس خياراً بل خطوة ضرورية، موضحًا ن هذه التقنيات لها دور حاسم في توفير المدخلات والمخرجات، وزيادة الإنتاجية، وتقليل الهدر، خاصة فيما يتعلق بتحديد الاحتياج الفعلي للنباتات.
الذكاء الاصطناعي و الموارد المائية
وفي مواجهة أزمة ندرة المياه العالمية، يبرز الذكاء الاصطناعي كحل أساسي لضمان كفاءة استخدام الموارد المائية.
وتعتمد النظم الذكية على تحليل دقيق وشامل للظروف الجوية، ومستويات الرطوبة في التربة، ومعدلات النتح للمحاصيل. يتم دمج هذه البيانات لتحديد الكمية الدقيقة من المياه التي يحتاجها كل جزء من الحقل على حدة.
ويسمح هذا التحليل بتشغيل أنظمة الري الذكية في التوقيت الأمثل وبالمقدار اللازم، مما يلغي الحاجة إلى الري العشوائي أو المبرمج مسبقاً وغير الفعال.
وتساهم تقنية المسح الدوري عبر الطائرات بدون طيار في تحديد الخرائط السحابية والاحتياجات المائية الفعلية، الأمر الذي يقلل من هدر المياه بنسبة كبيرة ويضمن وصول العناصر الغذائية والمياه إلى الجذور مباشرة.
وبذلك، يرسخ الذكاء الاصطناعي دوره كـمنقذ للموارد المائية من خلال إدارة الري القائمة على الاحتياج الفعلي للنبات.
من الكشف المبكر إلى العلاج الدقيق للآفات
ويتجاوز دور الذكاء الاصطناعي مجرد المراقبة ليصبح خط الدفاع الأول في الكشف المبكر عن الأمراض والآفات النباتية، فباستخدام أدوات التعرف على الصور وخوارزميات التعلم الآلي (Machine Learning)، يمكن للنظام تحليل أنماط نمو المحاصيل وتحديد الإصابات في مراحلها الأولى بدقة فائقة.
وهذا الكشف الدقيق يفتح الباب أمام تطبيق أساليب زراعية متقدمة ومستدامة، أبرزها تقنية الرش الكيميائي الموضعي، حيث تقوم أجهزة الرش الآلية، الموجهة بالذكاء الاصطناعي، بتحديد موقع الآفة بدقة وتطبيق المبيدات بكميات دقيقة وموجهة على المناطق المصابة فقط.
هذا التوجه لا يقلل من تلوث التربة والبيئة فحسب، بل يساهم بشكل كبير في خفض التكاليف وتقليل الهدر في استخدام الكيماويات والمبيدات.
تطبيقات متكاملة تتجاوز الحقل
إن الذكاء الاصطناعي في الزراعة يمثل ثورة متكاملة الأركان لا تقتصر على المحاصيل فقط، بل تمتد لتشمل القطاع الحيواني وإدارة الموارد.
القطاع الحيواني
يتم مراقبة صحة الماشية باستخدام أجهزة ذكية تتعقب سلوك الحيوانات وتكتشف أي مؤشرات مرضية أو تغييرات غير طبيعية في وقت مبكر، مما يعزز الرعاية الحيوانية ويزيد من الإنتاجية.
إدارة الموارد وتخطيط الأراضي
يساعد الذكاء الاصطناعي في مشروعات الاستصلاح الحديثة بتحديد المحاصيل الأكثر ملاءمة لكل نوع من التربة والمناخ، وتصميم أنظمة الري والصرف بكفاءة عالية.
ووفقًا للخبراء فإن هذه الحلول المتكاملة تمثل جوهر الزراعة الذكية (Smart Farming)، حيث تهدف إلى خلق منظومة متكاملة ومستدامة توفر الوقت والجهد، وتزيد من جودة المحاصيل، مما يضمن القدرة على مواكبة المتطلبات المتغيرة للأسواق العالمية والمحلية في عصر جديد تقوده البيانات والذكاء الاصطناعي.
