صفاء الليثي تكتب: الفيلم القصير واحة للتعلم.. سيمو والراب المصرى

الثلاثاء، 16 ديسمبر 2025 05:37 م
صفاء الليثي تكتب: الفيلم القصير واحة للتعلم.. سيمو والراب المصرى صفاء الليثي

كنت دائما من أشد المعجبين بالفيلم القصير جمعت مقالات عنه وصدر لي كتاب "الفيلم القصير في مصر" وعنوانه الفرعي الازدهار والتطور مع مشروعات التخرج، حاليا تجاوز الفيلم القصير كونه مشروعا لتخرج لدارسي السينما وأصبح وجوده غير مرتبط بالمبتدئين والطلاب، في افتتاح مبادرة سين ماد 11 ديسمبر 2025 وهي مبادرة تمتد لثلاثة أشهر، تعرض أفضل الأفلام العربية لعام ٢٠٢٥ في دور السينما في المنطقة، الافتتاح جاء بعنوان "أطلق العنان لإيقاعك" حيث عرضت ثلاثة أفلام يجمعها فن الراب المصري، أولها للمخرج عمرو سلامة صاحب التجارب المهمة في السينما الروائية الطويلة وفي الدراما التلفزيونية أيضا، بدأ البرنامج بفيلمه 60 جنيه معالجة سينمائية لأغنية التراب المصري " 60 جنيه" لزياد ظاظا، وكان الفيلم الثاني "سموكي آيز" تمثيل نجم الراب المصري مروان موسى مع ملك بيازيد التي أجادت دورها، الفيلم إخراج علي علي مخرج الإعلانات في عمل تقليدي يتصدى لأفكار المجتمع التي تخنق النساء، عمل جيد لم يستغل فن الراب الا من خلال تقديم مطربه في دور تمثيلي عادي، وجاء العمل الأخير "سيمو" الأقرب للاكتمال في استخدامه لأغنية الراب (غابة) لنجمها مروان بابلو يختتم به فيلم المخرج المصري الكندي عزيز زرمبة.

أغاني الراب لم أسمع بها من قبل، عرفت عنها من هذه الأفلام الثلاث، تعاملت معها الأفلام الثلاث بدرجات متفاوتة، نجح "سيمو" في ربطها بفكرة الهوية الثقافية واختلاف التمسك بالجذور بين شقيقين لأب مهاجر في كندا، الكبير عماد يفضل التحدث بالفرنسية والصغير سيمو يتحدث العامية المصرية ويفضل سماع أغاني الراب المصري ويشجعه أبوه على ذلك. تنطلق أحداث الفيلم عندما تتغلغل الغيرة والمنافسة في علاقة عماد بأخيه سيمو. وبسبب رغبة سيمو في إثبات شعبيته وقدراته لأخيه، يستحوذ على قناة أخيه الإلكترونية للألعاب بطريقة ملتوية.

التصوير في كندا حيث الثلوج ومنزل من طابقين بشرفة خشبية، نسمع في البداية تعليقا بالعربية على لعب كرة في الثلوج وبعد الجون يتعارك الشباب، الأصغر من الشقيقين يصاب بلكمة في وجهه، الأب يعاتب الكبير ألم أوصيك بالدفاع عن أخيك، ثم هما في حجرتهما الكبير يمارس رياضة ويسمع غناء غربي بسماعات قوية جدا تتحطم من شدة الصوت، الأب ينادي ابنه ليساعده في غسيل الأطباق، ينتهز سيمو الفرصة ويدخل لعبة أخيه ويحقق تجاوب عالي جدا ويكسب متابعين، يعود عماد فيتعارك معه غيرة من تحقيقه متابعة أكبر، الأب يتحدث بالعربية غالبا يطمن على قريبته في مصر، في حلم  سيمو تتحول اللعبة من الرسم إلى مشاهد لايف ويهجم بوليس على المنزل، يتحول إلى واقع ويعتقل عماد، الأب مع سيمو يحضرانه الى المنزل في الطريق يعطي الأب وصلة جهاز الموسيقى ونسمع أغنية الراب يكملها سيمو بأداء لايف وهو في المقعد الخلفي للسيارة. تبدأ بكلمة السلامو عليكم، اظهر يا مختفي.. كل التماثيل هتتكسر.. وبكده أكون خلصت الميشن (المهمة) .. الفقر شفنا ، والقحط عشنا .. تقع تاني تقوم، وتقول هل من مزيد.. وفي قلب الوحل لازم تلاقي الميزة، بقينا عايشين أكننا جوه غابة، غابة . كلمات تعبر عما يشعر به الشباب تناسب اب مصري مهاجر وروحه عالقة في بلده ولغتها وما تمخض عن تحولات الغناء والموسيقى بها. رجوعا للشبكة الدولية فإن الراب المصري هو نوع موسيقي يعتمد على إلقاء الكلمات السريعة والمقفاة على إيقاعات مختلفة، نشأ في مصر في أواخر التسعينيات متأثرًا بالراب الغربي لكنه تطور ليلامس قضايا المجتمع المصري وهموم الشباب، ويستخدم لغة الشارع والتعبيرات العامية، ومر بمراحل مختلفة حتى انفجر شعبيًا مؤخرًا بظهور نجوم مثل ويجز، بابلو، ومروان موسى، ليصبح صوتًا قويًا يعبر عن الواقع ويعالج قضايا اجتماعية وسياسية.

الراب والتراب، يشيران إلى نوعين من موسيقى الهيب هوب؛ فالراب هو فن الإيقاع والشعر يعتمد على إلقاء الكلمات بشكل إيقاعي سريع مع قوافي، بينما التراب هو نوع فرعي من الراب يتميز بإيقاعات أعمق، وتأثيرات صوتية ثقيلة، ومواضيع تتحدث عن صراعات الحياة والشارع، ببساطة التراب هو "راب" لكن بإيقاعات وأجواء مختلفة وأكثر قتامة وتأثيراً بالبيئة التي نشأ فيها، وهو ما يظهر في أغنية 60 جنيه وفرضت تعبيرا أقرب إلى الديستوبيا في فيلم المخرج عمرو سلامة.

وجاء فيلم "سيمو" موفقا في الربط بين الشكل الفني عبر سرده القريب من روح الألعاب الالكترونية ممتزجا بواقع الأب الذي يعيش في المهجر ومشاعره متعلقة ببلده مصر، ورث ابنه سيمو ثقافته مع تطويرها فناسبه الراب المصري بإيقاعه وكلماته المعبرة عن مناخ الغربة والصراع لإثبات الهوية.  

الفيلم من تأليف وإخراج عزيز زرمبة، وإنتاج روزالي شيكوين بيرول، وشركة إنتاج اسكراب فيلمز، وبطولة علاء الدين توفيق، وباسل الريس، وسيف الريس، وتصوير أليكساندر نور ديجاردين، ومونتاج عمر إلهامي وعزيز زرمبة، بينما تتولى مهام التوزيع والمبيعات في العالم العربي شركة ماد للتوزيع.

عزيز زرمبة مخرج وكاتب مصري - كندي تناقش أفلامه الوثائقية والروائية موضوعات الهوية الثقافية والاندماج والصدمة العابرة للأجيال. تخرج من مدرسة هوبنهايم للسينما وخريج زمالة صندانس اينايت عام 2019.

فيلمه الوثائقي القصير الأول "أجنبي" (2020) عُرض في أكثر من 30 مهرجان حول العالم من بينهم مهرجان سلامدانس، وكاميرا ايمدج ومهرجان مونتريال الدولي للأفلام الوثائقية. يضم فيلم "سيمو" 2023 في سجل جوائزه العديد من الجوائز الدولية من بينها أفضل فيلم قصير لايف أكشن في جوائز الشاشة الكندية، وجائزة الجمهور في مهرجان السينما الجديدة في كندا، وجائزة الجمهور في مهرجان الجنوب الغربي السينمائي الدولي، وتنويه خاص في مهرجان ريجارد في كندا، وجائزة الجمهور وجائزة أفضل فيلم في مهرجان زاوية للأفلام القصيرة.

7236424
 

 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة