تعيش الكنيسة الكاثوليكية في مصر هذه الأيام أجواء روحانية مميزة استعدادًا لاحتفالات عيد الميلاد المجيد، الذي يُعد من أهم الأعياد المسيحية في العالم. وتبدأ الكنيسة صوم الميلاد يوم 10 ديسمبر، ويستمر حتى يوم 25 ديسمبر، وهو اليوم المقرر للاحتفال بالميلاد.
وخلال فترة الصوم، تشهد الكنيسة تنظيم القداسات اليومية، وتقام الصلوات الخاصة بشهر كيهك، الذي يسبق عيد الميلاد، إذ تُعَدّ هذه الصلوات وسيلة روحية لتأمل حياة السيد المسيح وتعزيز القيم المسيحية بين المؤمنين. ويحرص القائمون على الكنائس على تجهيز مغارة الميلاد منذ بداية الصوم، حيث يتم وضع تمثال السيد المسيح فيها استعدادًا لقداس ليلة عشية عيد الميلاد المجيد.
أبرز الأطعمة الممنوعة خلال صوم الميلاد
يشدد الصوم الكاثوليكي على الامتناع عن الأطعمة التي تحتوي على "روح"، والتي تشمل اللحوم، الدواجن، البيض، الأجبان، والألبان. بينما يُسمح بتناول الأطعمة النباتية، إضافة إلى الأسماك طوال الأسبوع مع استثناء يومي الأربعاء والجمعة، وفقًا للتقاليد الروحية للكاثوليك.
ويهدف هذا الامتناع عن بعض الأطعمة إلى تقوية الانضباط الذاتي والتقرب الروحي، إذ يرى المؤمنون أن الصوم ليس مجرد حرمان جسدي، بل تدريب للنفس على التحكم في الرغبات والتمسك بالقيم المسيحية، بالإضافة إلى تعزيز روح التضامن مع الفقراء والمحتاجين.
دلالات صوم الميلاد وأهميته الروحية
يُعد صوم الميلاد المجيد لدى الأقباط الكاثوليك رحلة روحية نحو الصفاء الداخلي وتجديد الإيمان. فهو يتيح للمؤمنين فرصة التأمل في حياة السيد المسيح وتعاليمه، والتركيز على الصلاة والتوبة وأعمال المحبة. كما يُعد الصوم وسيلة لتقوية الروابط الأسرية والمجتمعية، من خلال مشاركة أفراد الأسرة والمجتمع في الصلاة والقداسات والتحضيرات للعيد.
وتكتسب مغارة الميلاد رمزية خاصة خلال الصوم، حيث يتم وضع تمثال المسيح فيها ليصبح مركزًا للقداسات والصلوات، ويُظهر ولادة المسيح كرمز للأمل والخلاص لكل البشر.
الصوم والاحتفال بروح المحبة والسلام
يمثل صوم الميلاد المجيد مدخلًا للاحتفال بروح المحبة والسلام والتسامح، وهو ما يعكسه اهتمام الكنيسة الكاثوليكية بتنظيم القداسات والأنشطة الروحية التي تشمل جميع المؤمنين، مع مراعاة احتياجات الصم وضعاف السمع، لتكون المشاركة شاملة للجميع.
وتأتي احتفالات عيد الميلاد، بعد انتهاء فترة الصوم، كتتويج لرحلة روحية متكاملة، يشارك فيها الأب الكاهن، البطريرك، والمؤمنون، في أجواء مليئة بالفرح والبهجة والروحانية، وسط ترديد كلمات الكتاب المقدس: "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة"، كعبارة تلخص روح العيد الحقيقية.