تعد منطقتا حلايب وشلاتين من أكثر المناطق المصرية التى تحتفظ بهوية ثقافية متفردة، وتعكس ملامح حضارية ممتدة فى عمق التاريخ، حيث تمثل المشغولات اليدوية أبرز مكونات هذا التراث الذى تتوارثه السيدات جيلاً بعد جيل، حيث تستند السيدات فى حلايب وشلاتين إلى مواد طبيعية مثل الجلود والسعف لتنتج تلك المشغولات اليدوية.
كما تعد تلك المنتجات ليست مجرد منتجات للاستخدام اليومى، بل هى انعكاس لأسلوب حياة وذاكرة اجتماعية وثقافية متجذرة، تحفظ للمنطقة خصوصيتها وتروى قصص الأمهات والجدات اللاتى حافظن على الحرف فى ظل صعوبات الحياة الصحراوية منذ عشرات السنوات.
حرف تشكلها الطبيعة
تتميز الحرف اليدوية التى تنتجها نساء حلايب وشلاتين بتنوعها ودقتها، حيث تعتمد السيدات على الجلود التى يتم إعدادها بطرق تقليدية تعتمد على الشمس والملح والخياطة اليدوية، ليتم تحويلها إلى حقائب، وأحزمة، وأدوات تستخدم فى رحلات الرعى، كذلك يتم استخدام السعف فى صناعة السلال والحصائر التى تشكل جزءاً مهماً من الحياة اليومية، وتتميز هذه المشغولات بلمسات فنية تظهر فى النقوش والزخارف البسيطة التى تبرز مهارة النساء وقدرتهن على الابتكار رغم الظروف البيئية القاسية.
الحرف اليدوية مصدر دخل رئيسى لبعض الأسر
كشف الحسن عثمان شاب من مدينة الشلاتين أن الحرف اليدوية تمثل مصدر دخل رئيسى للعديد من الأسر فى حلايب وشلاتين، حيث تباع تلك المشغولات فى الأسواق المحلية وفى بعض المدن الكبرى، وهناك مشاركات فعاله من سيدات حلايب وشلاتين فى المعارض الكبرى مصل معرض ديارنا التى تنظمه التضامن الاجتماعي.
واضاف الحسن عثمان إلى أن كل قطعة من هذه المنتجات تستغرق ساعات طويلة من العمل المتواصل، مما يعكس مهارة النساء وقدرتهن على الإبداع والمحافظة على التراث فى أن واحد، كما تعمل بعض الجمعيات العاملة فى المنطقة على مساعدة السيدات الذين يعملن فى المشغولات اليدوية لتطوير الحرفة يساهم فى دعم اقتصاد المجتمعات المحلية واستدامة الموارد الطبيعية.
أصل المنتجات من البيئة المحيطة
من جانبه قال عمر الأمين، وكيل مديرية التضامن الاجتماعى السابق فى البحر الأحمر، أن من خلال مشاركة سيدات حلايب وشلاتين فى اغلب المعارض التى كانت تنظمها المديرية سواء فى مدن المحافظة او المحافظات الأخرى اتضح أن اعتمادهم الاول فى انتاج تلك المنتجات على الجلود والسعف مما يعكس قدرة المجتمع المحلى على استخدام الموارد المتاحة دون الإضرار بالبيئة.
واضاف أن الجلود يتم استخراجها وإعادة تصنيعها بطرق بسيطة، بينما يعتمد السعف على أشجار النخيل المنتشرة فى الأودية، هذا الاستخدام المتوازن للموارد يجسد علاقة وثيقة بين الإنسان والبيئة فى الجنوب.
شتاء الرعى والاستعداد للرحلات
من جانبه قال عبد الرحمن سر الختم، أحد شباب منطقة أبو رماد بحلايب، أن مع خلول فصل الشتاء والدى يمثل فترة نشاط كبيرة للرعاة، استعدت الأسر للانطلاق فى رحلات طويلة بين الأودية والمراعى، وتقوم النساء بصناعة أدوات تقليدية ضرورية للرعاة مثل “الكهل” المستخدم لحفظ اللبن، و“الحثال” المستخدم لربط الإبل، و“الخرج” الذى يخزنون فيه الطعام والماء، إضافة إلى “الهمل” المصنوع من الصوف والذى يستخدم كفرش للنوم خلال الليالى الباردة، هذه الأدوات جميعها تصنعها سيدات الجنوب من الحلود وسعف النخيل وغيرها.
احتياجات الرعاة وصعوبة الرحلات
واضاف سر الختم أن الذين يقومون برحلات الرعى يعتمدون على أدوات بسيطة مصنوعة من الصوف والجلد وسعف النخيل خلال رحلاتهم الطويلة، حيث تعد هذه المواد جزءاً أصيلاً من بيئتهم الطبيعية، ويعد الدقيق من أهم المكونات المستخدمة فى إعداد “خبز الجابر” التقليدى الذى يشكل وجبة أساسية للرعاة فى الصحراء.
مشغولات بدوية تحمل هوية جنوب البحر الأحمر
ومن أبرز المشغولات اليدوية فى حلايب وشلاتين “القربة”، التى يتم تصنيعها من جلود الماشية بعد تنظيفها ومعالجتها بطريقة تقليدية تتيح استخدامها فى تخزين الماء لفترات طويلة، كما يعد “الكهل” المصنوعة من السعف من الأدوات الضرورية لحفظ الطعام خلال التنقل عبر الأودية والجبال، حيث يتم تجهيزها بعناية لضمان حفظ الغذاء فى بيئة صحراوية قاسية.

إحدى سيدات الجنوب تقوم بعمل مشغولات يدوية

أعمال المشغولات اليدوية

مشغولات للاستخدام اليومى

مشغولات من سعف

مشغولات يدوية بأيدى سيدات حلايب وشلاتين

مشغولات يدوية حقائب من الجلود

مشغولات يدوية من الجلود فى أحد المعارض