تتجه أنظار العالم فى نوفمبر 2025 إلى مدينة بيلم البرازيلية، حيث تُعقد قمة المناخ للأمم المتحدة COP30 فى الفترة من 10 إلى 21 نوفمبر، فى حدث يوصف بأنه الأهم منذ مؤتمر باريس عام 2015. وتأتى هذه القمة فى لحظة حاسمة من مسار الجهود الدولية للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية، وفق اتفاق باريس، وسط تصاعد التحديات البيئية والاقتصادية والسياسية التى تواجه العالم.
فى قلب الأمازون
ستُقام فعاليات المؤتمر فى مركز Hangar Convention & Fair Centre of the Amazon بولاية بارا شمال البرازيل، فى منطقة تُعدّ قلب غابات الأمازون، الرئة الخضراء للكوكب وأحد أكثر الأنظمة البيئية حساسية فى العالم. ويُعدّ اختيار بيلم للاستضافة ذا رمزية خاصة، إذ يسعى إلى إبراز الدور المركزى الذى تلعبه الغابات الاستوائية فى التصدى لأزمة المناخ العالمية، باعتبارها من أكبر خزانات الكربون الطبيعية.
190 دول تشارك فى القمة
سيجمع المؤتمر أكثر من 190 دولة، بمشاركة رؤساء دول وحكومات، ومنظمات دولية، وممثلى المجتمع المدنى، والقطاع الخاص، والخبراء البيئيين. وستُعقد خلاله اجتماعات متزامنة لثلاث آليات رئيسية: مؤتمر الأطراف الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP30)، ومؤتمر الأطراف العشرين لبروتوكول كيوتو (CMP20)، والجلسة السابعة لمؤتمر اتفاق باريس للمناخ (CMA7).
انبعاثات الغازات الدفيئة
تركّز القمة هذا العام على مجموعة من المحاور الجوهرية، أبرزها خفض انبعاثات الغازات الدفيئة، وتعزيز قدرات الدول على التكيّف مع التغير المناخى، وزيادة التمويل المخصص للمناخ، لا سيما للدول النامية الأكثر تضررًا. كما تتناول القمة قضايا العدالة المناخية، والتحول نحو الطاقة المتجددة، وحماية الغابات والتنوع البيولوجى، إضافة إلى تطوير أسواق الكربون العالمية.
ولتعزيز الحوار والتكامل بين القطاعات، أعلنت اللجنة المنظمة للقمة عن برنامج الأيام الموضوعية، بحيث يُخصَّص كل يوم لمجموعة من القضايا المتشابكة. تشمل الأيام الأولى موضوعات التكيّف، المدن، والبنية التحتية، والمياه، والاقتصاد الدائرى، تليها أيام مخصصة للصحة، والوظائف، والتعليم، والثقافة، وحقوق الإنسان. أما الأيام الأخيرة فستتناول ملفات الطاقة النظيفة، والصناعة، والنقل المستدام، والتجارة، والتمويل، والابتكار المناخي.
لكن القمة تواجه أيضًا تحديات كبيرة. فإلى جانب التحديات اللوجستية المتعلقة بارتفاع أسعار الإقامة فى بيلم ونقص البنية التحتية السياحية، يواجه المؤتمر انتقادات من منظمات بيئية بشأن السياسات الحكومية للبرازيل. إذ أعلنت السلطات نيتها طرح مزايدات جديدة للتنقيب عن النفط والغاز فى مناطق قريبة من الأمازون، ما أثار مخاوف من تناقض بين الخطاب البيئى والسياسات الاقتصادية.
ورغم هذه الانتقادات، يرى كثير من المراقبين أن استضافة القمة فى قلب الأمازون تمنح البرازيل فرصة تاريخية لتأكيد التزامها بحماية البيئة وإعادة تعريف التنمية المستدامة من منظور أكثر شمولًا وعدلًا. فالقمة تمثل لحظة فارقة لتحديد مسار المرحلة المقبلة من العمل المناخى، مع ضرورة وضع آليات تمويل واضحة للدول النامية، وتعزيز الشفافية فى تنفيذ الالتزامات المناخية السابقة.
محاولة لتفعيل تخصيص 100 مليار دولار سنويا
يتوقع أن يكون ملف التمويل المناخى أحد أبرز محاور النقاش، حيث تطالب الدول النامية بتفعيل التعهدات السابقة بتخصيص 100 مليار دولار سنويًا لدعم جهود التكيّف والتخفيف، إلى جانب إنشاء آليات جديدة للتعويض عن الخسائر والأضرار الناتجة عن الظواهر المناخية المتطرفة.
كما سيحظى موضوع العدالة المناخية باهتمام خاص، إذ تسعى الدول إلى ضمان توزيع أكثر إنصافًا لأعباء التحول الأخضر بين الشمال والجنوب العالميين، بما يضمن ألا تتحمل الشعوب الفقيرة كلفة التغير المناخى التى تسببت فيها بالأساس الدول الصناعية الكبرى.
فى النهاية، تمثل قمة COP30 اختبارًا حقيقيًا لقدرة المجتمع الدولى على الانتقال من التعهدات إلى التنفيذ، ومن الأقوال إلى الأفعال، فى سباق الزمن لإنقاذ الكوكب من تداعيات أزمة المناخ المتفاقمة.