تمر اليوم 8 سنوات على رحيل نجمة الجماهير الفنانة الكبيرة شادية التى رحلت عن عالمنا فى مثل هذا اليوم الموافق 28 نوفمر عام 2017 ولكنها بقيت وستبقى إلى الأبد فى وجدان وقلوب الملايين بفنها وإنسانيتها ومحبتها التى أسرت القلوب.
عرفناها الدلوعة الجميلة، وأحببناها فى أدوار التلميذة والحبيبة والزوجة والأم، غنت للحب والابن والأمومة والوطن وحلقنا معها إلى السماء وهى تتغنى فى حب الله ورسوله.. هكذا ارتبط الجمهور بالفنانة الراحلة شادية حبيبة الملايين ومعشوقة الجماهير، التى رسخت فى وجدان الملايين وخلدت اسمها فى القلوب وقدمت أعظم الأعال الفنية، وكانت طوال حياتها سواء قبل أو بعد الاعتزال نموذجاً إنسانياً وفنياً فريداً.
جوانب فى حياة شادية
لكن تظل جوانب أخرى فى حياتها لا يعرفها الكثيرون، فعلى الرغم من صفات شادية الجميلة ورومانسيتها، إلا أن قصص الحب فى حياتها لم تكتمل، ذاقت خلالها مرار الفراق والهجر والحسرة، ولم تصادف حبا يليق بها سوى حب الله الذى تفرغت لحبه وعبادته ومناجاته لأكثر من ثلاثين عاما قبل رحيلها.
تعرضت محبوبة الجماهير لصدمات عاطفية عديدة ولم تجد الحب الذى يليق بها رغم أنه وقع فى غرامها الكثيرون وكانت دائماً نموذجاً وفتاة أحلام الملايين من كل الأجيال.
وكان أول حبيب للدلوعة شاب أسمر من الصعيد كان يعمل ضابطا فى الجيش المصرى وخطبت له وهى فى عمر 19 عاما وأحبته حباً كبيرا وكانت صدمتها كبيرة عندما استشهد حبيبها أحمد في حرب فلسطين عام 1948.
شادية فى حوار قديم لها
وذكرت شادیة في حوار قديم مع مجلة "سیدتي"، أنها علمت بخبر استشهاد أول حب فى حياتها عندما كانت عائدة من العرض الخاص لفیلمھا الأول، وأصيبت بانهيار عصبى ورفضت بعد وفاته الارتباط من كل من تقدموا إليها، وقررت التفرغ بشكل كامل للفن.
وكان من بين الذين أحبوا شادية فى بداية حياتها الفنية الفنان محمد فوزى، الذي تعاون معها فى أول بطولة لها بفيلم "العقل في إجازة"، وكان عمرها سبعة عشر عامًا، وقرر فوزى أن يتقدم لطلب يدها من والدها الذي رفض الفكرة بشدة لأنه رجل متزوج، بحسب ما نشرت مجلة "الكواكب" عام 1977، وبعد أن ثار الأب أصر على توقف التصوير وعدم استكمال ابنته للفيلم إلا بعد أن تعهد المخرج حلمي رفله، بأن يصرف فوزي النظرعن الفكرة تمامًا.
بينما كانت أول زيجات شادية من الفنان الكبير عماد حمدى الذى كان متزوجا قبلها من الفنانة فتحية شريف وأنجب منها ابنه نادر، وتعرف على شادية خلال قطار الرحمة الذى شارك فيه الفنانين لجمع التبرعات عام 1953، ورغم فارق السن الكبير بينهما إلا أن شادية وافقت على الزواج وشعرت بالحب تجاه عماد حمدى، ولكن علاقتهما سادها الكثير من المشكلات بسبب غيرته الشديدة حتى وقع الطلاق بينهما بعد 3 سنوات، ولكن بقيت علاقة الاحترام والود، بل شاركت شادية عماد حمدى فى عدد من الأعمال بعد طلاقهما.
وبالرغم من أن شادية كانت قد اتخذت قرارا بعدم الزواج من أى فنان بعد طلاقهما من عماد حمدى إلا أنه جمعتها قصة حب بالفنان صلاح ذو الفقار أثناء تصويرهما فيلم «أغلى من حياتي» عام 1965، وتوّجا قصة حبهما بالزواج بعد هذا الفيلم، وعاشا حياة سعيدة، وتشاركا معا بطولة عدد من أنجح الأفلام في مشواريهما، منها: عفريت مراتي، ومراتي مديرعام، وكرامة زوجتي، وغيرها، ولكن أيضاً لم تستمر الحياة الزوجية بينهما، وبعدها قررت شادية عدم الزواج.
وفى كل علاقاتها كانت شادية نموذجاً للأخلاق والود والعطف الشديد حتى أنها قدمت نموذجاً فريداً لزوجة الأب، وهو ما كشفه نادر عماد حمدى فى حوار لليوم السابع ، تحدث خلاله عن صفات شادية "مرات الأب" ، وكيف تعاملت مع ابن زوجها سواء أثناء زواجها من الفنان عماد حمدى أو بعد طلاقها منه وحتى بعد وفاته.
وقال نادر عماد حمدى: «والدي تزوج والدتي عام 1945 وأنجبني بعد 3 سنوات من الزواج الذي استمر حتى عام 1953، وفي هذا العام أثناء مشاركة أبى في قطار الرحمة، تعرف على الفنانة شادية وتزوجها، ورفضت والدتي الاستمرار معه، فطلبت الطلاق وانفصلا وعمري 4 سنوات».
وتابع: «كانت ماما شادية إنسانة راقية وحنونة، وعاملتنى معاملة طيبة وكأنها أمى وكانت تحنو علي عندما كنت أزور أبي في طفولتي أثناء فترة زواجهما ».
يشير نادر عماد حمدي إلى أن التعاون الفني بين والده وشادية توقف لفترة بعد الانفصال، ولكنهما عادا ليعملا معا بعد فترة، وبالفعل عملا معا فيما يقرب من 16 فيلماً بعد طلاقهما».
وعن علاقته بشادية بعد طلاق والده منها، قال نادر عماد حمدي: «كان والدي يشاركها بطولة فيلم عن السد العالي وكان التصوير في أسوان، وكنت في السنة الأولى بمعهد سينما وذهبت مع والدي، وقابلت «ماما شادية» وكانت وقتها متزوجة من صلاح ذو الفقار، وذهبت لأسلم عليها، فسألها والدى:«تعرفي ده مين؟»، وعندما عرفتني احتضتنى بشدة وفرحت لرؤيتي».
وأضاف: «أول ما شافتني قالتلى تعالى نكلم ماما، أنا متوقعة منها أي حاجة ولو شتمتنى مش هزعل»، وبالفعل تحدثت مع أمي، وقالت لها سامحيني، ووالدتى قدرت هذه المكالمة جدًا واستمرت علاقة الصداقة بينهما منذ سنة 68 حتى توفيت والدتى سنة 83"
وتابع: «كانت ماما شادية تزورنا في البيت وتدعونا في بيتها، وتصنع لها أمي الطعام الذي تحبه، وكانت تقولى لي دائمًا اعتبرني ماما ولو احتجت أى حاجة كلمنى "
وبحب جارف يكمل ابن الفنان عماد حمدى حديثه عن شادية "مرات الأب"، قائلا: فعلاً وقفت إلى جواري في كل أزماتي وأدين لها بالفضل طوال حياتى، كنت أشكو لها عندما أغضب من والدى أو أريد منه شيئا وكانت تكلمه، وكان والدى يحترم كلمتها وينفذ ما تطلبه».
تبدو الدموع فى عينيه وهو يتذكر حنانها :«ماما شادية كانت شيلاني لمدة 20 سنة من الألف للياء، وقفت إلى جوارى في أزماتى الصحية وعندما أجريت عملية القلب مرتين، وعندما مرضت زوجتي بالسرطان، وبعد وفاة زوجتي كانت تزورنا وتصطحب أبنائي معها وتشترى لهم ملابس وهدايا، ولولاها لم أكن أستطيع استكمال حياتى».
وأضاف: « أبويا لم يترك لى شيئًا لكن ماما شادية كانت أبويا وأمى ، وكانت أحن من أبويا عليا وعملتلى اللى أبويا ماعملهوش»، وكانت تقول لي دائمًا: «انت ابني وماتترددش فى الاتصال بيا فى أى وقت، وكانت تعرفني من نبرة صوتي، وبمجرد أن أتحدث معها تعرف أنني أعاني من أزمة، ولا تهدأ إلا بعد أن تساهم في حلها، وظلت علاقتي بها حتى آخر يوم في حياتها».
ورغم النجاح والشهرة والجمال، كانت محبوبة الجماهير تشعر بالقلق، فارق النوم عينيها، كانت تقوم ليلا باكية، هناك شىء غامض يؤرقها، خاصة بعد وفاة شقيقيها محمد وطاهر.
شعرت شادية بالرغبة فى زيارة بيت الله الحرام، فذهبت للعمرة، وهناك قابلت الشيخ الشعراوى صدفة على باب المصعد وفرحت لرؤيته وطلبت منه أن يدعو لها، بعدها ذهبت لإجراء جراحة بأمريكا، وقضت معظم وقتها خلال هذه الرحلة فى قراءة القرآن والصلاة، فشعرت بالراحة التى تنشدها.
عادت شادية من رحلتها وقد قررت ألا تغنى إلا الأغانى الدينية وبالفعل اتفقت مع الشاعرة علية الجعار على عدد من الأغنيات، وكان من بينها أغنية «خد بإيدى» التى غنتها فى آخر ظهور لها عام ١٩٨٦، وارتعشت وبكت وهى ترددها بكل جوارحها.
وبعد هذه الأغنية فشلت كل محاولات شادية لحفظ أى أغان، حتى الأغانى الدينية التى اتفقت عليها، وهنا ذهبت لاستشارة الشيخ الشعراوى، وأخبرته بأنها لم تعد لديها رغبة فى الغناء وفقدت قدرتها على الحفظ وأنها وعدت الجمهور بغناء الأغانى الدينية، ولكنها لا تستطيع الوفاء بهذا الوعد، فأجابها إمام الدعاة بأن الوفاء بوعدها لله أولى من الوفاء بوعدها للناس، فخرجت النجمة وقد قررت الاعتزال وعدم الظهور نهائيا، ورغم ذلك لم تحرم شادية الفن ولم تتبرأ من أعمالها، وعاشت متصالحة مع نفسها وتاريخها، مؤكدة سعادتها بما قدمته فى كل مرحلة من مراحل حياتها.
وبعدما قررت حبيبة الملايين الفنانة شادية الاعتزال، أفتاها بعض الشيوخ بأن عليها أن تتخلص من كل الأموال التى جمعتها خلال فترة عملها بالفن، وقالوا لها إن هذه الأموال حرام، فتوجهت شادية إلى الشيخ الشعراوى لتسأله عن حكم هذه الأموال وكيف تتصرف فيها, وعن هذه الواقعة قال محمد عبد الرحيم حفيد الشيخ الشعراوى فى حوار اليوم السابع إن علاقة شادية بجده بدأت عندما كانت فى رحلة لأداء العمرة، وقابلت إمام الدعاة على باب المصعد صدفة وطلبت منه الدعاء لها.
وأوضح حفيد الشعراوى فى حديثه معنا أن شادية زارت جده بعد هذا اللقاء، وأخبرته بأنها قررت ألا تغنى إلا الأغانى الدينية ، وبعدها عادت لتخبره بأنها لم تعد قادرة على حفظ أى أغانى ، وأنها قررت الاعتزال والابتعاد عن الأضواء نهائيا.
وأكد محمد عبد الرحيم الشعراوى أن بعض المشايخ المتشددين أفتوا شادية بأن الأموال التى جمعتها من الفن حرام وأن عليها أن تتخلص منها .
وأوضح أن إمام الدعاة أفتاها بأن تحتفظ بما يضمن لها حياة كريمة ومستوى لائق طوال حياتها، وأن تحتفظ بمن يعملون لديها ويخدمونها وأن تتبرع بما يزيد عن ذلك، مؤكدا أن جده لم يحرم الفن وكان يرى أن حلاله حلال وحرامه حرام.
وتحدثت معبودة الجماهير عن تجربتها فى ندوة بجمعية مصطفى محمود الخيرية وبحضوره والفنان محمد عبدالوهاب بعد ارتدائها للحجاب، فقالت: الحمد لله نجحت فى شغلى وأديت رسالتى، فالفن رسالة وعمل كبير وموهبة خلقها الله فى الإنسان المهم إزاى الإنسان يستغلها».
وأضافت: «بيتنا متدين واتربينا وإحنا صغيرين على الصلاة، لكن أيام الشغل كنت بانشغل باللبس والماكياج علشان عاوزة أنجح، ولأن ربنا بيحبنى وصلت لمرحلة شعرت فيها بالقلق، وعدم الراحة أوالسعادة فى الشغل».
اختارت محبوبة الجماهير طريقا آخر، هو معية الله وعدم الانشغال عنه بأى شىء، تضاعفت أعمالها الخيرية التى لم تعلن أو تتحدث عنها مطلقا، فكما كانت النجمة نهرا فى العطاء الفنى، أصبحت نهرا لأعمال الخير والعطاء الإنسانى، عاشت عشرات البيوت على رواتب شهرية خصصتها للفقراء والطلبة الغير قادرين، وقفت إلى جوار الفنانين الذين غدرت بهم الحياة، وخاصة فنانى الصف الثانى.
هدمت فيلتها بالهرم وأقامت مكانها مجمعا خيريا يضم مسجدا ودار أيتام ودار تحفيظ قرآن، ومستوصفا خيريا، كما تبرعت بشقة بشارع جامعة الدول العربية لجمعية مصطفى محمود لإنشاء مركز لعلاج الأورام.
رفضت شادية حضور أى تكريم أو مناسبات اجتماعية أو التواصل مع الإعلام، حتى إنها رفضت قراءة أدعية فى شهر رمضان خوفا من أن يشغلها شىء عما قررت ألا تنشغل عنه.
وكان ردها الدائم: «أعوض دينا عندما استغرقتنى الأيام والدنيا فأنستنى واجبات المحبة.. فكان لابد من جرعة مكثفة من التأمل والعبادة والقراءة والمعرفة».
جمعت شادية بين حب الخلق والخالق وعاشت بعد اعتزالها مع القرآن، واكتفت بمعية الله، وكانت ترد على أى محاولة لشغلها عن هذه الحياة التى اختارتها لنفسها قائلة: «أنا اديت سنين كتير من عمرى للفن والإعلام وزهقت من الزحام، سيبونى مع الله، لا أجد سعادة إلا فى قراءة القرآن».
وعاشت محبوبة الجماهير الفترة الأخيرة من حياتها مع أبناء شقيقها حتى رحيلها.
وبعد اعتزال شادية ردد البعض أن الفنانة المعتزلة شمس البارودى التى كانت أولى الفنانات اللاتى اتخذن قرار اعتزال الفن وذلك عام 1982 وراء قرار الفنانة الكبيرة وأنها شجعت عدداً من الفنانات على هذه الخطوة.
وفى تصريحات خاصة لليوم السابع كشفت شمس البارودى تفاصيل علاقتها بالفنانة الكبيرة شادية وحقيقة كونها وراء قرارها بالاعتزال.
وقالت شمس البارودى لليوم السابع: «لم أبادر بدعوة أى فنانة للحجاب أو الاعتزال، ولكن كان عدد منهن يتواصلن معى عندما فكرن فى هذه الخطوة، وكانت أولهن الفنانة الراحلة شادية التى اعتزلت بعدى بسنوات».
وأوضحت البارودى قائلة: «لم تجمعنى بالحبيبة شادية أى أعمال فنية ولم أقابلها فترة عملى بالفن، وبعد اعتزالى لم أكن أتواصل مع أحد من الوسط الفنى، وفوجئت فى أحد الأيام بابنى عمر ينادينى قائلا: «واحدة اسمها شادية عاوزاكى على التليفون».
وأضافت: «لأول مرة أشعر بمدى جمال صوتها حين قالت لى السلام عليكم ورحمة الله يا أختى فى الله، ولم أكن أتخيل أن تكون الفنانة شادية هى من تحدثنى، وقالت لى إنها ذهبت للشيخ الشعراوى، وقالت له عاهدت نفسى ألا أغنى إلا الأغانى الدينية، فقال لها: عاهدى الله وكلمى أختك شمس»
وتابعت البارودى قائلة: «بعدها جمعنى بشادية أكثر من لقاء، فزارتنى فى بيتى مرتين، وذهبت لها فى بيتها بالجيزة وقبل أن تنتقل للإقامة مع أبناء شقيقها أكثر من مرة، وكنا نجتمع أنا وهى والشاعرة علية الجعار، وكانت تسألنى عن تجربتى فى الاعتزال وكيف تركت عالم الشهرة».
وعن تفاصيل هذه اللقاءات قالت: «كانت علية الجعار تقول أشعارا فى حب الله ورسوله، وكنا نقرأ القرآن ونختمه معا، ونتحدث فى الدين، وكانت الحاجة شادية تسأل عن كل صغيرة وكبيرة حتى تتقرب إلى الله، كما كانت تقص علينا رؤى جميلة تراها فى المنام، ونشأت بينى وبينها علاقة قوية ووقفت إلى جوارى بعد وفاة أمى»