وجهت وزارة الداخلية ضربات أمنية موجعة لعصابات منظمة تستغل رغبة المواطنين في أداء مناسك الحج والعمرة، مستغلة موسم السفر إلى الأراضي المقدسة لتسويق عروض وهمية، والاحتيال على المواطنين من خلال استيلاء هذه العصابات على أموالهم مقابل رحلات سياحية وهمية أو غير قانونية.
وقالت وزارة الداخلية إن الأجهزة المختصة رصدت خلال الأيام الماضية إعلانات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي لشركات وأفراد يدعون تنظيم رحلات حج وعمرة وبرامج سياحية متنوعة، مستهدفين المواطنين الراغبين في أداء المناسك. وأكد البيان أن هذه الحملات تأتي ضمن الجهود المكثفة لمكافحة جرائم النصب والاحتيال وحماية أموال المواطنين، وضبط المخالفين الذين يستغلون الموسم الديني لتحقيق مكاسب غير مشروعة.
ضبط 18 شركة وهمية
وأضافت أن الوزارة اتخذت إجراءات قانونية صارمة ضد عدد من الشركات والمكاتب التي تعمل في مجال السياحة دون ترخيص، مؤكدة أن الهدف هو منع قيام القائمين عليها بالنصب والاحتيال على المواطنين تحت زعم تنظيم رحلات حج وعمرة، أو برامج سياحية أخرى. وأسفرت الحملات خلال أسبوع واحد فقط عن ضبط 18 شركة تعمل بشكل غير قانوني، حيث تم إغلاقها ومصادرة مستنداتها والتحفظ على ما يلزم لإحالتها للنيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية.
وحذرت وزارة الداخلية المواطنين من التعامل مع أي شركة سياحية غير حاصلة على تراخيص رسمية، مؤكدة أن التعامل مع مثل هذه الجهات يعرضهم لمخاطر النصب والاحتيال، لا سيما في موسم الحج والعمرة الذي يشهد طلباً كبيراً على الرحلات.
وشددت الوزارة على ضرورة التأكد من تسجيل الشركات لدى وزارة السياحة والتأكد من صلاحية التراخيص قبل الدفع أو توقيع أي عقود.
نصائح أمنية
وأشاد خبراء أمنيون بجهود وزارة الداخلية في التصدي لهذه الجرائم، خاصة تلك التي تتم عبر وسائل التواصل الاجتماعي باسم الرحلات المقدسة.
وقال اللواء خالد يحيى، الخبير الأمني، في تصريحات خاصة لجريدة اليوم السابع، إن وزارة الداخلية تتعامل مع هذا النوع من الجرائم باحترافية شديدة من خلال الرصد والفحص الميداني والتحقيقات الرقمية، مع الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة وأنظمة المراقبة الإلكترونية لمتابعة الإعلانات الوهمية وملاحقة مرتكبيها.
وأضاف اللواء يحيى أن الحملات الأمنية الأخيرة أثبتت قدرة الوزارة على تحقيق أعلى معدلات ضبط، سواء على مستوى الأفراد أو الشركات، مؤكدًا أن تدخل الأجهزة الأمنية يتم بسرعة وحزم لمنع وقوع أي خسائر للمواطنين.
وأوضح أن الوزارة لا تكتفي بضبط المخالفين، بل تتبعهم قضائياً لضمان عدم تكرار نشاطهم الإجرامي، بما يعزز من الثقة لدى الجمهور ويضمن حماية أموال المواطنين.
من جانبه، قال اللواء خالد الشاذلي، الخبير الأمني، إن وزارة الداخلية تحافظ على أموال المواطنين من أي نصابين ومحتالين، مؤكداً أن ملاحقة الجرائم لا تقتصر على النصب عبر الإنترنت فقط، بل تشمل جميع أشكال الاحتيال في قطاع السياحة الدينية، مع فرض أقصى العقوبات القانونية على المخالفين.
وحذر الشاذلي المواطنين من التعامل مع أي عروض مشبوهة، مؤكدًا أن التعاطي مع مثل هذه الإعلانات يعرضهم لخطر فقدان أموالهم دون أي حقوق قانونية يمكن استردادها.
بدوره، شدد الخبير السياحي محمد الطارق على ضرورة التعامل فقط مع الشركات السياحية الرسمية المعتمدة لدى وزارة السياحة، والتحقق من تسجيلها والترخيص القانوني قبل أي حجز أو دفع مالي، مشيرًا إلى أن البعض يستغل موسم الحج والعمرة للنصب على المواطنين، خاصة في ظل الإقبال الكبير على هذه الرحلات الدينية ورغبة الكثيرين في أداء المناسك.
وأضاف أن الحملات التوعوية التي تنفذها وزارة الداخلية ووزارة السياحة تساعد على الحد من مثل هذه المخاطر، وتشجع المواطنين على التحقق من الجهات الرسمية قبل أي تعامل مالي.
وأوضح الطارق أن الإعلانات الوهمية غالبًا ما تأتي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يتم الترويج لرحلات مزيفة بأسعار مغرية لجذب أكبر عدد من المواطنين، ومن ثم استيلاء القائمين عليها على أموالهم قبل أن يكتشف الضحايا أنهم وقعوا ضحية عملية نصب واحتيال.
وأكد أن التدقيق في بيانات الشركات والسجلات الرسمية يعد العامل الأهم لتجنب الوقوع في مثل هذه العمليات الاحتيالية، مشيرًا إلى أن أي تعامل مع شركات غير مرخصة قد يؤدي إلى خسارة الأموال دون إمكانية استردادها.
من الناحية القانونية، يقول الخبير القانوني علي الطباخ: يخضع المخالفون لعقوبات صارمة بموجب قانون العقوبات المصري، حيث يعاقب كل من يقوم بالنصب والاحتيال على المواطنين بالسجن وغرامة مالية، وتضاعف العقوبة إذا استغل الجاني الظروف الدينية للمواطنين لتحقيق مكاسب غير مشروعة.
كما تنص القوانين على معاقبة أي شخص أو جهة تعمل بدون ترخيص في مجال السياحة، أو تعرض المواطنين لخطر مالي أو صحي، بما في ذلك الإغلاق الفوري للشركة والتحفظ على أموالها ومصادرة المستندات. وتشدد الإجراءات القانونية أيضًا على ملاحقة المسؤولين عن إدارة صفحات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، وتقديمهم للعدالة لضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم.
وأكدت وزارة الداخلية أن هذه الحملات جزء من استراتيجية شاملة لحماية المواطنين من كل أشكال النصب والاحتيال، مع التعاون الكامل بين الإدارات الأمنية ووزارة السياحة، بالإضافة إلى استخدام أحدث التقنيات الرقمية لمراقبة الشبكة العنكبوتية وتتبع المخالفين. وأوضحت أن الحملات لا تقتصر على العاصمة فقط، بل تشمل جميع محافظات الجمهورية لضمان الوصول إلى أكبر عدد من المخالفين ومنعهم من استغلال الموسم الديني.
في الوقت نفسه، دعت الوزارة المواطنين إلى توخي الحذر، وعدم الانسياق وراء الإعلانات المغرية على مواقع التواصل الاجتماعي، والتحقق دائمًا من التراخيص الرسمية للشركات، مع الإبلاغ عن أي محاولات نصب أو احتيال.
وأكدت أن أي مخالفة يتم رصدها يتم التعامل معها بسرعة وحزم، بما يحمي حقوق المواطنين ويضمن استمرار موسم الحج والعمرة بأمان وسلاسة.
ويأتي هذا التحرك الأمني في إطار الجهود المستمرة لوزارة الداخلية لحماية المواطنين، وضمان سلامتهم المالية والقانونية أثناء التعامل مع الشركات السياحية، خاصة خلال المواسم الدينية التي تشهد ارتفاعًا في الطلب على السفر والرحلات.
كما يعكس حرص الوزارة على مواجهة الجرائم الحديثة التي تستخدم التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي للوصول إلى ضحاياها.
وتؤكد الوزارة استمرار حملاتها الأمنية على مستوى الجمهورية لضبط أي محاولة احتيال أو استغلال المواطنين، مع التشديد على ملاحقة كل من يخرق القانون وتقديمه للعدالة، بما يعزز الثقة في الإجراءات الأمنية ويساهم في حماية المواطنين من جميع أشكال الجرائم.