اعتبر خبراء وسياسيون أن الفضيحة التي جاءت في صحيفة "إكسبريسن" السويدية بشأن اختفاء أكثر من مليار كرونة من أموال الضرائب المخصصة للتعليم داخل شبكة مدارس وروضات مرتبطة بجماعة الإخوان، بعدما ترك المسؤولون وراءهم ديونًا ضريبية ومغادرتهم البلاد بشكل جماعي، يمثل دليلاً جديدًا على اتساع نطاق الفساد المالي المشبوه للتنظيم، وتورطه في أنشطة احتيال عابرة للحدود تحت غطاء ديني وخيري.
وتعيد هذه القضية فتح ملف التمويلات المشبوهة للجماعة واستغلالها للشعارات الدينية كمظلة لعمليات غسيل أموال وتربح غير مشروع، في وقت تتصاعد فيه الدعوات الأوروبية والدولية لحظر ذلك التنظيم وإخضاع أنشطته لرقابة صارمة.
وأوضحت الصحيفة، أن الأموال المفقودة كانت جزءًا من دعم ضريبي مُخصص للتعليم، وقد تم توجيهها إلى مدارس وروضات ضمن شبكة مرتبطة بروابط قرابة وصفقات مشبوهة، مع وجود شبهات بجرائم في نظام الرفاه الاجتماعي.
هشام النجار: الإخوان تعتمد على تسييس الدين والشعارات الزائفة لتمويل قياداتها
وأشار هشام النجار، الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية، إلى أن جماعة الإخوان قائمة منذ تأسيسها على ركنين أساسيين؛ أولهما تسييس الدين وتوظيفه عبر تحريف النصوص وتأويلها بالباطل والاعتماد على روايات مزورة لخدمة مصالح التنظيم وتحقيق أهدافه السياسية.
وأضاف النجار في تصريح لـ"اليوم السابع " أن الركن الثاني يتمثل في استخدام الشعارات الدينية المزيفة والمجتزأة، ورفع قضايا كبرى تزعم الجماعة الدفاع عنها مثل “إقامة الخلافة” و“تطبيق الشريعة” و“نصرة القدس وتحرير الأقصى وهزيمة إسرائيل”، وذلك بهدف جمع الأموال وملء خزائن التنظيم عبر التبرعات والاستيلاء على ما يتم تحصيله من أموال ضخمة من جهات عدة ومن مواطنين ورجال أعمال.
وأوضح الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية أن هذه الأموال يتم ضخها داخل التنظيم ليستولي عليها المنتفعون داخل الجماعة، مشيرًا إلى أن هذا النهج ليس جديدًا، بل هو ممارسة ثابتة منذ عهد حسن البنا وحتى اليوم.
ولفت النجار إلى أن شهادات ومذكرات عدد من قادة الإخوان السابقين كشفت بوضوح كيف جرى الاستيلاء على تبرعات تم جمعها لصالح غزة وغيرها، قبل أن تستقر في أيدي قيادات الجماعة والمنتفعين داخلها، في سياق منظومة فساد مالي راسخة تُدار تحت ستار الدين والشعارات الزائفة.
أستاذ قانون دولي: فضائح الإخوان في السويد تكشف نمط إجرامي منظم يستوجب المحاسبة
ويؤكد الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، أن الفضائح المالية المتكررة لجماعة الإخوان في السويد وتركيا وغيرها تكشف نمطا ثابتا من استغلال الدين لتحقيق مكاسب مالية غير مشروعة يستوجب محاسبة قانونية صارمة على المستويين الوطني والدولي.
وأوضح في تصريح لـ اليوم السابع، أن الكشف عن اختفاء أكثر من مليار كرونة من أموال الضرائب المخصصة للتعليم في السويد عبر شبكة مدارس ترتبط بالجماعة يمثل فضيحة بكل المقاييس، لافتا إلى أن تحويل ملايين الكرونات لتركيا ومالطا ومصر وإصدار فواتير وهمية والهروب الجماعي فور بدء التحقيقات يؤكد وجود شبكة منظمة لغسيل الأموال والاحتيال المالي.
وأكد أن هذا النمط ليس جديدا بل يتكرر في دول متعددة، مشيرا إلى فضيحة تبرعات غزة في تركيا التي تجاوزت مليار دولار والخلافات التي نشبت بين عناصر الجماعة حول توزيعها، لافتا إلى أن الجماعة تستغل الشعارات الدينية والقضايا الإنسانية لجمع الأموال ثم تستخدمها لأغراض أخرى بعيدة عن الغرض المعلن.
وأكد مهران انه من منظور القانون الدولي فإن هذه الأفعال تشكل جرائم مالية منظمة عابرة للحدود، موضحا أن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية تجرم غسيل الأموال والاحتيال المالي المنظم عبر الحدود وتلزم الدول بالتعاون الدولي لمكافحة هذه الجرائم.
ونوه إلى أن تحويل الأموال المشبوهة عبر دول متعددة يتطلب تعاونا دوليا وثيقا بين أجهزة إنفاذ القانون، مؤكدا أن السويد ومصر وتركيا ومالطا يجب أن تتعاون لتتبع هذه الأموال واسترجاعها ومحاسبة المسؤولين عنها.
كما أشار إلى أن الهروب الجماعي للمسؤولين فور بدء التحقيقات يثبت الوعي بالجريمة، مؤكدا أن هذا السلوك يؤكد علم الفاعلين بعدم مشروعية أفعالهم وسعيهم للإفلات من العدالة مما يشدد المسؤولية الجنائية، داعيا السلطات السويدية لمحاسبة صارمة وشفافة لجميع المتورطين، ومؤكدا ضرورة استرداد الأموال المنهوبة ومحاكمة المسؤولين وإغلاق جميع المؤسسات المشبوهة ومنع استغلال النظام التعليمي لأغراض مالية أو أيديولوجية.
كما دعا الدكتور مهران الدول الأوروبية لمراجعة شاملة لأنشطة الجماعة المالية موضحا أن ما كُشف في السويد قد يكون غيضا من فيض وأن دولا أوروبية أخرى قد تشهد فضائح مشابهة إذا تم التدقيق في المؤسسات المرتبطة بالجماعة، لافتا إلى أن هذه الفضائح تسيء للجاليات المسلمة في أوروبا.هذا وأكد أستاذ القانون الدولي أن غالبية المسلمين في الغرب مواطنون ملتزمون بالقانون وأن استغلال الدين من قبل جماعات منظمة للاحتيال يشوه صورة الإسلام والمسلمين، مشدداً على أن العدالة يجب أن تأخذ مجراها دون اعتبارات سياسية أو أيديولوجية مؤكدا أن القانون فوق الجميع وأن استغلال الدين للإثراء غير المشروع جريمة يجب محاسبة مرتكبيها بكل حزم.
حزب الوعي: الجماعة الإرهابية تنتهج توظيف الدين لتحقيق مكاسب شخصية
فيما قال المهندس حسام علي، نائب رئيس حزب الوعي، إن جماعة الإخوان والتنظيمات الإسلامية دائما ما تعمل على توظيف الدين لتحقيق مصالح ومكاسب شخصية تتجاوز الهدف الديني الظاهر، مشيرًا إلى أن هذه الجماعات غالبًا ما تنشغل بالعمل السياسي لتحقيق أهداف مالية وسياسية.
وأضاف علي في تصريح لـ"اليوم السابع" ردا على ما كشفه تحقيق موسع أجرته صحيفة «إكسبريسن» السويدية، بشأن عمليات إغلاق المدارس والروضات التي ارتبطت بجماعة الإخوانوالتي لم تكن حالات منفصلة كما وُصفت في وسائل الإعلام، بل تقف وراءها شبكة واحدة متشابكةمارستا تحت غطاء دافع ديني أنشطة مشبوهة شملت جرائم في نظام الرفاه الاجتماعي، بمبالغ تُقدَّر بعشرات الملايين من الكرونات، أن تلك الجماعات تتلقى تمويلات دولية منذ نشأتها، كما أن بعض الدول الغربية كانت توفر لها الدعم.
وأشار إلى أن ذلك ما يجعلها أداة ضغط وخطر على الاستقرار الوطني والدولي، وبمثابة "خنجر" في ظهر الحركة الوطنية المصرية أو العربية أو أيا كانت الدولة التي تستهدفها.
وأوضح أن هناك الكثير من التجارب السابقة، خصوصًا في نهاية حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك وبداية أحداث يناير، والتي أظهرت حجم الأموال الهائل الذي وصل لهذه الجماعات سواء من مصادر خارجية أو رجال أعمال بالداخل، بهدف استغلال المشاعر الدينية لإثارة الصراعات الداخلية والإقليمية.
وأكد نائب رئيس حزب الوعي أن ذلك ليس الحادثة الأولى ولن يكون الأخير، فتمويل الجماعات هدفه استخدام المشاعر الدينية لتأجيج صراعات سواء داخلية أو إقليمية أو خارجية، داعيًا المجتمع الدولي إلى إدراك خطورة استغلال الدين في السياسة والعمل بشكل موحد لمواجهة تلك التحركات وحماية الأمن القومي.
مصر القومي : هروب الإخوان من السويد يؤكد صواب الرؤية المصرية في خطورة إيوائهم
ومن جانبه اعتبر حزب مصر القومي، أن تكرار هروب جماعة الإخوان الإرهابية من دولة إلى أخرى، وآخرها محاولات الفرار من السويد بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية التي يعيشها عناصرها هناك نتيجة تراكم الديون والضرائب، يعكس بوضوح طبيعة هذه الجماعة التي اعتادت على استغلال الأوطان لا الانتماء إليها.
وأوضح المستشار مايكل روفائيل، رئيس الحزب، في تصريحات صحفيه له، أن الإخوان لم يعرفوا يومًا مفهوم الدولة أو احترام مؤسساتها، بل جعلوا من الشعارات الدينية وسيلة لتحقيق مكاسب سياسية ومالية، في الوقت الذي يستخدمون فيه خطاب المظلومية كلما ضاقت عليهم السبل أو فُضحت ممارساتهم أمام الرأي العام.
ولفت روفائيل، أن ما يحدث اليوم في السويد ليس إلا حلقة جديدة في مسلسل طويل من الهروب الجماعي الذي اعتادت الجماعة تنفيذه كلما اكتشفت الدول التي تستضيف بعض عناصرها حقيقة أجنداتهم، وسعيهم لزعزعة الأمن الداخلي واستغلال مساحة الحرية لنشر خطاب الكراهية والتطرف.
وتابع: فمع فرض الضرائب والقيود المالية المشروعة، وجد عناصر الجماعة أنفسهم أمام واقع اقتصادي لا يمكنهم الالتفاف عليه، الأمر الذي دفعهم إلى محاولة المغادرة بحثًا عن بيئة جديدة تمكنهم من إعادة إنتاج نشاطهم الدعائي وجمع التمويلات تحت مظلة “الدين” و“العمل الخيري”، وهي الشعارات التي لم تجنِ منها الدول سوى الفوضى والانقسام.
وشدّد روفائيل، على أن التضييق المتزايد على عناصر الإخوان في مختلف الدول الأوروبية ليس أمرًا عابرًا، بل يُعد تتويجًا لتحذيرات مصرية متكررة على مدى سنوات، نبّهت خلالها القيادة السياسية والأجهزة المختصة من خطورة إيواء تلك الجماعات المتطرفة.
وأضاف أن مصر كانت من أوائل الدول التي كشفت طبيعة الإخوان الحقيقية، وقدمت للعالم أدلة دامغة على ارتباطهم بالتنظيمات الإرهابية وسجلهم الطويل في التحريض والعنف وإدارة شبكات التمويل المشبوهة.
واعتبر رئيس حزب مصر القومي، أن ما تشهده أوروبا اليوم من مراجعة شاملة لملف الإخوان يؤكد أن الرؤية المصرية كانت واضحة وصائبة، وأن التعاون الدولي في مواجهة الفكر المتطرف لم يعد خيارًا بل ضرورة لحماية المجتمعات من مخاطر التغلغل الإيديولوجي.