سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 21 نوفمبر 1967.. فؤاد الأطرش يكشف أسرار علاقة عائلته بأم كلثوم ويوم جلوس شقيقته أسمهان عند قدميها وبكائها وهى تسمع «سلوا كؤوس الطلا هل لامست فاها»

الجمعة، 21 نوفمبر 2025 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 21 نوفمبر 1967.. فؤاد الأطرش يكشف أسرار علاقة عائلته بأم كلثوم ويوم جلوس شقيقته أسمهان عند قدميها وبكائها وهى تسمع «سلوا كؤوس الطلا هل لامست فاها» فؤاد الأطرش

سعيد الشحات

تزوجت الفنانة أسمهان من ابن عمها حسن الأطرش عام 1934، وسافرت معه إلى جبل الدروز لتعيش هناك، وبعد ثلاثة أعوام أرسلت خطابا تقول فيه إنها تريد زيارة القاهرة، بشرط أن ترى سيدة الغناء العربى أم كلثوم، حسبما يذكر شقيقها فؤاد فى مقاله «عندما جلست أسمهان عند قدمىّ أم كلثوم»، بمجلة «الكواكب» فى عددها الخاص عن «أم كلثوم» رقم 851، والصادر فى 21 نوفمبر، مثل هذا اليوم، 1967.

يكشف فؤاد الأطرش فى مقاله أسرار علاقة أسرته بأم كلثوم منذ أن فرت أمه السيدة علياء المنذر، ومعها أطفالها «فؤاد وفريد وآمال (أسمهان)» من جبل الدروز إلى القاهرة عام 1923، أثناء اشتعال الثورة فى الجبل ضد الفرنسيين بقيادة سلطان باشا الأطرش.

يتذكر «فؤاد» أنهم رأوا صورة أم كلثوم على ملهى البوسفور عام 1923، وكانت تضع على رأسها عقالا مما يضعه الرجال عندهم فى الجبل، ويضيف: «استوقفنا المشهد فلما سألنا أمنا عنها، اتهمتنا بالجهل لأننا لا نعرف فنانة مصر الصاعدة»، ويقول: «بدأت اسمعها منذ ذلك الحين، وعشقت تواشيحها لأنه أشبه بغناء البادية الذى أحبه، ولكنها حين غنت «عينيه فيها الدموع»، و «إن كنت أسامح وأنسى الأسية»، أقامت الدنيا، لأن ملحنها محمد القصبجى اجترأ على تجاوز القوالب الموسيقية المعروفة فى ذلك الحين، والأسيرة للتواشيح والمواويل والأدوار إلى قوالب تتخذ شكلا غربيا تتضح فيه الكلمات فى الأغنية، كلمة كلمة، فضلا عما فى الموسيقى من جديد تعشقه الأذن».

يذكر فؤاد الأطرش أنه سمع أغنيتى «عينيه فيها الدموع» و«إن كنت أسامح وأنسى الآسية» فى صوان غنت فيه أم كلثوم بحدائق القبة، ويقول: «ذهبت إليها مشيا على قدمىّ من المذبح الإنجليزى بحى الظاهر حيث كنا نسكن، وضربتنى أمى علقة لا أنساها لأننى عدت مع الفجر»، ويعلق: «كان اللون الذى قدمته أم كلثوم فى الأغنية المصرية صاروخا حملها إلى سماء الطرب لتتجلى بين الأصوات الراسخة فى الثلاثينيات من هذا القرن (القرن العشرين)، وما لبثت أن أصبحت أكبر الفنانات جميعا، واحتلت كل العروش بغير توقف، ولم تستطع فنانة جديدة أن تحقق تفوقا عليها لأن الفنانة الجديدة لن تنتصر إلا بالتجديد وأم كلثوم فى سعيها للتجديد تسبق كل جديد».

يذكر فؤاد الأطرش أنه أصبح صاحب مقعد فى الصف الأول فى كل حفلاتها، وأنه كان دائما أعلى الأصوات فى قولة الآه «آه يا ست، كمان والنبى»، ويكشف عما جرى منه فى إحدى الحفلات، قائلا: «ذهب أحمد الحفناوى عازف الكمان المعروف يشكونى إلى أخى فريد الأطرش لأننى كلما قفزت من مقعدى وقلت: أعد يا ست، فتعيد الست، وتطول الأغنية، وتتحطم أعصاب أحمد الحفناوى من طول العزف».

يعود فؤاد إلى قصة الخطاب الذى أرسلته أسمهان من جبل الدروز بقدومها إلى القاهرة بشرط زيارة أم كلثوم لهم فى بيتهم، ويؤكد: «كانت شغوفة بها عاشقة لصوتها، وما من مرة سمعتها تغنى وجمعهما مكان واحد إلا واختارت أسمهان أن تجلس عند قدميها حتى ينساب صوت الست أول ما ينساب إلى أذنيها».

يكشف: «ذهبت بالخطاب إلى أم كلثوم، فقالت: خليها تيجى، والله أوحشتنا»، ويضيف: «جاءت أم كلثوم وكنا جيرانها فى بيت الزمالك، وأمضت معنا ليلة من ليالى العمر التى قل أن يجود بمثلها الزمان، كنا أنا وفريد وأسمهان وزوجها حسن الأطرش ومحمد القصبجى، والدكتور عمر شوقى (أحد سميعة الصف الأول فى حفلات أم كلثوم وصديق عائلة الأطرش)، وعبده صالح عازف القانون وقائد فرقتها، وغنت أم كلثوم قصيدة «سلوا كؤوس الطلا هل لامست فاها»، (كلمات أمير الشعراء أحمد شوقى وتلحين رياض السنباطى)، فزحفت أسمهان إلى قدميها وجلست، وهى تردد الآه الإعجابية فنقولها معا وكأننا كورس، فما إن وصلت إلى البيت الذى تغنى فيه «حمامة الأيك من بالشجو طارحها / ومن وراء الدجى بالشوق ناداها»، حتى استبد بها الطرب فاستعدناها قل خمسين مرة حتى صاح القصبجى قائلا: «حرام عليك يا ست الكل إنت ذبحت تحت قدميك كل الحمام فى الحجرة».

يوضح فؤاد ما يقصده القصبجى، قائلا: «كان يقصد أسمهان لأنها استسلمت للبكاء من فرط التأثر»، ويضيف معلقا: «لأن أم كلثوم جارتنا ثلث قرن فأنا أعرفها، أعرفها السيدة الوقورة المترفعة عن كل صغيرة، أتحدى أن نجد لها صورة وفى يدها كأس شراب، أتحدى أن تكون لها جلسة لا تليق، إنما العظمة كلها فى كيف تختار الأصدقاء، وفى كيف تنتقى ما تقول، عمرى ما رأيتها تفتح شباكا وتطل منه، وعمرى ما سمعتها إلا ذاكرة فضل الله ونعم الله، ومستعينة بالله فى كل شىء، ولعل هذه الاستقامة وهذا الورع هما اللذان حفظا لها شبابها الدائم وجعلا من صوتها يزداد قوة وحلاوة وروعة عاما بعد عام، وعقدا من السنين بعد عقد».




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب