أكد الباحث المتخصص في الشأن الإقليمي محمد فوزي أن التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الأمريكي بشأن أن "اليوم التالي في غزة يجب أن يكون فلسطينيًا" تحمل ظاهرًا إيجابيًا، لكنها في جوهرها لا تعكس أي تغيير حقيقي في الموقف الأمريكي، موضحًا أن الولايات المتحدة اعتادت منذ بداية الحرب على إطلاق تصريحات إيجابية لا تتبعها بخطوات أو ضغوط لتنفيذها على أرض الواقع.
غزة بين وقف إطلاق النار واستمرار الانتهاكات
وأشار فوزي في مداخلة لبرنامج اليوم المذاع على قناة DMC إلى أن الوضع الميداني في قطاع غزة يشبه ما جرى في لبنان عقب اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، إذ وقّعت تل أبيب على اتفاق مشابه لكنها تواصل تنفيذ الغارات والطلعات الجوية بحجج مختلفة، مع رفضها الانسحاب من مناطق سيطرت عليها.
وأضاف أن المشكلة تكمن في غياب الضغوط الأمريكية الحقيقية على إسرائيل، بجانب عقلية اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يسعى إلى إفشال أي اتفاق أو تعطيل تنفيذه.
الضفة الغربية تحت سياسة “التهام الأراضي”
وحول التطورات في الضفة الغربية، أوضح الباحث أن إسرائيل تتبنى مسارين متوازيين، أولهما توسيع الاستيطان وتهجير الفلسطينيين، وثانيهما تكثيف العمليات العسكرية تحت ذريعة ملاحقة المسلحين.
وحذر فوزي من أن استمرار هذا النهج قد ينسف اتفاق وقف إطلاق النار الهش، ويفتح الباب أمام تصعيد جديد يمتد إلى غزة والداخل الفلسطيني.
الدستور الفلسطيني مرهون بالمصالحة الوطنية أولًا
وفي تعليقه على خطة إنشاء لجنة لصياغة دستور فلسطيني، شدد فوزي على أهمية الخطوة، لكنه رأى أن الأولوية يجب أن تُمنح لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني من الداخل عبر مصالحة وطنية شاملة، معتبرًا أن الانقسام الفلسطيني يُعدّ أخطر ما يهدد القضية. وأكد أن إسرائيل تستغل هذا الانقسام لتمرير مشاريعها ومنع قيام دولة فلسطينية مستقلة، داعيًا الفصائل إلى مراجعة مواقفها وإجراء إصلاحات في منظمة التحرير الفلسطينية.
الهلال الأحمر المصري في صدارة الدعم الإنساني لغزة
وفيما يخص الوضع الإنساني، وصف فوزي المشهد في قطاع غزة بأنه "الأسوأ في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي"، مشيرًا إلى الحاجة الملحة لتكثيف المساعدات الإنسانية.
وأشاد بالدور المصري، مؤكدًا أن دعم القاهرة للفلسطينيين يتجاوز حدود الإغاثة الإنسانية إلى رؤية استراتيجية تهدف إلى منع محاولات تهجير السكان وفرض حلول قسرية على حساب القضية الفلسطينية.