استمر الرئيس السادات 50 دقيقة في حديثه إلي حوالي 350 من ممثلي الصحافة العالمية في مصر، حسبما تذكر الأهرام عن وقائع المؤتمر في عددها يوم 1 نوفمبر، مثل هذا اليوم، 1973، وكان بعد 24 يوما من بداية حرب 6 أكتوبر علي الجبهتين المصرية والسورية ضد إسرائيل، وشرح السادات فيه أبعاد الموقف واحتمالاته المستقبلية، وقال أن بعد 11 يوما من الحرب لم يكن في قدرة إسرائيل الاستمرار لولا الامدادات الأمريكية، وأكد أن قوة الجيش الثالث في الغرب تستطيع أن تقتحم مواقع الإسرائيليين لتنهي وجودهم الهش هناك، وأشاد بموقف الاتحاد السوفيتي المساند لمصر.
كانت عملية "ثغرة الدفرسوار" مستمرة، وأخذت حيزا كبيرا في كلام السادات، وقلل من قيمتها العسكرية، قائلا: "عملية الثغرة – الدفرسوار- هم عملوها والهدف منها عملية نفسية سياسية أكثر منها عسكرية علشان ينسجوا عليها النسيج الضخم الكبير اللي في الخمس ست أيام اللي فاتت، ماننكرش إنه من ناحيتنا احنا كان فيه أخطاء، ولكن الهدف الأساسي من هذا كله عملية نفسية سياسية أكثر منها عسكرية."
وكشف السادات عن عرض بريطاني حمله الاتحاد السوفيتي يتعلق بمضيق باب المندب أثناء الحرب، قائلا: "من أربع أو خمس أيام صحوني من النوم الساعة 12، عشان استلم رسالة من بريجنيف سكرتير الحزب الشيوعي السوفيتي وصديقنا، والرسالة جايه من المستر "هيث" رئيس وزراء بريطانيا، وفحواها إنه انت محاصرنا في باب المندب والبحر الأحمر، سيب لنا دي، واحنا نسيب اللي وراء الجيش الثالث أو الجزء اللي في الشرق من الجيش الثالث، وعايزين تسليم الأسري والجرحي، واحنا نسيب ورا الجيش الثالث."
وفيما يكشف السادات القصة علي هذا النحو، كان لها قناة رئيسية أخري تكشف عنها الوثائق التي ينشرها الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل في كتابه "أكتوبر 73 – السلاح والسياسة"، مشيرا إلي أن الموضوع أثير في اجتماع إسماعيل فهمي وزير خارجية مصر مع كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي في واشنطن يوم 30 أكتوبر 1973، والذي استمر أربع ساعات علي انفراد، وبعث فهمي ببرقية عنه إلي السادات، قائلا، أن كيسنجر عرض مطالبه لفك إسرائيل "ثغرة الدفرسوار" فبعد أن تحدث عن تبادل الأسري، أضاف فجأة شرطا جديدا بأن طالب بموافقة السيد الرئيس (السادات) علي أن نفك من جانبنا الحصار في باب المندب بمجرد إتمام انسحاب إسرائيل إلي خطوط 22 أكتوبر 1973"، ورد فهمي، قائلا: "هذا الطلب جديد خصوصا وأن كيسنجر يعلم أنه ليس لدينا سلطة كاملة علي باب المندب، وإنما الموضوع في يد اليمنيين والروس."
يضيف فهمي، بأن كيسنجر رد بأنه لنا (مصر) 3 قطع حربية وغواصات، فعلق فهمي بأنه لو حتي صدرت الأوامر للقوات المصرية بعدم التعرض لناقلات البترول الإسرائيلية فهذا لن يغير من الوضع شيئا، يذكر فهمي بأن كيسنجر طلب منه أن تتحدث مصر في ذلك مع الروس واليمنيين.
وطلب فهمي تعليمات السادات في هذ الأمر قبل اجتماعه الثاني مع كيسنجر، وكان سيسبق اجتماعه مع الرئيس الأمريكي نيكسون بساعة، ونبه فهمي في رسالته: "من المحتمل أن يضغط الأمريكان علي الروس مباشرة من ورائنا ويوفقوا خوفا علي الوفاق، بالإضافة إلي أن ما ينقل إلي إسرائيل عن طريق باب المندب هو بترول يأتي من إيران"، رد السادات علي رسالة فهمي قائلا: "باب المندب يدخل في المرحلة التالية ولا بد أن تتشدد في ذلك."
تعامل السادات في مؤتمره الصحفي مع العرض الذي تلقاه من "هيث" فقط، دون إشارة إلي مفاوضات "كيسنجر وفهمي"، قائلا: "أنا رديت علي المستر هيث، وقلت له إنه نحترم الأول وقف إطلاق النار علي خط 22 أكتوبر، عندئذ أنا مستعد الجرحي والأسري نتبادلهم، أما باب المندب فنتكلم فيه لما نيجي نتكلم في خطوة الفصل بين القوات المتحاربة، ده إذا كنا عاوزين نتكلم في السلام، أما إذا كانت المسألة مسألة إنه سيب وأنا سيب، وكل واحد عاوز يحسن موقفه، أنا والله العسكريين عندي بيضغطوا عليِ وممكن يخلصوا هذا الموقف، وبعت للرئيس نيكسون والرئيس بريجنيف عن هذا، وقلت لهم إن الموقف لا يحتمل، ولا أستطيع أن أقف مكتوف الأيد."
يضيف السادات: "هل الهدف هو إننا نقعد نتكلم علي خط 22 أكتوبر، والأسري، وباب المندب، ونسيب لك ونمشي، والا احنا عاوزين السلام، إذا كان مطلوب السلام احنا عاوزين السلام، وأنا ضاغط وماسك العسكريين عندي بكل صعوبة لأنهم عايزين يصفوا هذا الموضوع وهذه المشكلة كلها، وتصفيتها سهلة، والإسرائيليين يعلموا هذا، يعلموا ان تصفيتها سهلة، وناقشوا الكلام ده عندهم، الإسرائيليين ناقشوه، وبالنص عشان أقول لهم وهم سامعيني قالوا لبعض أن موقفهم بنفس النص "هش"، وأهم سامعيني، العسكريين عندي بيطالبوني لكن أنا بأقول بلاش أكسر وقف إطلاق النار، بلاش مزيد من الحرب، عايزين بقي ننتبه إلي أننا نحل"