كشف تقرير نشرته مجلة "بوليتيكو" المختصة فى الشأن الأوروبى، اليوم الإثنين، أنه بينما لا تزال الرسوم الجمركية التى فرضها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تلقى بظلالها على صناعة الصلب البريطانية المتعثّرة، بدا جليًا أن إجراءات الحماية التجارية الجديدة التي يستعد الاتحاد الأوروبي لإطلاقها قد تكون أكثر ضررًا على هذا القطاع الحيوي.
وأوضح التقرير، وفقًا لمسودة اقتراح اطّلعت عليها "بوليتيكو"، أن الاتحاد الأوروبى يستعد للإعلان رسميًا غدًا الثلاثاء، عن خفض حصص استيراد الصلب الأجنبي بنحو النصف، مع فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الكميات التي تتجاوز الحدود المقررة.
وهذه الإجراءات تشكّل - حسبما أكد التقرير- ضربة قاسية للمصنّعين البريطانيين الذين يصدرون نصف إنتاجهم تقريبًا إلى أسواق الاتحاد الأوروبي التي تعد أكبر وجهة لصادرات الصلب البريطانية.
من جانبه، قال أحد مصدّري الصلب البريطانيين، طالبًا عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية المسألة تجاريًا: "بصفتنا دولة خارج الاتحاد الأوروبي، سنقلق من هذه الإجراءات أكثر من رسوم ترامب. فهذه السياسات الأوروبية ستؤثر علينا مباشرة، كما ستؤدي إلى تدفق صادرات أخرى نحو السوق البريطانية، مما يزيد الضغط على الأسعار المحلية".
من ناحيتها، عبّرت ليزا كولسون، الرئيسة التنفيذية للشؤون التجارية في شركة "بريتش ستيل" / British Steel/، عن قلقها العميق وقالت:" نحن قلقون للغاية من التقارير التي تشير إلى أن المفوضية الأوروبية تدرس خفضًا كبيرًا في حصص حماية الصلب. مثل هذه الخطوة قد تحرم المنتجين البريطانيين من أكبر أسواقهم التصديرية، في وقت يواجه فيه القطاع بالفعل رسومًا أمريكية بنسبة 25%".
ويُقدّر أن 1.9 مليون طن من أصل 4 ملايين طن من إنتاج الصلب السنوي في بريطانيا يُصدّر إلى الاتحاد الأوروبي، بينما لا تتجاوز الصادرات إلى الولايات المتحدة 200 ألف طن فقط.
ووصف مراقبون الوضع في أوساط الصناعة بأنه "حالة طوارئ اقتصادية"، إذ يخشى كثير من المصنعين أن تتحول الإجراءات الأوروبية الجديدة إلى ضربة مزدوجة تقوّض القدرة التنافسية البريطانية وتسرّع من تراجع صناعة الصلب الوطنية.
وقالت كارمن سواريز، الرئيسة التنفيذية المشاركة لهيئة التدابير التجارية البريطانية، إن "ما سيفعله الاتحاد الأوروبي في مجال الصلب بالغ الأهمية"، مضيفةً أن المقترح "سيحظى بمتابعة واسعة من قِبَل الكثيرين ممن يُولون اهتمامًا بالغًا" لصناعة الصلب البريطانية ووزارة الأعمال والتجارة.
وكشفت "بوليتيكو" أن مقترحات الاتحاد الأوروبي تهدد بتأثيرٍ مُدمر على صناعة الصلب البريطانية. فإلى جانب رسوم ترامب الجمركية، تأثر القطاع سلبًا بحالات الإفلاس وانهيار شركة الصلب البريطانية هذا العام، مما استلزم من الحكومة فرض سيطرة طارئة على عملياتها.
كما تُهدد خطوة الاتحاد الأوروبي بعرقلة جهود لندن وبروكسل لإصلاح العلاقات بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي في الأشهر الأخيرة، حتى أن مسئولًا بريطانيًا صرح بأن بروكسل لم تُخاطب الحكومة البريطانية بعد بشأن هذه القضية.
بدوره، قال ماروش شيفتشوفيتش، مفوض التجارة بالاتحاد الأوروبي، في وقتٍ سابق من هذا الشهر:" سنعتمد بحلول منتصف أكتوبر إجراءً قويًا للغاية لحماية التجارة". ومع ذلك، لا يزال من الممكن تخفيف هذه الإجراءات عند إقرارها من قبل المجلس الأوروبي والبرلمان قبل تطبيقها العام المقبل.
وأكد دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي:" أنه في ظل السياق الحالي الذي تفرض فيه الولايات المتحدة تعريفات جمركية جديدة، يبدو من الضروري بشكل متزايد اعتماد آلية حماية جديدة، وهو ما طالبت به بشدة صناعة الصلب الأوروبية".
وأضاف ماتياس يورجنسن، رئيس قسم شئون التجارة مع الولايات المتحدة وكندا في المفوضية الأوروبية، خلال مؤتمر "أوروبا التنافسية" الذي نظمته "بوليتيكو" في بروكسل يوم الخميس الماضي:" سنسعى، بالتعاون مع الولايات المتحدة، إلى حماية إنتاجنا من الصلب". وأكد:" أنه بالتالي، آمل أن نتمكن من تحقيق تطبيع تجارة الصلب عبر الأطلسي والتخلص من التعريفات الجمركية الأمريكية"، مشيرًا إلى "ضرورة اتخاذ إجراءات لمعالجة مشكلة فائض الطاقة الإنتاجية من الصين".
مع ذلك، قال أحدُ المسئولين في صناعة الصلب البريطانية إن اقتراح الاتحاد الأوروبي "سيُقلّص أكبر أسواقنا إلى النصف"، واصفًا إياه بإحدى "أكبر الكوارث" التي حلّت بصناعة الصلب البريطانية على الإطلاق.