قصة الإنجليزي لوري كانينجهام لاعب ريال مدريد في فترة الثمانينيات مليئة بالدراما، فهو دخل التاريخ من أوسع أبوابه، لا ببطولاته أو أرقامه، بل بالتصفيق الذي دوى له في "كامب نو" من جماهير برشلونة نفسها.
كانينجهام الجناح الطائر في تاريخ ريال مدريد
لوري كانينجهام الجناح الطائر الذي أذهل الإسبان وكسر حاجز الكراهية يوما ما بين ريال مدريد وبرشلونة، لكنه تحول من رمز للأمل إلى مأساة كروية خالدة، بحسب تقرير مطول نشرته شبكة givemesport.
لوري كانينجهام أول إنجليزي يرتدي قميص ريال مدريد خلال الفترة بين "1979–1984"، وكسر بذلك حواجز كثيرة ثقافيًا وتكتيكيًا، فاز بالدوري الإسباني ولقبين في كأس الملك، وكان له دور ريادي في انفتاح النادي على اللاعبين الأجانب.
كانينجهام .. بداية مسيرة موهبة فريدة
وُلد كانينجهام في أرتشواي شمال لندن، وبدأ مسيرته في نادٍ صغير يُدعى "هايجيت نورث هيل" عام 1968، وقتها لاحظته أعين الكشافين سريعًا، فحصل على عقد مدرسي من أرسنال بعد عامين فقط، لكن القدر لم يمنحه فرصة إثبات نفسه هناك، حيث استُبعد من الفريق عام 1972 بدعوى أنه "لن يصلح لكرة القدم الاحترافية".
لم يستسلم الشاب الطموح، فانضم إلى ليتون أورينت، وهناك وُلدت موهبة جديدة في سماء إنجلترا، وخاض 75 مباراة وسجل 15 هدفًا، قبل أن ينتقل إلى وست بروميتش ألبيون، ويصبح أحد أبرز نجوم الفريق الذي نافس على لقب الدوري موسم 1978-1979، ومدربه رون أتكينسون وصفه آنذاك بأنه: "أفضل لاعب أنجبته بريطانيا منذ جورج بيست."

لوري كانينجهام
كانينجهام من شوارع لندن إلى سانتياجو برنابيو
في صيف 1979، دفع ريال مدريد 950 ألف جنيه إسترليني لضم كانينجهام، ليصبح أغلى لاعب في تاريخ النادي وقتها، وثاني أغلى صفقة في العالم بعد كيفن كيجان. كما كان ثاني لاعب أسود في تاريخ النادي الملكي بعد البرازيلي ديدا عام 1959.
استهل كانينجهام مسيرته الملكية بأفضل شكل، فسجل هدفين في أول ظهور له ضد فالنسيا، لكن الإصابات بدأت تطارده سريعًا وتعرقل حلمه الإسباني. ومع ذلك، كانت له ليلة واحدة غيرت كل شيء.
الليلة التي صفقت فيها جماهير برشلونة لعدوها
في فبراير 1980، ذهب ريال مدريد إلى "كامب نو" لمواجهة برشلونة في كلاسيكو ناري، لم يكن الجمهور الكتالوني يعلم أن التاريخ على وشك أن يُكتب تلك الليلة، وقدم كانينجهام عرضًا أسطوريًا، أرهق به ظهير برشلونة رافا زوفيريا، وكان وراء فوز ريال مدريد 2-0.
كتبت صحيفة "ماركا" في اليوم التالي: "لم يجد برشلونة ردًا على الرجل الأسود الذي يلعب كرة القدم كالملائكة… واسمه كانينجهام."
في مشهد لا يُنسى، وقف جمهور كامب نو بأكمله يصفق بحرارة للاعب ريال مدريد، في لحظة نادرة كُسرت فيها كراهية الكلاسيكو. ابنه "سيرجيو" روى لاحقًا: "كان والدي يستعد لتنفيذ ركنية عندما وقف له الجميع في الملعب تحيةً واحترامًا… لم أرَ مثل هذا في أي مباراة بالعالم."

الليلة التي صفقت فيها جماهير برشلونة لعدوها
كانينجهام .. مجد قصير في ريال مدريد
أنهى كانينجهام موسمه الأول في مدريد بثمانية أهداف وثنائية الدوري الإسباني والكأس، لكن سلسلة الإصابات أوقفت اندفاعه وتعرض لكسر في إصبع قدمه، وعوقب من النادي بعد أن شوهد يرقص أثناء فترة العلاج.
ثم لاحقته الغرامات والانتقادات، وغاب عن معظم موسم 1980-1981، قبل أن يعود للمشاركة في نهائي دوري الأبطال ضد ليفربول وهو غير جاهز تمامًا، ليصف المباراة لاحقًا بأنها "الأسوأ في مسيرته".
بعدها بدأ التراجع، فقد لعب لريال مدريد ثلاث مباريات فقط في موسم 1981-1982، ثم رحل ليخوض تجارب متنقلة بين مانشستر يونايتد وسبورتنج خيخون ومارسيليا وليستر سيتي ورايو فاليكانو، قبل أن يحقق مفاجأة مدوية مع ويمبلدون بالفوز على ليفربول في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي عام 1988.
كانينجهام .. نهاية مأساوية لنجم استثنائي
بعد عام واحد من تلك اللحظة السعيدة، عاد كانينجهام إلى مدريد ليلعب مع رايو فاليكانو، وساهم في صعودهم إلى الدرجة الأولى، لكن فجر أحد الأيام عام 1989، وبينما كان يقود سيارته بعد حفلة، فقد السيطرة واصطدم بعمود إنارة، ليفارق الحياة عن عمر لا يتجاوز 33 عامًا.
ونجا صديقه الذي كان بجانبه، لكن كرة القدم فقدت نجمًا فريدًا، وصفه فيسنتي ديل بوسكي بقوله: "كان يمتلك صفات لا تقل عن كريستيانو رونالدو… كان موهبة خارقة سبقت زمنها."

قصة الإنجليزي لوري كانينجهام