تتعمق أزمة الغاز فى أوروبا شيئا فشيئا منذ حرب أوكرانيا، حتى وصلت إلى التعقيد بعد ما يقرب من ثلاث سنوات من بدء تلك الحرب، وذلك مع وقف أوكرانيا أمس الأربعاء إمدادات الغاز الروسى للعملاء الأوروبيين عبر شبكة خطوط الأنابيب الخاصة بها بعد انتهاء اتفاقية العبور قبل الحرب فى نهاية عام 2024.
وعلى الرغم من استمرار الحرب فى أوكرانيا على مدى السنوات الماضية إلا أن الغاز الطبيعى استمر فى التدفق عبر شبكة خطوط أنابيب الغاز فى البلاد، والتى أنشئت عندما كانت أوكرانيا وروسيا جزءًا من الاتحاد السوفييتى - إلى أوروبا، بموجب اتفاقية خماسية فى عام 1999، وفقا لصحيفة لابانجورديا الإسبانية.
وعلى الرغم من أن هناك من يرى أنها خطوة إيجابية لوقف هيمنة روسيا على الطاقة فى أوروبا إلا أن هناك آخرون مثل سلوفاكيا، يحذرون من أنها ستؤدى إلى عواقب وخيمة على الاتحاد الأوروبى، واستنكر رئيس وزراء سلوفاكيا، روبرت فيكو، وهو رجل مقرب من روسيا، عدم تجديد اتفاقية العبور، وذكر أن هذا الإجراء سيضر أوروبا أكثر من روسيا.
وأشار فى رسالة نشرها على شبكات التواصل الاجتماعى الخاصة به إلى أن "وقف نقل الغاز عبر أوكرانيا سيكون له تأثير جذرى علينا جميعا فى الاتحاد الأوروبى، ولكن ليس فى الاتحاد الروسي".
وشددت المفوضية الأوروبية على أن الكتلة المكونة من 27 دولة استعدت للخفض، وقال متحدث باسم المفوضية "البنية التحتية للغاز فى أوروبا مرنة بما يكفى لتوفير الغاز من أصل غير روسى، وقد تم تعزيزها بقدرات كبيرة جديدة على استيراد الغاز الطبيعى المسال (الغاز الطبيعى المسال) اعتبارا من عام 2022".
أما وزير الطاقة الأوكرانى هيرمان هالوشينكو، أن كييف أوقفت تدفق الغاز "لمصلحة الأمن القومي"، مشيرا إلى أن هذا يعد حدث تاريخى.
وخلال قمة عقدت فى بروكسل الشهر الماضى، تعهد الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى بأن كييف لن تسمح لموسكو باستخدام ممر الوقود لكسب مليارات إضافية من دمائنا وحياة مواطنينا"، ومع ذلك، فقد ترك الباب مفتوحًا لفترة وجيزة لاحتمال استمرار تدفق الغاز إذا تم حجب المدفوعات إلى روسيا حتى انتهاء الحرب.
وقالت شركة جازبروم إنها "حرمت من القدرة الفنية والقانونية على توريد الغاز لعبوره عبر أوكرانيا" بسبب رفض أوكرانيا تمديد الاتفاق، وهو ما يؤجج الأزمة.
وقبل الحرب، كانت روسيا تزود الاتحاد الأوروبى بنحو 40% من احتياجاته من الغاز الطبيعى عبر خطوط الأنابيب، ويتدفق الغاز عبر أربعة أنظمة خطوط أنابيب: واحد تحت بحر البلطيق، وواحد عبر بيلاروسيا وبولندا، وواحد عبر أوكرانيا، وواحد تحت البحر الأسود عبر تركيا إلى بلغاريا.
وبعد اندلاع الحرب، قطعت روسيا معظم الإمدادات عبر خطوط أنابيب البلطيق وبيلاروسيا-بولندا، بسبب الخلافات حول المطالبة بالدفع بالروبل. تم تفجير خط أنابيب غاز البلطيق فى عمل تخريبى، لكن تفاصيل الهجوم لا تزال غير واضحة.
الانقطاع الروسى تسبب أزمة طاقة فى أوروبا
وبسبب انقطاع الغاز عن أوروبا، اضطرت ألمانيا إلى إنفاق مليارات اليورو لإنشاء محطات عائمة لاستيراد الغاز الطبيعى المسال الذى يصل عن طريق السفن، وليس عن طريق خطوط الأنابيب، خفض المستخدمون استهلاكهم بسبب الارتفاع الكبير فى الأسعار. وملأت النرويج والولايات المتحدة هذه الفجوة، لتصبحا أكبر موردين.
واعتبرت أوروبا الخفض الروسى بمثابة ابتزاز فى مجال الطاقة، ووضعت خططًا للتخلص التام من واردات الغاز الروسى بحلول عام 2027.
ووقعت سلوفاكيا هذا العام اتفاقيات لبدء شراء الغاز الطبيعى من أذربيجان، وكذلك لاستيراد الغاز الطبيعى المسال الأمريكى عبر خط أنابيب من بولندا.
وستكون مولدوفا إحدى الدول الأكثر تضررًا، وهى دولة مرشحة لدخول الاتحاد الأوروبى حصلت على الغاز الروسى عبر أوكرانيا وقد اتخذت إجراء.
أسعار الغاز
وشهدت أوروبا ارتفاع واضح فى أسعار الغاز خلال عام 2024، والتى زادت بنسبة 45%، مما أدى إلى تفاقم العبء على الأسر والصناعة، فى الوقت الذى يكافحون فيه للتعافى من أسوأ أزمة حول تكلفة المعيشة منذ عقود، ومن المرجح أن تستمر الأسعار فى الارتفاع، فى عام 2025، بنسبة لا تقل عن 60%، وذلك بسبب توقف تدفقات الغاز الروسى فى الأول من يناير.
وأشارت صحيفة الإسبانيول فى تقرير لها إلى أن العقود الآجلة للعام المقبل بالفعل تحمل زيادة، وهى علامة أكيدة على أن الأسعار ستبقى مرتفعة لفترة أطول، مما يؤدى فى النهاية إلى ارتفاع الفواتير على المستهلكين، ويقدر بعض المشغلين أن تأثير وقف التدفقات سيكون أعلى بما يصل إلى 10 يورو لكل ميجاوات/ساعة حال استمرار التدفقات، ولكن فى حال توقفها سيكون الوضع أسوأ.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة