"من زنازين الاحتلال إلى ميادين الحرية".. قصص صمود الأسرى الفلسطينيين تروي تفاصيل المعاناة خلف قضبان سجون الاحتلال.. عزمي نفاع: سمعت عن غزة لكن لم أرها.. وناجي بشارات: جوعونا بس إحنا شبعانين بعزتنا وكرامتنا

الثلاثاء، 28 يناير 2025 06:00 م
"من زنازين الاحتلال إلى ميادين الحرية".. قصص صمود الأسرى الفلسطينيين تروي تفاصيل المعاناة خلف قضبان سجون الاحتلال.. عزمي نفاع: سمعت عن غزة لكن لم أرها.. وناجي بشارات: جوعونا بس إحنا شبعانين بعزتنا وكرامتنا أحد الأسرى المحررون من سجون الاحتلال الإسرائيلي
إبراهيم حسان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

** الأسير المحرر محمد أبو حلا: كلابهم نشهت لحومنا ومستعدون لتقديم مزيدا من أعمارنا لكنس الاحتلال

** الأسير المحرر أحمد موسى: قضيت بالسجن 13 عاما وأرسل قبلة على جبين كل شهيد

** والدة الأسير المحرر محمد العارضة: أنتظره كل يوم منذ 24 سنة

"أيّها المارُّونَ بينَ الكلماتِ العابرةْ.. احملوا أسماءَكم وانصرفوا، واسحبوا ساعاتِكم من وقتِنا، وانصرفوا، وخذوا ما شئتمْ من زرقةِ البحرِ ورملِ الذاكرةْ".

هذه الأبيات ليست مجرد كلمات عابرة للشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش في قصيدته "عابرون في كلام عابر"، بل صرخة تمرد ضد تقييد الحرية وسلب الكرامة، فدرويش الذي عبر ببلاغة عميقة عن رفض الظلم والاحتلال، جسد أيضًا إصرار الشعب الفلسطيني على التمسك بأرضه وحقه في الحرية، التي تُسلب من كل من يعيش تحت وطأة القهر وعدوان الكيان الصهيوني.

فبعد سنوات طويلة من الحرمان والمعاناة في زنازين الاحتلال الإسرائيلي، تبدأ حياة جديدة للأسرى الفلسطينيين المحررين، مليئة بالتحديات والآمال، فالخروج من المعتقل ليس نهاية المعركة، بل بداية مرحلة جديدة يسعى فيها الأسرى إلى استعادة حياتهم الطبيعية التي سلبتها سنوات القيد والكبت، وإعادة بناء علاقاتهم مع عائلاتهم ومجتمعهم، والتأقلم مع واقع تغير كثيرًا خلال فترة غيابهم.

فرحة الحرية وغزة الصمود


وبالرغم من فرحة الحرية التي تظهر جليًا على وجوه الأسرى المحررون الذين جرى إطلاق سراحهم في صفقة التبادل جراء وقف إطلاق النار في غزة، ومواجهتهم تحديات نفسية واجتماعية واقتصادية، لاسيما وأن منهم من قبع في سجون الاحتلال الإسرائيلية لقرابة نصف قرن، تظل إرادة هؤلاء الأسرى التي قاومت ظروف السجن القاسية، أقوى من أي تحديات جديدة، مؤكدين على استمرارهم في النضال ضد الاحتلال والمساهمة في بناء مستقبل وطنهم.

ففي تلك اللحظة التاريخية التي أشرقت فيها شمس الحرية في غزة والضفة الغربية، عبّر الأسرى المحررون عن سعادتهم مرة أخرى بالعودة إلى الحياة الحرة، وعن امتنانهم لكل من وقف إلى جانبهم ودعم قضيتهم في المحافل الدولية، فيقول الأسير المحرر أحمد بديع والدموع تذرف من عينيه: "غزة الشهداء والأبطال.. غزة هي فلسطين، دمائها سالت من أجل فلسطين والمسجد الأقصى، فتحية لغزة وأطفال غزة ونساء غزة وشهداء غزة".

سمعت عن غزة لكن لم أرها


وفي لحظات تختلط فيها الدموع بالفرح، وعناق الحرية بألم السنين، خرجت من الأراضي المحتلة مشاهد مفعمة بالعاطفة عقب إطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال الإسرائيلي، وهنا وفي هذه اللحظة التي طال انتظارها بعد سنوات طويلة من الأسر، يقول عزمي نفاع، أسير جريح محرر من سجن عوفر: "إنه سمع عن عزة لكن لم يراها في حياته".

الأسير الفلسطيني عزمي نفاع، لم يتوقع أنه سوف يتنفس هواء الحرية مرة أخرى خارج سجون الاحتلال الإسرائيلي، فيقول: "نادى عليا السجان.. فقلت له نعم؟ وأنا ظننت أنه بسبب الأكل، لكن بعدما تأكدت من خروجي شعرت براحة نسبية، لأننا كنا نترقب الأخبار داخل السجن وكان لدينا أمل في إنهاء الحرب في غزة".

ويروي نفاع لحظات قُبض فيها قلبه قبل الخروج من سجون الاحتلال، فيقول: "أخرجوا الناس المحكوم عليهم بالمؤبد يوم الأربعاء الماضي، وفي تمام الساعة الخامسة صباحا كنت مستيقظ وأشعر أن اسمي موجود معهم بالقائمة، فكل أسير منا لديه دائما شعور بالخوف ألا يفرج عنه، وأنا أتمنى أن تنتهي الحرب وينتهي الحصار ويعيش أهل غزة في أمن واستقرار".

جوعونا بس إحنا شبعانين بعزتنا وكرامتنا


تلك اللحظة التي طال انتظارها جاءت بعد سنوات طويلة من الأسر، عاش فيها هؤلاء الأسرى في ظروف قاسية وانقطع الأمل لدى الكثيرين منهم في أن يروا شمس الحرية مجددًا، إلا أن الأسير المحرر ناجي بشارات الذي ظهر حاملا على عنقه الوشاح الفلسطيني، أصر على توجيه رسالة عقب الخروج من المعتقل الإسرائيلي، مفادها: "جوعونا بس إحنا شبعانين بعزتنا وكرامتنا".

ويتابع الأسير المحرر ناجي بشارات بالقول: "علينا أن نترحم على شهدائنا الذين سقطوا على هذه الأرض، ولن ننسى شهدائنا وعلينا الدعاء لهم دائما لأنهم ضحوا بأرواحهم من أجلنا".

مستعدون لتقديم مزيدا من أعمارنا لكنس الاحتلال


تجسيد عمق المعاناة التي عايشها الأسرى وعائلاتهم لم توقفهم لتقديم تضحيات أخرى في سبيل تحرير وطنهم، لذلك، يصر الأسير المحرر محمد أبو حلا بعد تحريره على توجيه رسالة عنيفة ضد الاحتلال، إذ يقول: "شعور الفرحة لا يوصف، وأنا أهدي كل مشاعر الفرحة لشلال الدماء الذين ضحوا بأرواحهم في غزة، نساء وأطفال ومجاهدي غزة الذين أوصلوا الليل بالنهار من أجل هذه الفرحة، والله إن الأسرى مستعدون يقدموا مزيدا من الدماء ومزيدا من أعمارهم من أجل تحرير هذه البلاد والمقدسات".

ويكشف أبو حلا تفاصيل موجعة عن أوضاع الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، فيقول: "الأوضاع في السجون كانت صعبة للغاية، وكنا محرومون من أهالينا والطعام وكنا نعاني من البرد القارس والضرب، وكانت الكلاب البوليسية تنهش لحومنا، ورسالتي للشعب الفلسطيني، هو ضرورة أن نقف خلف قيادة موحدة من جميع فصائل المجتمع الفلسطيني".

قبلة على جبين كل شهيد وتحية لرمال غزة


فرحة إطلاق سراح الأسرى تحولت إلى عرس وطني في المدن والقرى الفلسطينية، حيث يعود هؤلاء الأسرى حاملين معهم قصصًا من الصمود والتحدي، وذكريات عن نضالهم الذي دفعوا سنوات حياتهم من أجله، وهنا يكشف الأسر المحرر أحمد موسى، المحكوم عليه بالسجن لمدة 27 عاما بسجون الاحتلال، أنه قضى خلف القضبان 13 عاما قبل خروجه ضمن صفقة التبادل، ويضيف بنبرات حزينة: "نرسل قبلة على جبين كل أم شهيد فلسطيني ضحى من أجل هذه اللحظة التاريخية، وتحية لكل شهيد ولبحر ورمال غزة".

ورغم ما واجهه الأسير المحرر في سجون الكيان الصهيوني المغتصب للأراضي الفلسطينية، إلا أنه يوجه يصر على توجيه رسالة إلى كل الفلسطينيين بضرورة توحيد الصفوف والجهود والتجمع حول القضية الفلسطينية، وأن يسأل الجميع الله سبحانه وتعالى لتحرير كامل الأرض الفلسطينية لأهلها.

مشاهد تعكس الصمود


وفي مشهد مؤثر يعكس أسمى معاني الوفاء والاشتياق، أقبل أسير فلسطيني محرر على تقبيل قدم والدته فور خروجه من سجون الاحتلال الإسرائيلي، تعبيرًا عن امتنانه لصبرها ودعائها له خلال سنوات أسره الطويلة، وتجسيدًا للحنين والارتباط العميق بأمه التي حملت عبء الألم والانتظار، وكانت رمزًا للصمود في وجه معاناة الاحتلال القبيح.

رسائل الصمود والإصرار على استمرار النضال حتى التحرر الكامل لم تنقطع على الأرض المحتلة، ففي مشهد آخر وقفت سيدة فلسطينية على حاجز الانتظار، تحمل بين يديها باقة من الورد، لكن ما تحمله في قلبها يفوق ذلك بكثير، إذ تؤكد زوجة الأسير عبد الرحمن بعلوشة: "أن زوجها يتواجد خلف قضبان الاحتلال الإسرائيلي منذ 10 سنوات، لذلك تحمل في قلبها سعادة لا توصف بإطلاق سراحه في هذا الوقت".

أما والدة الأسير محمد العارضة، ارتسمت على وجهها علامات السعادة التي عادت بإطلاق سراح نجلها المقيد حريته في سجون الاحتلال الإسرائيلي لمدة 24 عاما، تقول: "أنتظره كل يوم منذ 24 سنة، وكنت أموت وأسمع صوته".

ورغم الألم والتضحيات، إلا أن الوجوه التي بدت منهكة من سنوات الأسر لم تستطع إخفاء بريق السعادة وهي تستقبل الحشود التي خرجت لاستقبالهم في مشاهد كرنفالية تحولت إلى احتفالات وطنية في كل بيت فلسطيني، فتلك المشاهد لم تكن مجرد لقطات عابرة، بل رسائل قوية عن صمود الشعب الفلسطيني وإيمانه بعدالة قضيته.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة