عصام عبد القادر يكتب عن مثلث تدمير الشعوب: حدة الموجات الإلحادية المعاصرة.. تزييف الوعي.. منهجية التحريف.. تسميم الفكر العقدي لدى الشباب.. تنمية التفكير سفينة النجاة

الأربعاء، 25 سبتمبر 2024 02:26 م
عصام عبد القادر يكتب عن مثلث تدمير الشعوب: حدة الموجات الإلحادية المعاصرة.. تزييف الوعي.. منهجية التحريف.. تسميم الفكر العقدي لدى الشباب.. تنمية التفكير سفينة النجاة عصام عبد القادر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ثمة تزايد مضطرد تجاه إنكار وجود الله والإيمان بأن الوجود كله مادي وأن الطبيعة المادية هي الخالقة والمخلوقة وإنكار كل ما لا يمت للمادة بصلة؛ فلا غيبيات ولا عقيدة؛ فالوجود يتمثل في المادة دون غيرها، وهذا يفسر أن يشكل ميل عن الحق والانحراف عنه بشتى الاعتقادات والتأويل الفاسد والمنحرف عن صراط الله والمعاكس لحكمه، وهو ما يعرف في جملته بالإلحاد المعاصر.

وهناك من يُرجئُ سبب الإلحاد في صورته المعاصرة إلى الإعجاب المفرط بالتقدم الحضاري المفرط بما يؤدي إلى الانهزامية النفسية والإحباط اللذين يؤديان لميل فكري تجاه مبادئ ومعتقدات الملحدين، وهناك من يرى أن فقدان الهوية جراء الاندماج الفكري مع من يدعون الثقافة والفكر المتحرر من المعتقد، بما يجعل الفرد ينفك عن منهجه الصحيح ويتبنى معتقدات الملحدين، ومن يعتبره سببًا رئيسًا للإلحاد.


وحري بالذكر أن التحريف الممنهج من قبل الملحدين والتابعين لفكرهم لصحيح المعتقد والقيم التي تتبناها المجتمعات لكي تسلك هذه المجتمعات سبيل الظن ويعظم العقل ويقدمه على النقل وتمتهن الحضارات على حساب المغترين، وندرك أن المتكبر الذي يتبنى الفكر الإلحادي لا يستمع لدعوات الحق ولا يعطي لنفسه فرصة سانحة للتأمل فيما خلقه الله تعالى وما أبدع صنعه؛ فالجحود سمة بارزة وصفة غالبة.


والخوف من أن التكبر والخيلاء تعدان من مسببات الإعراض عن الصدوع بالحق، والإذعان بأنه على الطريق الصحيح حيال إلحاده؛ حيث نوقن بأن المتكبر الذي يتبنى الفكر الإلحادي لا يستمع لدعوات الحق ولا يعطي لنفسه فرصة سانحة للتأمل فيما خلقه الله تعالى وما أبدع صنعه، كما أن الاضطراب النفسي والقلق الدائم من اللوازم التي تصاحب الملحد وتهوي به لبئر سحيق مليء بالظلمات.


ونعي أن نظرات الملحد تعتمد على السطحية في الأمور كلها، ولا تنحو للتأمل والتدبر في مجملها؛ فلا يرى في نفسه إلا الكمال وما دونه يعتريه النقص، ويشوبه العيب؛ إذ أن الملحدين يتجنبون مطالعة صحيح العقائد والتيقن من ثوابتها ودلائلها المادية والمعنوية النقلية منها والعقلية التي جاءت بها الكتب السماوية، وتقوم فكرتهم على المادية في صورتها البحتة، بمعنى مدى النفعية الصرفة.


وهناك اهتمام بالغ تجاه الدعوة إلى الإلحاد وترسيخه في أذهان الشعوب والأفراد بصورة ممنهجة، وبالأحرى يعد ذلك من سمات الإلحاد في صورته المعاصرة؛ فيأتي توظيف الإرهاب في صورة حث الشعوب على كراهية وبغض التدين، ومن ثم تزداد حدة الموجات الإلحادية في ضوء انغماس المجتمعات في صراعات عرقية ودينية بغية إبعادهم عن سائر العقائد التي تحض على الاقتتال.


وإيصال رسالة الملحدين تعتمد على تزييف الوعي من خلال بث فكرة أن التدين يعد من مهددات بقاء البشرية وينبغي التوقف عن ممارساته وشعائره التي تورث الكراهية والحقد بين المجتمعات بعضها البعض وفي داخلها أيضًا؛ بالإضافة إلى تأكيد الملحدين على أن الإلحاد منقذ البشرية من الضياع ويجعلهم يستمتعون بمفردات الحياة بحرية دون تعقيد أو تذمر.


وتتزايد أنشطة الملحدين فنراها في تأليف كتابات من شأنها تهديد الركن العقدي لدى الإنسان وتعضيد الفكر الإلحادي بصورة تقوم على منطق العقل المتحرر، وحرصهم على نشر وتوزيع مؤلفات على مستوى عالمي تنال من الأديان وتحض على ممارسة الإلحاد بشكل صريح، ناهيك عن التشكيك عبر كتابات في وجود خالق السماء بلا عمد واضفاء لمسات الملحدين الذين يستهدفون تسميم الفكر العقدي بصورة مباشرة.


ويعمل الملاحدة الجدد على حقن الأذهان من خلال مؤلفات تدحر الفضائل التي تبني وتقوم عليها المجتمعات وتشيع بينها المحبة والوئام؛ كي تستبدلها بقوة العقل والمنطق القائمة على التشكيك في كل شيء في الوجود ليصل على التشكيك في الذات الإلهية؛ فهناك تصنيف لكتابات الملحدين في سلاسل؛ لتصبح تأسيسًا نظريًا تقوم عليه نظرية الإلحاد في عصرنا الحديث.


وتشتعل حدة الموجات الإلحادية المعاصرة؛ حيث تبدو واضحة في توظيف الملحدين وأتباعهم الفضاء المفتوح لبث أفكارهم وتسميم عقول الشباب على وجه الخصوص؛ حيث إنهم القوة الضاربة في مجتمعاتهم، والعمل على تدشين البرامج الفضائية والإذاعية الممولة لتأكيد فكرة الإلحاد في أذهان الكثيرين ممن لهم ميول وليس لديهم سياج يحمي ما يعتقدون أو ليس لديهم اهتمام بالعقيدة من الأصل.


ومن آليات منهجية الإلحاد المعاصر حرص الملاحدة الجدد على عقد البرامج الحوارية التي تستهدف غلبة الفكر الإلحادي عما سواه ممن يدافعون على العقائد والأديان؛ بغرض إظهار انهزامية النفوس معنويًا، وصناعة الأفلام التي ترسخ الفكر الإلحادي لدى المشاهد بحرفية منقطعة النظير، وإثبات نظريتهم بدلائل ولو بدت واهية، ناهيك عن التعليم الرسمي الممنهج والي تصاغ له أفلامًا تحث المتعلم على اتباع المنهج الإلحادي لضمان سلامته واستقراره النفسي واستمتاعه بمفردات الحياة.


لا ريب من أن تنمية التفكير ومهاراته العليا المختلفة سفينة النجاة من مخاطر منهج الفكر الإلحادي المعاصر وما يحمله من مخططات مقيتة؛ حيث إن امتلاك الإنسان لمهارات التفكير العليا المتنوعة تمكنه من أن يجابه الفكر المنحرف ويحلل مغارضه ومآربه الخبيثة المعنى والمضمون ويفند المحتوى، كما يستطيع أن يجد حلولًا لقضايا أو مشكلات أو مهام تتطلب أداءً معرفيًا كان أم مهاريًا، ومن خلال التفكير وممارساته الإجرائية يوظف ما لديه من خبرات سابقة عندما يبدأ في مراحل البحث عن حلول بصورة منظمة؛ بالإضافة إلى اهتمامه بكافة المعطيات المعينة والوسائل المتاحة.


والسؤال المحير: كيف نحدث تنمية مقصودة للتفكير ومهاراته كي نضمن مواجهة ناجحة لدحر محاولات الفكر الإلحادي المعاصر؟، قد يبدو الأمر غير مألوف لنا في البداية ونستصعب حدوث ذلك مع شباب الأمة وثروتها؛ لكن منهجية تنمية التفكير يتوجب أن تقوم على تخطيط مقصود وتنفيذ عبر بيئة منضبطة تسهم في غرس ممارسات تساعد في تنمية مهارات التفكير المنشود صقلها في ذهن الفرد، والمؤسسة التعليمية خير بيئة مواتية ينبغي أن نعلم وننمي مهارات التفكير لشبابنا في شتى مراحل العملية التعليمية، أي من مرحلة رياض الأطفال لنهاية المرحلة الجامعية.


ودحر محاولات الفكر الإلحادي المعاصر يوجب علينا أن ننوع من مهارات التفكير التي نتطلع إلى تنميتها لدى شبابنا الواعد؛ فلا يقتصر الأمر على الجانب العلمي البحت؛ لكن هناك ضرورة لربط أنماط وألوان التفكير بالحياة في كليتها وما يتعلق بالطبيعة الساحرة والخلابة بها؛ فيتدبر ويمعن ويتأمل ويفسر ويستنتج ويستنبط ويلاحظ ويرصد وينتقد، وهذا يجعلنا نسلك فلسفة التدريب الإجرائي على توليد الفكرة تلو الفكرة من خلال برامجنا التعليمية وما تتضمنه من مقررات بواسطة مهام الأنشطة التي تستهدف مواجهة مشكلات حياتية متنوعة؛ يؤهل المتعلم لأن يمارس صيغة من صيغ التفكير تجعله مؤهلًا لأن يُوجد مزيدًا من الحلول لمشكلات أو قضايا حياتية خارج الإطار المؤسسي، ومن ثم نصف جدوى برامجنا بالحيوية؛ حيث يمثل ذلك ربطًا وظيفيًا للخبرات المتعلمة التي يكتسبها الفرد بمراحل السلم التعليمي وتدرجاته.


وثمة اتفاق على أن تعضيد وجدان الفرد بالنظر إلى مكنون وأسرار الطبيعة يعد جزءً أصيلًا من مهارات التفكير العليا التي ننادي بتنميتها؛ فوجود الله عز وجل دلالته في هذا الكون الذي يحمل تفاصيل غاية في الدقة، ونظامه البديع الذي يسير بآليات تتسم بالإتقان؛ فلا مجال للصدفة في كون فسيح يحمل الأسرار تسير فيه الكواكب والنجوم سابحة لا تخرج عن مسارها، ولا مصادفة لكوكب وهبت له الحياة؛ فشمل الذكر والأنثى للحفاظ على النسل وبقائه وإعمار الأرض التي تجري بها الأنهار والأبحار والمحيطات ويثبتها جبال راسخات وتدور حول الشمس بنظام يحقق ماهية التعاقب التي ننعم بها المتمثلة في ليل نسكن ونطمئن ونرتاح فيه ونهار مشرق نعمل ونجد ونجتهد في ضيائه؛ فكل هذا الإبداع والاتقان له خالق جبار رفع السماء بلا عمد وأوجد الحياة على أرض سوداء مدها بمقومات ساعدت على البقاء.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة