"الأمر لم يكن سهلا أبدا علي، فلا يوجد في مصر الحياة البرية بمعناها المتعارف عليه الذى تتواجد فيه الأسود بكميات كبيرة، ولم يكن أمامى سوى أن اعتمد على نفسى وأن أسلك طرقا تحقق لى حُلمى في أن أصبح "طبيبة للأسود"، فبحثت هنا وهناك عن كل أسم وأسرة معروفة بتربية الأسود، أو أي سيرك، وسعيت لتكوين علاقات والتعريف بنفسى وتخصصي، حتى بدأت ألمس حلمى مؤخرا ووجدت أننى أصبحت أشرف على الحالة الصحية لنحو 45 أسد"، بهذه الكلمات بدأت الدكتورة آلاء هانى، طبيبة بيطرية مُتخصصة في علاج الأسود حديثها حول بداية عملها مع ملك الغابة.
تروى "آلاء" لـ"اليوم السابع" كواليس اختيارها للعمل مع الأسود، فتقول: “منذ التحاقي بالدراسة فى كلية الطب البيطري جامعة القاهرة، شعرت بشغف شديد حيال دراسة الحياة البرية، وخاصة الفصيلة القطية الكبيرة، وتحديدا الأسود، وفور انتهاء دراستي وتخرجي في 2018 قررت ألا أتخلى عن حلمى فى أن أصبح طبيبة بيطرية مُتخصصة في علاج الأسود، واتخذت أول خطوات تحقيقه في 2020 حيث طرحت على أساتذتي بالجامعة رغبتي في استكمال دراستي وعمل ماجستير في الفصيلة القطية، ولم أجد منهم إلا تشجيعا كبيرا على الأمر".
وتواصل: بدأت العمل أكاديميا مع الأسود من خلال رسالة الماجستير فى عام 2020، أما إجراء الكشوفات والتعامل الفعلى عن قرب فكان بداية من 2022، فالاقتراب من الأسود لم يأت صدفة، بل كان اختيارا وتمسكت به لحبى للقطط الكبيرة، فقد تعاملت مع كثيرا من الفصائل الشرسة من قبل، مثل: التماسيح وثعابين "الأناكوندا" وحتى النمور، لكننى لم أشعر بانسجام معهم، أما الأسد فهو يختلف عنهم وقريب من القطط فى تصرفاته، حتى أننى يمكنني اللعب معه أثناء علاجه، ولا أخاف ولا أشعر بالقلق أثناء التعامل معه، فقط أكون حذرة حتى لا أتأذى دون قصد منه، ففي أي لحظة قد يصيبني بيديه أو بمخالبه أو أسنانه.
وتُضيف: لا يمكن أن أنسى أول مرة اتعامل فيها مع الأسد عن قُرب، كان أسد ذكر، وتوجهت إلى داخل قفصه لسحب عينات دم لاستكمال دراساتي، فدخلت أمامه بكل ثقة و"عشم"، لم يظل الأمر طويلا فبعد لحظات جاء مُدرب الأسود "محمد اليمانى" مُسرعا يخرجني من القفص، لأننى لم أكن أدرك وقتها ضرورة وجود مسافات آمنة بيننا، وكنت أدخل على الأسد أثناء تناوله وجباته، وهى أخطر الأوقات التي يمكن أن تتعامل فيها مع الأسد، لكن مع تكرار زياراتي للأسود ومساعدة "اليمانى" أكسبني ذلك كثيرا من مهارات التعامل مع هذا الحيوان المفترس، حتى أصبحت قادرة على سحب العينات دون أي تخدير للأسود، على عكس بدايتى فقد كان الأمر صعب جدا، وكنا نحتاج أحيانا إلى تثبيت الأسد جيدا بالسلاسل، دون إحداث أي إيذاء له.
أما عن الأسهل في التعامل، أوضحت الدكتورة آلاء، أن الأسد الذكر أسهل كثيرا في التعامل من أنثى الأسد، قائلة: الأسد الذكر مكبر دماغه ومسالم، وكأن لسان حاله يقول "اعملوا اللى تعملوه.. خلصونى"، إلا إذا كان يشعر بالحر أو مريض حينها لا يترك مجالا لعمل أي شيء أو فحصه، لكن فى طبيعته مهما عملنا ودخلنا قفصه لا يتحرك من مكانه، على عكس أنثى الأسد فهى الأشرس في التعامل وتتحرك بكثرة.
إصرار الدكتورة آلاء وحبها للأسود، جعلها الآن الطبيبة المُعالجة لـ45 أسد في كافة محافظات مصر، حيث أكدت أنها بدأت من الصفر، واعتمدت على نفسها ومجهودها في تكوين علاقات مع الأشخاص المعروفين بتربية الأسود، وتجوب محافظات مصر: مرسى مطروح، المنصورة، شبين الكوم، طنطا، بلطيم، العاشر من رمضان، وغيرهم، لفحصهم ومتابعة أوضاعهم الصحية، كل ذلك في ظل ما وجدته من تشجيع من والدها ووالدتها، ودعم لرغبتها في أن تٌصبح طبيبة في تخصص لا يتكرر كثيرا في مصر، وأن تصبح طبيبة لملك الغابة.
محمد اليمانى مدرب الأسود والدكتورة آلاء ولوزة
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة