الخلافات الزوجية كفيلة بأن تقلب حياة الأسرة رأسا على عقب، بسبب ما يتبعه ذلك من ملاحقات قضائية بين شريكي الحياة، فلك أن تتخيل ما يحدث بين عائلات الأزواج والزوجات المتناحرين بعد وفاة -الزوج أو الزوجة-، فالخلاف على الميراث من نفقات ومصوغات وحقوق شرعية على الساحة تكون من نوعية من يرث المنقولات، كيف تقسم التركة ونصيب كلا من الورثة، لمن تؤول النفقات المتجمدة حال الزواج؟، وإذا انفصلت الزوجة ولها متجمد نفقة هل يحق لها الحصول عليها، لمن الحضانة؟، من سيقيم مع الأطفال في مسكن الزوجية حال وفاة الزوجة، وفي ظل احتدام الخلاف يتناسي الأهل المودة والرحمة وتشتعل الأزمات في ظل الحيل التي يلجأ إليها الطرفين ويرفضوا تدخل أي وسطاء لحل الخلافات وديا.
الاحتباس لصالح الزوج
ونفقة الزوجة وفقا للقانون المصري يلتزم بها الزوج وجوباً لصالح زوجته، بحيث أنه لو امتنع عن الإنفاق عليها بغير حق شرعي، فإن للزوجة أن تطلب من القضاء إجبار الزوج على الإنفاق عليها، وسبب وجوب نفقة الزوجة على -زوجها - هو الاحتباس له، بمعني أن الزوجة تحبس نفسها لرعاية شئون زوجها والأسرة ودخولها في طاعته لتحقيق أغراض الزواج الشرعية .
دين النفقة
ونص قانون الأحوال الشخصية على أن دين النفقة لا يسقط بموت أحد الزوجين ولا بالطلاق، فإذا مات الزوج كان للزوجة الحصول على متجمد نفقتها من تركته، وإذا ماتت الزوجة كان متجمد نفقتها تركه تورث لمن لهم الحق القانوني في الحصول على ذلك الميراث، وللمطلقة الحق فيما تجمد لها من النفقة -حال قيام الزوجية - ما لم يكن زوجها قد طلقها فى مقابل هذا المتجمد من النفقة ولها أن تطالب بحقها في أن ترث تلك الأموال من أسرته أو تركته التي تركها، وللأرملة الحق في مؤخر صداقها، والعفش ومنقولات الزواج، وكذلك وزن الذهب بقائمة المنقولات الزوجية، أو قيمته بالأسعار الحالية.
شروط الحصول على النفقة
ونفقة الأبناء للأرملة في القانون تقع تحت مسمي- نفقة الأقارب-، وتخضع لأحكام المادة 3 من قانون 1 لسنة 2000 طبقا لقوانين الأحوال الشخصية بالقدر الذى يكفى الحاجة الضرورية لمعيشة طالب النفقة، ومن شروطها أن يكون طالب النفقة معسرا حتى ولو كان قادرا على الكسب، وأن يكون المطالب بالنفقة موسرا، وتشمل المأكل والملبس والمسكن، وكذلك بدل الفرش والغطاء .
ووجوب الإنفاق على القريب يشترط فيه- فقره واحتياجه-، فلا يجب الإنفاق على من يجد نفقته، وكذلك يسار المنفق وقدرته على الإنفاق بعد سداده لنفقة نفسه ونفقة زوجته وأولاده.
ويلتزم الجدود -بنفقة احفادهم - من ابنه المتوفي، حيث يحق لأرملة الأبن إقامة دعوى قضائية تطالب فيها الجد أو الجدة بالإنفاق على صغارها- حال امتناعهم ويسر حالتهم المادية-،عبر مكتب تسوية المنازعات الأسرية لعمل تسوية قبل رفع الدعوى، والتحري عن صافى دخل المدعي عليه الشهري لتحديد النفقة المستحقة ومدى سعته ويسار حالته المالية.
نفقة الأقارب
وتستحق نفقة الأقارب من تاريخ الحكم، والحكم الصادر يكون مزيل بالصيغة التنفيذية وفقا للمادة 65 من قانون 1 لسنة 2000، ويجوز تنفيذ الحكم بكل طرق التنفيذ بما فيها بنك ناصر الاجتماعي، والنفقة على الأبناء القصر تكون من مالهم طالما ترك لهم أبوهم مالا، أما أن كانت هذه الاموال لا تكفي نفقاتهم فالأرملة الحق للمطالبة بالنفقة الضرورية على من تقع عليه شروطها.
تركة الزوجة
كما أن تركة الزوجة -حال وفاتها- عبارة عن قائمة المنقولات والذهب – الشبكة التي قدمت لها- ومؤخر الصداق كذلك من التركة، وكل ما يخص الزوجة المتوفية من أغراض ثبت مليكتها لها وهي على قيد الحياة، ويقوم الزوج في تلك الحالة بدفع مؤخر الصداق المتفق عليه ثم يرث فيه النصف ويؤدي إلى بقية الورثة النصف الآخر، أما بالنسبة للمصوغات وقائمة المنقولات التي تعتبر عقداً من عقود الأمانة، الذي قد يعاقب القانون الزوج على خرقها بالسجن وجواز فرض الغرامة، فتعد من تركة الزوجة بعد وفاتها فتوزع على الورثة بالنصف أيضا للزوج ولهم النصف الآخر، وفي حالة وفاة الزوجة وترك أولاد من الورثة، فإن ميراث الزوج الربع على ما حدده الشرع، وتتمثل فقط فيما وجد من تلك المنقولات في بيت الزوجية، دون ما هلك منها، ولا يطالب الزوج بتعويضها، لأن القانون منح الزوج والأبناء حق استعمالها، وتعامل - معاملة إيصال الأمانة – بحيث تورث قانونا.
ومحكمة الاستئناف بدورها حكمت بإلزام الزوج أن يؤدى لوالد أو والدة -المتوفاة-حصتهما في قائمة أعيان الجهاز والذهب.
كما أقرت مبدأ قضائيا بأن "القائمة" حق الورثة إذا ماتت الزوجة مثلها كما هو الحال لباقي ممتلكات الزوجة وأموالها إن كان لها أموال فيتم توزيعها على الورثة حسب النصيب الشرعي لكلا منهم.
عقوبة رفض تسليم الميراث لمستحقيه
ونص القانون على عقوبة لمن يرفض تسليم الميراث لمستحقيه في المادة- 49 من القانون رقم 77 لسنة 1943 المعدل بالقانون رقم 219 لسنة 2017-، على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه، ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من امتنع عمدًا عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي من الميراث رضاءً أو قضاءً نهائيا.
وخلال السطور التالية سنتعرف على أبرز القصص التي مثلت أمام محكمة الأسرة لبحث الزوج أو الزوجة-الأرمل- عن حقوقهم الشرعية في الميراث حال وفاة شريك الحياة.
قصص بمحاكم الأسرة
ومن داخل محاكم الأسرة أشتد الخلاف بين سيدة وجد أطفالها وتعالت الاتهامات المتبادلة بينهما، حيث شكت الأم لثلاث أطفال في بلاغ رسمي بعد وفاة زوجها من تعرضها لسلب حقوقها وأطفالها القصر من قبل والد زوجها.
وذكرت الأم الحاضنة في شكوها بحثا عن حقها في ميراث زوجها المتوفي:" أنهال علي جد أطفالي بالضرب، فلم أتخيل بعد موت نجله سيتصرف معي بتلك الطريقة ويقوم بالانتقام مني ويحرم أولادي من حقهم في النفقات، لإحكام السيطرة على أموال أبنه، ومحاولته إجباري التنازل على معظم الممتلكات له، بخلاف تخطيطه لسلبي الحضانة، وغدره بي وتدمره حياتى".
ومأساة لزوجة أخري وقفت بمحكمة الأسرة بالجيزة، أثناء طلبها متجمد النفقات من شقيق زوجها، لتؤكد:" بعد وفاة زوجي قام شقيقه بالتسبب في تدمير حياتي، وانهال علي ضربا وكسر المنزل علي رأسي، وقام بطردي للشارع عقاباً لي ورفض كافة الحلول الودية لحل المشاكل بيننا".
وأشارت الأم الحاضنة:" دمرت عائلة زوجي حياتي، وخدعوني للاستيلاء على مسكن الزوجية، وسرقوا مصوغاتي ومنقولاتي وحقوقي المسجلة بعقد الزواج، وقاموا بتضييق الخناق على وابتزازي ومساومتي للتنازل عن حقوقي".
أما عن الأزواج ومأساتهم بعد وفاة الزوجة فطالب أرمل تخفيض نفقة أولاده، بدعوي قضائية أمام محكمة الأسرة بأكتوبر، وادعي أن والدة زوجته المتوفاة، قامت بابتزازه لإلزامه بدفع ضعف النفقة بإجمالي 40 ألف جنيه، ورفضت تمكينه من الرؤية رغم سداده النفقة الشهرية .
وأشار الزوج: "لم تنتظر حماتي بعد وفاة ابنتها كثيرا لتأتي إلى منزلي وتستولي على المنقولات والمصوغات وتأخذ أولادي، فجعلتني أري الجحيم على الأرض، وفي النهاية من الأطفال ولاحقتني بـ11 دعوي حبس، واتخذتهم كوسيلة لزيادة النفقات".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة