ـ وزيرة الخارجية الألمانية تبدأ جولة بالمنطقة الاثنين لإجراء مباحثات لوقف التصعيد بلبنان
ـ "التعاون الخليجى" يناشد بضبط النفس لتجنيب المنطقة تداعيات الحرب
يقف العالم مشدوهاً أمام الاندفاع الإسرائيلي غير المسبوق نحو شن الحروب، وتخضيب الأرض بدماء الأبرياء من أطفال وعجائز ونساء وشباب في عمر الزهور.
فلم تفرغ مسامعنا بعد من أنباء المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة، حتى تُفاجئنا أنباء متداولة بحرب أخرى وشيكة في بلاد الأرز، ما أثار الهلع من تكرار مأساة غزة.
وعلى الرغم من أن وتيرة الاشتباكات في الجنوب اللبنانى بين حزب الله والجيش الإسرائيلي لا تزال تسير وفق وتيرة منضبطة تحت سقف "قواعد اشتباك" صعودا وهبوطا، تلك القواعد التي لم يتجاوزها أي من طرفى الصراع على مدى تسعة أشهر، إلا أننا لا يمكننا تجل التحذيرات الدولية و وما يقترن معها من تحركات دولية ومساعٍ لاحتواء التصعيد بالتزامن مع تهديدات الجيش الإسرائيلي، وإعلاناته التي تحمل تهديدات مباشرة بين حين وآخر، وآخرها الإعلان عن المصادقة على خطط عملياتية لهجوم في لبنان، وقال الجيش، في بيان له، نقلته وكالة الصحافة الفرنسية الخميس الماضى، إن قائد القيادة الشمالية الميجور أوري جوردين، ورئيس مديرية العمليات الميجور أوديد باسيوك، أجريا تقييماً مشتركاً للوضع في القيادة الشمالية، وفي إطار تقديم الوضع، تمت الموافقة على خطط عملياتية لهجوم في لبنان، مضيفا أنه تم اتخاذ قرارات بخصوص مواصلة تسريع استعدادات القوات في الميدان.
وجاء إعلان الجيش الإسرائيلي بعدما توعد وزير الخارجية يسرائيل كاتس في وقت سابق بالقضاء على حزب الله في حال اندلاع حرب شاملة.
كما كشفت صحيفة "إسرائيل هيوم"، أن رئيس الوزراء الاسرائيلي حذر المسؤولين في واشنطن من أن إعاقة إرسال الأسلحة لإسرائيل لن يؤدي إلا إلى تقريب الحرب الشاملة مع "حزب الله"، وأشارت الصحيفة إلى أن التحذير الخطير الذي أطلقه نتنياهو جاء في محادثات مغلقة مع كبار مسؤولي الإدارة بشأن حرب محتملة في لبنان.
في الوقت الذى حذرت فيه الإدارة الأمريكية عبر البيت الأبيض ووزارة الخارجية من النتائج الوخيمة لجميع الأطراف، حال نشوب حرب في لبنان وشددت واشنطن بشكل غير مباشر على أنها لن تسمح بانزلاق جبهة لبنان إلى حرب تداعياتها شاملة بمخاطرها.
وحذرت إسبانيا أيضاً ـ على لسان وزير خارجيتها خوسيه مانويل ألباريس ـ أمس، من التصعيد عند الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، قائلاً :"لا يمكن السماح باتساع دائرة العنف في الشرق الأوسط".
ما يجعل تساؤل: هل بدأ العد التنازلي لإشعال هذه الحرب؟ يلحُ على أذهان الكثيرين .
وبالتأكيد لا يمكن لأحد التنبؤ بإجابة حاسمة ، خاصة في ظل مجريات بالمنطقة والعالم ، أصبحت خارج التوقعات وأبعد ما يكون عن السيطرة ، ولكن يمكننا طرح الجوانب المختلفة للمشهد في السطور التالية ..
تصاعد الاشتباكات
يخضع جنوب لبنان الذى يشهد توترًا متصاعدًا بين حزب الله وإسرائيل ، لبنود القرار الأممي 1701 الذي نص على وقف الأعمال القتالية وعلى الحدود إثر حرب "تموز 2006 " التي شنتها إسرائيل على لبنان، إلا أن الوضع في الجنوب عاد للاشتعال مرة أخرى بالتزامن مع اندلاع حرب غز ة في السابع من أكتوبر الماضى .
ويغذى القلق من حرب وشيكة في لبنان عدة عوامل، فى مقدمتها تصاعد الاشتباكات وتبادل إطلاق النار بين حزب الله والقوات الإسرائيلية في جنوب لبنان، وإعلان حزب الله تنفيذه هجوماً جوياً بسرب من المسيرات استهدف موقع رأس الناقورة البحرى حيث توجد أماكن للجنود الإسرائيليين.
إضافة إلى تحذيرات دول لرعاياها بعدم السفر إلى لبنان، وحث مواطنيها المتواجدين هناك على العودة في أقرب وقت؛ تجنباً لأى احتمالات للتصعيد في تلك الأرض المسالمة.
في هذا السياق؛ جاء تحذير الكويت لمواطنيها من السفر إلى لبنان، منوهةً بالتطورات الأمنية المتسارعة والخطيرة خاصة جنوب لبنان.
وأهابت كافة مواطنيها المتواجدين هناك بالمغادرة فى أقرب وقت، مشددةً على ضرورة التواصل مع سفارة الكويت في بيروت لتسهيل إجراءات العودة.
هذا بالتزامن م تسريبات أمريكية وإسرائيلية تفيد بأن القوات الإسرائيلية مستعدة لهجوم بري موسع في الجنوب اللبناني.
غزة ..أخرى!
لم تأتِ تلك التحذيرات بمعزل عن الرؤية الأممية للوضع في المنطقة وتحديدًا في لبنان، حيث أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، عن قلقه البالغ إزاء تصاعد التوتر بين إسرائيل وحزب الله، مضيفاً أن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تعمل على تهدئة الوضع ومنع التقديرات الخاطئة.
ووصف جوتيريش شن الحرب على لبنان بـ"الخطوة المتهورة"، وما يترتب عليها من تبعات خطيرة بـ"أنها كارثة تتجاوز الحدود بل وتفوق الخيال".
وتابع جوتيريش تصريحاته قائلاً: "إن شعوب المنطقة وشعوب العالم لا تستطيع تحمل أن يصبح لبنان غزة أخرى".
"اليونيفيل" تعزز مواقعها
في خضم هذا المشهد المرتبك، وتزامناً مع تصاعد التهديدات الإسرائيلية، بدأت تعزيزات قوات اليونيفيل (قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة جنوب لبنان) لبعض مواقعها في الجنوب اللبناني، كما وضعت تحصينات جديدة في عدد من مراكزها بتلك المنطقة.
وكانت اليونيفيل حذرت، فى وقت سابق، من تصعيد المواجهات بين الطرفين على الحدود، ونوهت بأن سوء التقدير قد يؤدي إلى صراع مفاجئ وأوسع.
مساعى وقف التصعيد
بالتوازى، تكثف عدة دول من بينها واشنطن اتصالاتها مع المسؤولين الإسرائيليين للتوصل إلى تهدئة فى الجنوب، وبعد أن قال المبعوث الأمريكي إلى لبنان آموس هوكستين ـ الذى قام بزيارة هذا الأسبوع إلى بيروت وتل أبيب ـ إن محاولات التوصل إلى اتفاق تهدئة باءت بالفشل، أعلن أمس وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن لقاءه مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنجبي ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، في واشنطن.
وقال المتحدث باسم وزير الخارجية الأمريكية ماثيو ميل إن بلينكن شدد على أهمية تجنب تصعيد جديد في لبنان من خلال حل دبلوماسي يسمح للعائلات الإسرائيلية واللبنانية التي نزحت بسبب تبادل إطلاق النار على الحدود، بالعودة إلى ديارها.
ولكن في الوقت نفسه، سبق وأن أكدت الخارجية الأمريكية على صعوبة التوصل لأى تسوية بشأن لبنان بمعزل عن وقف الحرب في غزة.
في الوقت نفسه، تكثف بريطانيا وفرنسا اتصالاتها مع بيروت وتل ابيب، لتجنب الحرب ، وفق صحيفة "الجمهورية" اللبنانية .
المبعوث الأمريكى إلى لبنان آموس
وفي سياق متصل، تصل إلى بيروت الأسبوع المقبل وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك ضمن جولة لها في المنطقة، حيث تصل تل أبيب الاثنين، ثم تتجه إلى لبنان، لإجراء محادثات حول سبل تهدئة الوضع في جبهة جنوب لبنان.
وعلى صعيد متصل، أكدت إسبانيا أنها تعمل مع شركاء دوليين من أجل خفض التصعيد في جنوب لبنان، مؤكدةً ضرورة وقف الحرب في غزة.
وعلى الصعيد نفسه، أعرب الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي عن القلق البالغ جراء التصعيد العسكري في لبنان، داعياً كافة الأطراف المعنية للتحلي بأقصى درجات ضبط النفس لتجنيب المنطقة وشعوبها مخاطر الحرب وتداعياتها، واستنكر إعلان قوات الاحتلال الإسرائيلية عن إقرار خطة لشن هجوم على لبنان، مشدداً على ضرورة تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701 الداعي لوقف كافة العمليات العسكرية في لبنان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة