بيان الأزهر للرد على التشكيك فى السنة والسيرة.. نؤكِّدُ على قيمة "النُّخَب المثقَّفة"ونُحذِّرُ من أن يكون ادعاء "الثقافةِ" أداةً لإلهاء الشعوب عن قضاياها المصيريَّة.. طرقُ التشكيكِ تحمل خطورةً كبيرةً

الأربعاء، 29 مايو 2024 06:30 م
بيان الأزهر للرد على التشكيك فى السنة والسيرة.. نؤكِّدُ على قيمة "النُّخَب المثقَّفة"ونُحذِّرُ من أن يكون ادعاء "الثقافةِ" أداةً لإلهاء الشعوب عن قضاياها المصيريَّة.. طرقُ التشكيكِ تحمل خطورةً كبيرةً الملتقى الفقهي الخامس لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونيَّة
كتب لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ألقى الدكتور نظير محمد عياد ، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة ،والمشرف العام على مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونيَّة، البيان الختامى لمُخرجات في الملتقى الفقهي الخامس لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونيَّة تحت عنوان "منهجيَّة التعامل مع السيرة النبويَّة بيــــن ضوابط التـــجديد وانحرافــــات التشكيك"، وذلك على النحو الآتي:

أولًا: المخرجات:

1) يمتاز التراثُ الإسلاميُّ من بين تراث كلِّ الأديانِ والحضارات، بابتكارِ معاييرَ منهجيَّةٍ لـ «التوثيقِ والتثبُّتِ من صحَّةِ الأخبار والمرويات الشفهيَّة» ونقلِها، ومن ثمَّ نشأت علومُ [التخريجِ ودراسةِ الأسانيد، والعلل]؛ لتكون قانونًا نُميِّزُ به بين «المقبول والمردود، وبين الصحيح والحسن والضعيف والموضوع»، وقد خضعت رواياتُ السيرةِ النبويَّةِ في مرحلةٍ متقدمةٍ لهذا النقد الحديثي، وقد أسهم هذا النقدُ في تمحيص روايات السيرة وتنقيتها من كلِّ شائبةٍ يمكن أن تُشَوِّهَ صورةَ الإسلام الصحيحة.

2) أظهر التراثُ الإسلاميُّ العريقُ، عنايةً فائقةً بضبط (الفهم الموضوعي النزيه) للمسائل والقضايا والظواهر والمشكلات، فنشأت علومُ [أصول الفقه، واللغة، والمنطق]؛ لتكون قانونًا نُميِّزُ به بين المعقول واللامعقول، وبين ما يدلُّ عليه النصُّ: قطعًا أو ظنًّا، صراحةً أو لزومًا، وقد عولجت رواياتُ السيرة في مرحلةٍ متقدمةٍ وفقَ قوانينِ هذه العلوم.

3) وضع العلماءُ حدودًا فاصلةً بين النصِّ الإلهي، والبشري، وميَّزُوا بين مقامي الرسول: (المقدَّس والإنساني) وحفظوا لكلِّ مقامٍ حقَّه وقدره، واعتبروا ذلك من أهمِّ المناهج العلميَّة المنضبطة في دراسة السيرة النبويَّة، وذلك بخلاف الطرح الحداثي الذي اختزل مقامَ الرسول في جانبِهِ البشري، الذي يعتريه ما يعتري كلَّ البشر من (حظوظ النفس والهوى)، لذا نعتبره بذلك يمتهن مقامَ النبوَّة، ويجعل دعاءَ الرسول بينَنا كدعاءِ بعضِنا بعضًا، وهو ما نهى عنه القرآنُ الكريمُ وحذَّرَنا منه.

4) نؤكِّدُ على أهميَّة المنهجيَّةِ العلميَّةِ الصحيحةِ، والتوظيفِ الإيجابيِّ لمناهج البحث والتقصِّي الحديثة في التعامل مع نصوص السيرةِ النبويَّةِ، وحكاياتِ التاريخ الإسلامي، والآثارِ النبويَّة، ونقدِ الروايات المتناقضة أو المشكوكِ في صحَّتها، وفقَ طرقِ النَّقد العلميَّة المعروفة، مع مُراعاةِ السياقِ التاريخي والثقافي لكلِّ روايةٍ؛ شريطةَ أن تلتزم هذه المناهجُ بالثوابتِ الدينيَّةِ والمسلَّماتِ المنهجيَّة.

5) نؤكِّدُ على أنَّ  الآراءَ التي تدَّعي أنَّ القرآنَ الكريمَ يعود لفترةٍ قبلَ النبيِّ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، أو تنسب نشأةَ تراث المسلمين للعصر العباسي، هي آراء متحيِّزةٌ وغيرُ موضوعيَّةٍ. تتناقضُ مع البنية التاريخيَّة لآيات القرآن، كما أنَّ هذه النظريَّةَ صار يقابلها تحدياتٌ وعقباتٌ كبيرةٌ في الدوائر الاستشراقيَّة الغربيَّة، وأظهر الكثيرُ التراجعَ عنها؛ لذا، لا جدوى من استعارتها، وتصديرها للجماهير في الطَّرح الإعلامي لما في ذلك من إثارةِ الجدلِ العقيمِ دون فائدةٍ.

6) نؤكِّدُ على قيمة «النُّخَب المثقَّفة»، ودورِها في «صناعة الوعي وإيقاظ الضمير الحي»، وفي السياقِ نفسِهِ نؤكِّدُ على ضرورة رعاية «الخِبرة والعلم والاختصاص»، وضرورةِ توافرِ «الموضوعيَّةِ والنزاهةِ والمنهج السليم» ، ونُحذِّرُ من أن يكون ادعاء «الثقافةِ» أداةً لإلهاء الشعوب عن قضاياها المصيريَّة، أو أداةً لتشتيت الرأيِ العامِّ العربيِّ عن قضيَّته الأولى وهي (القدس وفلسطين) التي تمرُّ بفترةٍ حَرِجَةٍ من تاريخها، تحتَ وطأةِ الحربِ والحصارِ والاحتلال.

7) طرقُ التشكيكِ في السيرةِ النبويَّةِ والتاريخِ الإسلاميِّ تحمل خطورةً كبيرةً، حيث تُسهمُ في زعزعةِ الإيمان، وتشويهِ القيم والمبادئ التي تقوم عليها الهُويَّةُ الإسلاميَّةُ. وهذه الطرقُ تعتمد على تحليلاتٍ مُتحيِّزةٍ وغير موضوعيَّةٍ تهدف إلى تقويض الثقةِ بالمصادرِ الإسلاميَّةِ الأساسيَّةِ. ومع ذلك، يجب التفريقُ بين التشكيكِ والنقدِ العلميِّ المنهجيِّ السليم، فالنقدُ العلميُّ يستند إلى الأدلَّةِ والمصادرِ الموثوقةِ ويسعى إلى فهمٍ أعمقَ وتوضيحِ الحقائق، بينما يهدفُ التشكيكُ إلى الهدمِ والتشويهِ دون أساسٍ موضوعي.

8) إنَّ الدفاعَ عن (السيرة ومدوَّنات التاريخ الأول)، لا يعني الحكمَ بتصديقِ كلِّ مرويَّاتها، ولكن يعني الحكم بكونها وثائقَ لها أهميَّتُها التاريخيَّةُ في معرفة السَّردِ والترتيبِ الكاملِ للأحداث الإسلاميَّة المبكِّرة، مما يُساعدنا في فهم التصوُّراتِ الإسلاميَّةِ الكبرى بشكلٍ سليمٍ.

ثانيًا: التوصيات:
أولًا: نوصي بضرورة تفعيل حركةِ ترجمةٍ عكسيَّةٍ لكتبِ السيرةِ النبويَّةِ من العربيَّةِ إلى الإنجليزيَّةِ، بهدف تزويدِ المكتبةِ الثقافيَّةِ الأجنبيَّةِ بمصادرَ موثوقةٍ وشاملة. وهذا الجهدُ يُسهِمُ في مواجهة ظاهرةِ الإسلاموفوبيا ومحاولةِ ازدراءِ مقام النبوَّة، من خلال تقديم صورةٍ دقيقةٍ وعلميَّةٍ عن السيرةِ النبويَّةِ والتاريخِ الإسلامي، ممَّا يُعزِّزُ الفهمَ المتبادَلَ ويُقلِّلُ من التأثيراتِ السلبيَّةِ لحركةِ الاستشراق.

   ثانيًا: نوصي بضرورةِ توسيعِ دائرةِ الحوارِ بين مختلِفِ المذاهبِ الفكريَّةِ والإسلاميَّةِ والحداثيَّةِ والتنويريةِ، لتعزيزِ التفاهُمِ وبحثِ القضايا في إطارٍ من الاحترامِ المتبادل، وفقَ منهجيَّةٍ علميَّةٍ معتمدةٍ، بعيدًا عن المساجلاتِ والجدل، وإثارةِ الرأي العامِّ بلا فائدة.

ثالثًا: نوصي بضرورة التعاون والتكامل بين الجميع للعملِ على إطلاقِ مشروعٍ عالميٍّ لتحقيق وتوثيق ونشر كلِّ التراث المخطوط المتعلقِ بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتاريخ الإسلام المبكِّر، وفقًا لمعاييرَ علميَّةٍ صارمةٍ، ممَّا يُسهم في التصدِّي للشُّبهاتِ والشُّكُوكِ المُثارةِ حولها.

رابعًا: نوصي بضرورة تجديدِ درس السيرةِ النبويَّةِ، وذلك من خلال العملِ على تضمينِ موادَّ دراسيَّةٍ مُبسَّطةٍ حول السيرة النبويَّةِ في المناهج التعليميَّة بمختلف المراحلِ الدراسية، مع التركيز على قِيَمِها التربويَّةِ والأخلاقيَّةِ والإنسانيَّةِ.

خامسًا: ندعو جميعَ الفنَّانين والإعلاميِّينَ والصحفيِّينَ والمؤثِّرينَ، للتعاون على إعادة تسويقِ ونشرِ أحداثِ السيرةِ النبويَّةِ بشكلٍ جذَّابٍ، يتضمَّن (الرسوماتِ، والتصميماتِ، والروايةَ، والدراما، والمسرحَ، والشعرَ، والنثرَ-والأفلامَ الوثائقيَّة).

سادسًا: ندعوا الباحثين في التاريخ والدراساتِ الإسلاميَّةِ إلى ضرورة استعراضِ وتحليلِ المناهجِ الحديثةِ التي تُطبِّقُها المؤسَّساتُ الأكاديميَّةُ والدينيَّةُ في دراسة السيرة النبوية، مقارنةً بالمناهج التقليديَّة، مع التركيزِ على كيفيَّةِ مواجهةِ التشكيكِ والانحرافات. والعملِ على مراجعةٍ نقديَّةٍ للأدبيَّاتِ التشكيكيَّةِ في السيرة النبوية، مع تقديم تقييمٍ دقيقٍ للحُجَجِ المُقدَّمةِ وكشفِ الأخطاءِ المنهجيَّةِ والمنطقيَّةِ فيها. كما نوصي بدراسة الأساليبِ والتقنياتِ الحديثةِ التي تُستخدم في تحليل السيرة النبويَّة، مثل التحليل النصي والنقدي والتاريخي والسوسيولوجي، مع تقديم توصياتٍ لتطبيقها بشكلٍ أفضل.

سابعًا: نوصي بضرورةِ إعدادِ (برامجَ ومناهجَ) تعليميَّةٍ مشوِّقةٍ، للأطفال، تعرض تسلسلَ أحداثِ السيرةِ النبويَّةِ بشكلٍ جذَّابٍ، وتُركِّزُ على غرسِ القيمِ الأخلاقيَّةِ والتربويَّةِ، والتعريفِ بالثوابت، وأصولِ الدِّينِ وأهمِّ المعتقدات الإسلاميَّة، وأحكامِ الشريعة، من خلال القصَّة النبويَّة الكريمة، حتى يتمَّ تشكيلُ وعيٍ نظيفٍ وسليمٍ للأطفالِ في المراحل المتقدِّمة، يعصمهُمْ من الأفكارِ المغلوطةِ التي تُثيرُها حملاتُ التشكيك.

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة