مدونة طويلة من المواقف الوطنية فى تاريخ الكنيسة، منذ خطوتها الأولى فى أرض مصر وإلى اليوم، لا تخلو مرحلة زمنية أو حبرية بطريرك من رسالة أو قيمة، حتى أنهم اصطفوا بجانب الدولة فى وجه الحملات الأوروبية رغم أنها رفعت الصليب وادّعت الحرب لأجله، ولقاء ذلك تعرضوا لعقابٍ بالحرمان من زيارة الأراضى المقدسة، كما تحمّلوا مصاعب شتّى كلما أكدوا ثباتهم على عقيدتهم الوطنية. ربما يصعب حصر المحطات المضيئة فى تاريخ الكنيسة القبطية؛ لكن الكثافة والتاريخ الناصع لا يمنعان أن نتذكر بعض الشواهد، تمثيلا وتدليلا وليس من باب الإحاطة والإجمال.
وحمل البابا كيرلس الرابع لقب أبو الإصلاح، وسعى لإنشاء المدارس القبطية العامة والفنية للمصريين جميعا دون تمييز، وكان سابقا لعصره حينما أنشأ أول مدرسة لتعليم البنات عام 1858 مستبقا دعوة قاسم أمين، وسابقا المدرسة السنية بنحو 15 عاما. وكان سبّاقا أيضا بإحضاره مطبعة من الخارج لطبع الكتب ونشر الثقافة، وكانت الثالثة بعد مطبعتى الحملة الفرنسية وبولاق.
وعاصر البابا كيرلس الخامس الثورة العرابية وثورة 1919، وتذكر المراجع أنه كان شديد الوطنية، وطوال حبريته شارك بإيجابية فى كل قضايا الوطن، ورفض عرض اللورد كرومر بوضع الأقباط تحت الحماية البريطانية، ومحاولات اللورد كتشنر لإقناعه بحماية كنيسة إنجلترا، وكان رده: الأقباط والمسلمون منذ أقدم العصور يعيشون جنبا لجنب، يتعايشون معا، ويأكلون من أرض طيبة، ويشربون من نيل واحد، ويتلاحمون فى كل ظروف الحياة، ولن يستغنوا عن بعضهم، ولن نطلب حمايةً إلا من الله ومن مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة