داخل غرفة صغيرة لا يوجد بها سواء مرتبة وبعض الأغراض البسيطة، تعيش بنت في مقتبل عمرها وحيدة بين الأربع جدران، ليس لها ونيس سوي " الراب" فهو سبيلها الوحيد لتخرج ما بداخلها .
"ساره" فتاة تبلغ من العمر ٢٨ عاماً، لم تُقرر حياتها بل فرضت عليها ، لم تريد يوماً أن بنتهي بها الحال وحيدة في غرفة بعيدة عن أهلها وأولادها ولكنها كان مجبرة علي ذلك ، هرباً من مظاهر العنف المختلفة التي كانت تتعرض له منذ طفولتها في بيت أهلها ثم هربًا من طليقها الذي كان العيش معه لا يختلف كثيراً عن بيت والدها .
كانت ساره طفلة محرومة من كل مظاهر الطفولة ، فوالدتها أجبرتها علي ارتداء الحجاب في السادسة من عمرها ثم بعد ذلك بسنوات النقاب ، فحرمت من طفولتها ، وما إن وصلت الي سن ال ١٥ اجبرتها والدتها وخالها علي الجواز .
" ضربوني عشان أكمل الجواز ده " بهذه العبارة المؤلمة عبرت ساره عن زواجها، لدرجة وصلت بها أنها أصبحت كارهه لأي فستان زفاف لأن يذكرها بما حصل لها .
ظنت ساره بعد الانتقال لعش الزوجية إنها ستجد راحتها وحريتها ولكنها واجههت حياة اصعب من قبل ، ولكن قررت الانفصال بعد أن انجبت ٣ أولاد لتعود مره أخري إلى " عش الدبابير " علي حد قولها .
لم يكن رجوع ساره لبيت أهلها بالأمر الهين ولكنها وكما اعتادت طيلة حياتها فهي مجبرة علي جميع الظروف التي توضع بها، وهذه الأم التي لم تحنو عليها قبل الزواج لن تتغير بعد الطلاق فوجدت ساره معاملة أسوأ من قبل لإنها "مطلقة".
فكرت ساره في الهروب من البيت وذهب لجدتها ولكنهم تمكنوا من الوصول اليها، ولكنها لم تيأس وذهبت مرة أخري لإحدي صديقاتها ولكنها لم تسلم من أهلها، فوجئت ساره ذات يوم وهي في منزل صديقاتها بطرقات متتابعة علي أبواب الشقة، لتجد أمها ومعها بعض الأشخاص يريدون أخذها رغماً عنها ولكن هذه المرة ليس للمنزل بل لمستشفي امراض عقلية !
لم تشعر ساره بنفسها إلا وهي علي سرير بمستشفى ومحاطة بفتيات غريبة الشكل ويدور في ذهنها أسئلة لا تستطيع أن تجد إجابة لها، إلي أن أخبرتها أخصائية موجودة بأنها هنا لأنها حاولت الهروب من أهلها والاستقلال عنهم .
لم تستوعب ساره ما تسمعه أذنها، ولم يتردد في ذهنا سوي سؤال واحد فقط " معقول يكون دول أهلي"؟، من هذه اللحظة أدركت أنها لا تتعامل مع أهلها، وقررت أن تتركهم ولكن بعد أن تكون قادرة علي ذلك .
مضي الوقت ، حاولت فيه ساره أن تجمع الأموال لتمكنها من تنفيذ قرارها وذهب للمجلس القومي للمرأة لتروي لهم حجم العنف الذي تعرضت له
وبالفعل ساعدها المجلس علي ذلك وقامت بعمل محاضر عدم تعرض ضد أهلها .
ومن هذه اللحظة أصبحت ساره حره ، خرجت من بيت أهلها واستقلت في منزل تعيش فيه بمفردها ، وبالقرب من أبناءها ولكنها تعاني الوحدة، تشعر بها كلمها وجدت أسرة تحتضن أولادها وهي تجلس وحيدة .
لكن الاستقلال جعلها تشعر بحريتها التي فقدتها، الهدوء الذي حرمت منها ، وأن تغني راب أيضاً وتعبر عن نفسها وذاتها بكلمات تكتبها بنفسها والتي كان أبرزها " ما أملكش حق حتي أعبر "
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة